مرحلة جديدة في تطورالعلاقات الكوردستانية – الروسية/ جودت هوشيار
لمحة تأريخية :
العلاقات التأريخية بين الشعبين الكوردي و الروسي تضرب بجذورها في أعماق التأريخ ، و ثمة شواهد تأريخية تثبت ان الكورد لعبوا دوراً بارزا في تأريخ و ثقافة شعوب ما وراء القفقاس وقد برز منهم قادة عظام و أدباء و شعراء وعلماء يشار اليهم بالبنان .،كما لعب الكورد داخل كوردستان نفسها دوراٌ بارزاً خلال الحروب الروسية – العثمانية والروسية الفارسية . و كان للموقف الكوردي من أطراف الصراع خلال تلك الحروب أهمية كبيرة . وبذلت روسيا القيصرية على وجه الخصوص جهودا كبيرة لأستمالة الكورد الى جانبها ، ونجحت
في ذلك الى حد كبير ، لأن الكورد كانوا يتعاطفون مع روسيا في معظم الأحيان بسبب أضطهاد الأمبراطوريتين العثمانية والفارسية لهم .
وشهدت السنوات اللاحقة للثورة البلشفية في روسيا عام 1917 نهضةحقيقية للكورد السوفييت وبخاصة في مجال التعليم و الثقافة والتطور الأجتماعي ، و تمثلت تلك النهضة في تأسيس أقليم ( كوردستان الحمراء ) وأنشاء المعاهد و المدارس الكوردية وأعداد المدرسين والمعلمين وطبع الكتب الدراسية باللغة الكوردية ووضع أول أبجدية كوردية متكاملة بالحروف اللاتينية في عام 1927 و تطبيقها في المجالات التعليمية و الثقافية وأصدار أول جريدة كوردية ( ريا تازة ) و الكتب الأدبية و تنشيط الترجمة من والى اللغة الكوردية ، و لكن ذلك لم يدم طويلاً ، فقد أجهز ستالين عليها تدريجيا و وبحلول عام 1930 لم يبق أثر لكل تلك الأنجازات ، وتعرض الكورد في السنوات اللاحقة الى مظالم تقشعر لها الأبدان من تهجير و ترحيل ، وقد تم بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي في عام 1956 و في الفترة التي أطلق عليها الكاتب الروسي الشهير ايليا ارنبورغ اسم "ذوبان الثلوج ". ادانة الجرائم الستالينية ورد الأعتبار الى ضحايا النظام الشمولي وبضمنهم الكورد السوفييت .
و تشكل ثورة 14 تموز في العراق مرحلة مهمة من مراحل التطور في شتى جوانب الحياة للكورد السوفييت ، فقد تم في عام 1960، تأسيس قسم مستقل علميا واداريا وماليا للكردولوجيا فى معهد الأستشراق فى لينينغراد ( بطرسبورغ حاليا ) ، بعد ان كانت الدراسات الكردية حتى ذلك الحين جزءا من الدراسات الأيرانية ، وقد شكلت هذه الخطوة نقطة تحول اساسية وحقيقية فى تطور الكردولوجيا فى العهد السوفييتى وضم القسم أفضل وأهم الكردولوجيين الروس والكورد السوفييت ، الذين قدموا فى الأعوام اللاحقة انجازات علمية كبيرة وكثيرة .
و فتحت الجامعات السوفيتية امام الطلبة الكورد من كردستان الجنوبية و هم يشكلون اليوم نخبة ممتازة من العلماء و أساتذة الجامعات و الخبراء في شتى المجالات .
و لا ننسى ان قائد حركة التحرر الكوردية ، البارزاني الخالد و مئات من رفاقه الثوار قد عاشوا حوالي 12 عاما في روسيا و ااجمهوريات السوفيتية الأخرى ، و قد أقترن العشرات من المناضلين الكورد بمواطنات سوفيتيات ، ونشأت اجيال من الأبناء و الأحفاد يرتبطون بعلاقات قرابة مع الروس و شعوب جنوب القفغقاس.
وثمة واقعة ذات دلالات بليغة و معروفة جيدا لدى المثقفين الكورد والكردولوجيون الروس على حد سواء ، تحدث عنها أندريه ساخاروف في مذكراته . حيث يقول :
بعد وفاة ستالين في عام 1953 ، عندما كان البارزاني الخالد مايزال في روسيا ، توجه ذات يوم الى الكرملين و طرق احد ابوابه و عندما سأله الضابط الخفر من الذي يدق الباب قال البارزاني " الشعب الكوردي هو الذي يدق باب الكرملين " و يضيف ساخاروف ، أن الضابط أتصل برئيس الوزراء الروسي في ذلك الحين " مالينكوف " ونقل اليه طلب البارزاني ، فسمح له بالدخول والتحدث الى مالنكوف عن القضية الكوردية . و هذه الرواية هي الأصح ، لأن بعض المصادر التأريخية تذكر أن الذي قابل البارزاني الخالد كان خروشوف . ولا يستبعد أن البارزاني الخالد أجرى مقابلتين احداها مع " مالينكوف " و الأخرى مع " خروشوف ".
واليوم نرى البارزاني الأبن يقوم بزيارة رسمية الى روسيا بصفته رئيسا لأقليم كردستان بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .و هذا الأمر ان دل على شيء فأنما يدل على النضال الطويل الذي خاضه الشعب الكوردي من اجل الأعتراف الدولي بقضيته و زيارة الرئيس مسعود بارزاني يشير الى التقدم الكبير الذي حققه الشعب الكوردي في هذا الأتجاه .
الكورد في روسيا :
بعد تفكك الأتحاد السوفييتي في عام 1991 هاجر عشرات الألوف من كورد القفقاس الى روسيا الأتحادية و يقطن أغلبهم حاليا ً في موسكو العاصمة و مدينة بطرسبورغ و في مقاطعة كراسنودار وغيرها من المناطق الروسية . و لا توجد احصائيات رسمية دقيقة - لأن الأجيال الكوردية الجديدة هي أجيال كوردية – روسية مختلطة ، و لكن التقديرات تشير الى ان عدد
السكان الكورد فى الأتحاد الروسى وفى جمهوريات القفقاز وآسيا الوسطى - هو حوالي مليون نسمة ، يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة .ولهم نشاط سياسى و اقتصادى و أجتماعى و ثقافى كبير و ثمة نواب في البرلمان و رؤساء شركات و اعلاميون و موسيقيون و ادباء و كتاب و فنانين مشهورين و رياضيين حصلوا على اوسمة اولمبية من اصول كوردية قريبة , و يتجلى هذا النشاط في الجمعيات الثقافية الكوردية وفى مجال الأعلام الألكترونى، و يزخر العالم الأفتراضي اليوم بعشرات المواقع الألكترونية الكوردية المتقدمة التى تبث بأحدى اللغتين الكوردية أو الروسية او بكليهما معا ً ، كل ما يتعلق بالشأن الكردى فى روسيا و فى الدول الأخرى . و فى الوقت نفسه تولى أهتماما كبيرا بما يحدث فى الوطن الأم ( كردستان ) بأجزائها الأربعة ، و على الأخص بكل ما يتعلق بــ( كردستان العراق ) . فالكرد فى روسيا قلوبهم مع الشعب الكردى فى الوطن الأم ، و يتابعون بشوق و لهفة كل ما يحدث في اقليم كوردستان .
ومن المواقع الألكترونية المتميزة التى تنقل أخبار أقليم كردستان أولا بأول و تنشر العديد من الدراسات و المقالات التحليلية حول الشأن الكردى ، موقع ( كردستان ) باللغة الروسية ، و هو موقع متطور و شيق ، يلتزم بالمعايير المهنية و الأخلاقية للصحافة الألكترونية الرصينة.
الأهتمام الروسي بأقليم كوردستان :
تبدي القيادة الروسية في الآونة الأخيرة اهتماما كبيرا بتطوير العلاقات الثنائية مع أقليم كوردستان في جميع المجالات - في ضوء التطوارات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وبضمنها العراق وأقليم كوردستان على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة . حيث تسعى روسيا الى أستعادة موقعها السابق في العراق و تطوير علاقاتها المتعددة الأوجه مع الأقليم ، خاصة وان ثمة وشائج تأريخية و أجتماعية و ثقافية بين الشعبين الروسي والكوردي. و ثمة امكانيات كبيرة لتوسيع قاعدة التعاون مع روسيا الأتحادية في مجالات الاقتصاد و التجارة و الثقافة والتعليم و البحث العلمي و السياحة .
وكانت روسيا أول دولة تغتتح قنصلية لها في اربيل و ذلك في عام 2007 ، كما أن العشرات من المستشرقين و الأعلاميين و المئات من السياح الروس زاروا الأٌقليم خلال السنوات الأحيرة ونشروا انطباعاتهم الطيبة عن الشعب الكوردي و عن النهضة ،التي يشهدها الأقليم في كافة مجالات الحياة .
شكلت زيارة رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريماكوف – وهو الخبير الأوسع علماً و دراية بشؤون الشرق الأوسط في روسيا - الى اقليم كوردستان في أيار عام 2008 ، بدعوة من القيادة الكوردية ، خطوة هامة في تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين .
و يرتبط بريماكوف بعلاقات صداقة تأريخية تمتد لعشرات السنين مع القادة الكورد ، حيث لعب دوراً فعالاً في التوصل الى أتفاقية آذار 1970 بين الحكومة العراقية و القيادة الكوردية في ذلك الحين .
و قد لقي بريماكوف ترحيباً حاراً من قبل حكومة و شعب كوردستان و النخب السياسية و العلمية و الثقافية الكوردية على نحو لافت للنظر ، وكان لتصريحه الذي ادلى به خلال الزيارة حول ضرورة ضم محافظة كركوك الى اقليم كورستان ، صدى طيبا في الأوساط السياسية الكوردية ، كما أثار هذا التصريح أهتمام الصحافة العالمية . و كان حفل الأستقبال الذي الذي أقامته القنصبية الروسية في اربيل على شرف بريماكوف ذروة الأحتفاء بصديق قديم للشعب الكوردي .، حيث حضر الأحتفال كبار المسؤولين الكورد و الشخصيات السياسية و العلمية والثقافية الكوردية . و قد كان لنا شرف المشاركة فيه و الترحيب بالضيف الكبير .
الزيارة التأريخية للرئيس بارزاني الى موسكو :
يمكن القول ان الزيارة التي قام بها الرئيس مسعود بارزاني الى روسيا مؤخراُ هي زيارة تأريخية بكل معنى الكلمة و يأمل الجانبان الروسي و الكوردستاني أن تتمخض الزيارة عن آفاق جديدة للتعاون الثنائي البناء في مجالات عديدة . و حسب متابعتنا ، فأن الزيارة حظيت بأهتمام وسائل الأعلام الروسية و العالمية حيث لقي رئيس اقليم كوردستان ترحيباً حاراً من لدن الروس حكومة ً و شعباً وكانت أشبه بمفاجأة سعيدة و مفرحة للكورد في روسيا .
بحث الرئيس بارزني مع القادة الروس وفي مقدمتهم الرئيس فلاديير بوتين العلاقات الثنائية بين الجانبين و قضايا اقليمية و دولية و بخاصة الأحداث الدراماتيكية في سوريا وتداعياتها الحالية و المستقبلية . و كشفت الهيئة الكوردية السورية عشية زيارة الرئيس بارزاني الى روسيا ان
الواقع السوري سيكون أحد محاور مناقشات بارزني مع القادة الروس ،و انه سينقل مطالب كورد سوريا إلى موسكو ، مؤكدة أنه يبذل جهودا لدعم حقوق الشعب الكردي وإحلال السلام ووقف العنف في سوريا، وقال عضو الهيئة سعود الملا إن "رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني سيبحث مع المسؤولين الروس ملف القضية الكردية في سوريا"، مبينا أن "وفدا من الهيئة الكردية السورية اجتمعت الأسبوع الماضي مع بارزاني بهدف نقل مطالبها إلى موسكو". وأضاف الملا إن "بارزاني يحرص على الحقوق الكردية ووحدة الصف الكردي في سوريا فضلا عن جهوده في إحلال السلام ووقف العنف"، مؤكدا أن "إقليم كردستان يؤدي دورا مهماً لمساندة الشعب السوري".
آفاق جديدة للتعاون بين روسيا و أقليم كوردستان :
ثمة آفاق رحبة للتعاون الروسي – الكوردي في مجال أستكشاف و أستخراج النفط و الغاز والمصادر المعدنية الأخرى . اما في المجال الصناعي و التجاري .- حسب الخبراء الروس -فأن البيئة الأستثمارية في الأقليم جيدة ومغرية و تأمل الشركات الروسية في الحصول علي عقود لبناء محطات توليد الطاقة الكهربائية الهيدروليكية و الحرارية و انشاء السكك الحديد ومصانع للتعدين و انتاج السمنت و غيرها من الصناعات التي تمس الحاجة اليها في الأقليم .
كما ان ثمة مجالات رحبة للتعاون في مجالات التعليم العالي و البحث العلمي و التنقيب عن الآثار و الثقافة و الفنون و الرياضة .
ويتوقع ان تشهد الأسابيع و الأشهر القليلة القادمة حضوراُ متميزا للمستثمرين ورجال الأعمال الروس في الأقليم و تبادلا ثقافيا مع روسيا تشمل تخصيص مقاعد دراسية للطلبة الكورد للدراسة في الجامعات الروسية و القيام بالزيارات العلمية لأساتذة الجامعات و التعرف على النظام التربوي و التعليمي الروسي و عقد الندوات وتقديم العروض الموسيقية و الفنية و تنشيط السياحة بين الجانبين . و البدء برحلات الطيران المباشرة بين موسكو و أربيل .
جودت هوشيار
jawhoshyar@yah00.com
العلاقات التأريخية بين الشعبين الكوردي و الروسي تضرب بجذورها في أعماق التأريخ ، و ثمة شواهد تأريخية تثبت ان الكورد لعبوا دوراً بارزا في تأريخ و ثقافة شعوب ما وراء القفقاس وقد برز منهم قادة عظام و أدباء و شعراء وعلماء يشار اليهم بالبنان .،كما لعب الكورد داخل كوردستان نفسها دوراٌ بارزاً خلال الحروب الروسية – العثمانية والروسية الفارسية . و كان للموقف الكوردي من أطراف الصراع خلال تلك الحروب أهمية كبيرة . وبذلت روسيا القيصرية على وجه الخصوص جهودا كبيرة لأستمالة الكورد الى جانبها ، ونجحت
في ذلك الى حد كبير ، لأن الكورد كانوا يتعاطفون مع روسيا في معظم الأحيان بسبب أضطهاد الأمبراطوريتين العثمانية والفارسية لهم .
وشهدت السنوات اللاحقة للثورة البلشفية في روسيا عام 1917 نهضةحقيقية للكورد السوفييت وبخاصة في مجال التعليم و الثقافة والتطور الأجتماعي ، و تمثلت تلك النهضة في تأسيس أقليم ( كوردستان الحمراء ) وأنشاء المعاهد و المدارس الكوردية وأعداد المدرسين والمعلمين وطبع الكتب الدراسية باللغة الكوردية ووضع أول أبجدية كوردية متكاملة بالحروف اللاتينية في عام 1927 و تطبيقها في المجالات التعليمية و الثقافية وأصدار أول جريدة كوردية ( ريا تازة ) و الكتب الأدبية و تنشيط الترجمة من والى اللغة الكوردية ، و لكن ذلك لم يدم طويلاً ، فقد أجهز ستالين عليها تدريجيا و وبحلول عام 1930 لم يبق أثر لكل تلك الأنجازات ، وتعرض الكورد في السنوات اللاحقة الى مظالم تقشعر لها الأبدان من تهجير و ترحيل ، وقد تم بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي في عام 1956 و في الفترة التي أطلق عليها الكاتب الروسي الشهير ايليا ارنبورغ اسم "ذوبان الثلوج ". ادانة الجرائم الستالينية ورد الأعتبار الى ضحايا النظام الشمولي وبضمنهم الكورد السوفييت .
و تشكل ثورة 14 تموز في العراق مرحلة مهمة من مراحل التطور في شتى جوانب الحياة للكورد السوفييت ، فقد تم في عام 1960، تأسيس قسم مستقل علميا واداريا وماليا للكردولوجيا فى معهد الأستشراق فى لينينغراد ( بطرسبورغ حاليا ) ، بعد ان كانت الدراسات الكردية حتى ذلك الحين جزءا من الدراسات الأيرانية ، وقد شكلت هذه الخطوة نقطة تحول اساسية وحقيقية فى تطور الكردولوجيا فى العهد السوفييتى وضم القسم أفضل وأهم الكردولوجيين الروس والكورد السوفييت ، الذين قدموا فى الأعوام اللاحقة انجازات علمية كبيرة وكثيرة .
و فتحت الجامعات السوفيتية امام الطلبة الكورد من كردستان الجنوبية و هم يشكلون اليوم نخبة ممتازة من العلماء و أساتذة الجامعات و الخبراء في شتى المجالات .
و لا ننسى ان قائد حركة التحرر الكوردية ، البارزاني الخالد و مئات من رفاقه الثوار قد عاشوا حوالي 12 عاما في روسيا و ااجمهوريات السوفيتية الأخرى ، و قد أقترن العشرات من المناضلين الكورد بمواطنات سوفيتيات ، ونشأت اجيال من الأبناء و الأحفاد يرتبطون بعلاقات قرابة مع الروس و شعوب جنوب القفغقاس.
وثمة واقعة ذات دلالات بليغة و معروفة جيدا لدى المثقفين الكورد والكردولوجيون الروس على حد سواء ، تحدث عنها أندريه ساخاروف في مذكراته . حيث يقول :
بعد وفاة ستالين في عام 1953 ، عندما كان البارزاني الخالد مايزال في روسيا ، توجه ذات يوم الى الكرملين و طرق احد ابوابه و عندما سأله الضابط الخفر من الذي يدق الباب قال البارزاني " الشعب الكوردي هو الذي يدق باب الكرملين " و يضيف ساخاروف ، أن الضابط أتصل برئيس الوزراء الروسي في ذلك الحين " مالينكوف " ونقل اليه طلب البارزاني ، فسمح له بالدخول والتحدث الى مالنكوف عن القضية الكوردية . و هذه الرواية هي الأصح ، لأن بعض المصادر التأريخية تذكر أن الذي قابل البارزاني الخالد كان خروشوف . ولا يستبعد أن البارزاني الخالد أجرى مقابلتين احداها مع " مالينكوف " و الأخرى مع " خروشوف ".
واليوم نرى البارزاني الأبن يقوم بزيارة رسمية الى روسيا بصفته رئيسا لأقليم كردستان بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .و هذا الأمر ان دل على شيء فأنما يدل على النضال الطويل الذي خاضه الشعب الكوردي من اجل الأعتراف الدولي بقضيته و زيارة الرئيس مسعود بارزاني يشير الى التقدم الكبير الذي حققه الشعب الكوردي في هذا الأتجاه .
الكورد في روسيا :
بعد تفكك الأتحاد السوفييتي في عام 1991 هاجر عشرات الألوف من كورد القفقاس الى روسيا الأتحادية و يقطن أغلبهم حاليا ً في موسكو العاصمة و مدينة بطرسبورغ و في مقاطعة كراسنودار وغيرها من المناطق الروسية . و لا توجد احصائيات رسمية دقيقة - لأن الأجيال الكوردية الجديدة هي أجيال كوردية – روسية مختلطة ، و لكن التقديرات تشير الى ان عدد
السكان الكورد فى الأتحاد الروسى وفى جمهوريات القفقاز وآسيا الوسطى - هو حوالي مليون نسمة ، يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة .ولهم نشاط سياسى و اقتصادى و أجتماعى و ثقافى كبير و ثمة نواب في البرلمان و رؤساء شركات و اعلاميون و موسيقيون و ادباء و كتاب و فنانين مشهورين و رياضيين حصلوا على اوسمة اولمبية من اصول كوردية قريبة , و يتجلى هذا النشاط في الجمعيات الثقافية الكوردية وفى مجال الأعلام الألكترونى، و يزخر العالم الأفتراضي اليوم بعشرات المواقع الألكترونية الكوردية المتقدمة التى تبث بأحدى اللغتين الكوردية أو الروسية او بكليهما معا ً ، كل ما يتعلق بالشأن الكردى فى روسيا و فى الدول الأخرى . و فى الوقت نفسه تولى أهتماما كبيرا بما يحدث فى الوطن الأم ( كردستان ) بأجزائها الأربعة ، و على الأخص بكل ما يتعلق بــ( كردستان العراق ) . فالكرد فى روسيا قلوبهم مع الشعب الكردى فى الوطن الأم ، و يتابعون بشوق و لهفة كل ما يحدث في اقليم كوردستان .
ومن المواقع الألكترونية المتميزة التى تنقل أخبار أقليم كردستان أولا بأول و تنشر العديد من الدراسات و المقالات التحليلية حول الشأن الكردى ، موقع ( كردستان ) باللغة الروسية ، و هو موقع متطور و شيق ، يلتزم بالمعايير المهنية و الأخلاقية للصحافة الألكترونية الرصينة.
الأهتمام الروسي بأقليم كوردستان :
تبدي القيادة الروسية في الآونة الأخيرة اهتماما كبيرا بتطوير العلاقات الثنائية مع أقليم كوردستان في جميع المجالات - في ضوء التطوارات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وبضمنها العراق وأقليم كوردستان على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة . حيث تسعى روسيا الى أستعادة موقعها السابق في العراق و تطوير علاقاتها المتعددة الأوجه مع الأقليم ، خاصة وان ثمة وشائج تأريخية و أجتماعية و ثقافية بين الشعبين الروسي والكوردي. و ثمة امكانيات كبيرة لتوسيع قاعدة التعاون مع روسيا الأتحادية في مجالات الاقتصاد و التجارة و الثقافة والتعليم و البحث العلمي و السياحة .
وكانت روسيا أول دولة تغتتح قنصلية لها في اربيل و ذلك في عام 2007 ، كما أن العشرات من المستشرقين و الأعلاميين و المئات من السياح الروس زاروا الأٌقليم خلال السنوات الأحيرة ونشروا انطباعاتهم الطيبة عن الشعب الكوردي و عن النهضة ،التي يشهدها الأقليم في كافة مجالات الحياة .
شكلت زيارة رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريماكوف – وهو الخبير الأوسع علماً و دراية بشؤون الشرق الأوسط في روسيا - الى اقليم كوردستان في أيار عام 2008 ، بدعوة من القيادة الكوردية ، خطوة هامة في تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين .
و يرتبط بريماكوف بعلاقات صداقة تأريخية تمتد لعشرات السنين مع القادة الكورد ، حيث لعب دوراً فعالاً في التوصل الى أتفاقية آذار 1970 بين الحكومة العراقية و القيادة الكوردية في ذلك الحين .
و قد لقي بريماكوف ترحيباً حاراً من قبل حكومة و شعب كوردستان و النخب السياسية و العلمية و الثقافية الكوردية على نحو لافت للنظر ، وكان لتصريحه الذي ادلى به خلال الزيارة حول ضرورة ضم محافظة كركوك الى اقليم كورستان ، صدى طيبا في الأوساط السياسية الكوردية ، كما أثار هذا التصريح أهتمام الصحافة العالمية . و كان حفل الأستقبال الذي الذي أقامته القنصبية الروسية في اربيل على شرف بريماكوف ذروة الأحتفاء بصديق قديم للشعب الكوردي .، حيث حضر الأحتفال كبار المسؤولين الكورد و الشخصيات السياسية و العلمية والثقافية الكوردية . و قد كان لنا شرف المشاركة فيه و الترحيب بالضيف الكبير .
الزيارة التأريخية للرئيس بارزاني الى موسكو :
يمكن القول ان الزيارة التي قام بها الرئيس مسعود بارزاني الى روسيا مؤخراُ هي زيارة تأريخية بكل معنى الكلمة و يأمل الجانبان الروسي و الكوردستاني أن تتمخض الزيارة عن آفاق جديدة للتعاون الثنائي البناء في مجالات عديدة . و حسب متابعتنا ، فأن الزيارة حظيت بأهتمام وسائل الأعلام الروسية و العالمية حيث لقي رئيس اقليم كوردستان ترحيباً حاراً من لدن الروس حكومة ً و شعباً وكانت أشبه بمفاجأة سعيدة و مفرحة للكورد في روسيا .
بحث الرئيس بارزني مع القادة الروس وفي مقدمتهم الرئيس فلاديير بوتين العلاقات الثنائية بين الجانبين و قضايا اقليمية و دولية و بخاصة الأحداث الدراماتيكية في سوريا وتداعياتها الحالية و المستقبلية . و كشفت الهيئة الكوردية السورية عشية زيارة الرئيس بارزاني الى روسيا ان
الواقع السوري سيكون أحد محاور مناقشات بارزني مع القادة الروس ،و انه سينقل مطالب كورد سوريا إلى موسكو ، مؤكدة أنه يبذل جهودا لدعم حقوق الشعب الكردي وإحلال السلام ووقف العنف في سوريا، وقال عضو الهيئة سعود الملا إن "رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني سيبحث مع المسؤولين الروس ملف القضية الكردية في سوريا"، مبينا أن "وفدا من الهيئة الكردية السورية اجتمعت الأسبوع الماضي مع بارزاني بهدف نقل مطالبها إلى موسكو". وأضاف الملا إن "بارزاني يحرص على الحقوق الكردية ووحدة الصف الكردي في سوريا فضلا عن جهوده في إحلال السلام ووقف العنف"، مؤكدا أن "إقليم كردستان يؤدي دورا مهماً لمساندة الشعب السوري".
آفاق جديدة للتعاون بين روسيا و أقليم كوردستان :
ثمة آفاق رحبة للتعاون الروسي – الكوردي في مجال أستكشاف و أستخراج النفط و الغاز والمصادر المعدنية الأخرى . اما في المجال الصناعي و التجاري .- حسب الخبراء الروس -فأن البيئة الأستثمارية في الأقليم جيدة ومغرية و تأمل الشركات الروسية في الحصول علي عقود لبناء محطات توليد الطاقة الكهربائية الهيدروليكية و الحرارية و انشاء السكك الحديد ومصانع للتعدين و انتاج السمنت و غيرها من الصناعات التي تمس الحاجة اليها في الأقليم .
كما ان ثمة مجالات رحبة للتعاون في مجالات التعليم العالي و البحث العلمي و التنقيب عن الآثار و الثقافة و الفنون و الرياضة .
ويتوقع ان تشهد الأسابيع و الأشهر القليلة القادمة حضوراُ متميزا للمستثمرين ورجال الأعمال الروس في الأقليم و تبادلا ثقافيا مع روسيا تشمل تخصيص مقاعد دراسية للطلبة الكورد للدراسة في الجامعات الروسية و القيام بالزيارات العلمية لأساتذة الجامعات و التعرف على النظام التربوي و التعليمي الروسي و عقد الندوات وتقديم العروض الموسيقية و الفنية و تنشيط السياحة بين الجانبين . و البدء برحلات الطيران المباشرة بين موسكو و أربيل .
جودت هوشيار
jawhoshyar@yah00.com
0 comments:
إرسال تعليق