رَغَوَاتُ دَاءِ الفَرْجَارِ/ مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة


1

الرَّسَامُ بِالكَلِمَاتِ؛ يَهْجُرُ كُلَّ شَيْءٍ، إِلاَّ اليَرَاعَ الفُرْشَاةَ، وَالأَلْوَانَ الأُفُقَ، وَالقِمَاشَ الإِيقَاعَ، أَمَّا الأَوْرَاقُ الإِطَارَاتُ، فَيُجَنِّحُهَا إِلَى حَيْثُ شَاءَتْ .


2

يُحَاوِلُهَا، الآنَ، تَحْلِيلاً إِلَى عَنَاصِرِهَا المَنْبُوذَةِ.


3

مَا مِنْ حَاجَةٍ إِلَى تَفْتِيشِ بِطَانَةِ صَدْرِهَا، فَزُجَاجُهُ أَقَرَّ، مِنْ قَبْلُ، قَلْبًا أَطْفَأَتْهُ بِرَغَوَاتِ دَاءِ الفَرْجَارِ، وَعَلَّقَتْ ضَحَايَاهُ عَلَى صَلِيبِ ظَهْرِهِا بِوَقَاحَةٍ لَمْ تَزَلْ تَتَنَامَى مَثِيلَ لَبْلاَبَةٍ مُهْمَلَةٍ.


4

المَرْأَةُ المُرَوِّضَةُ عَادَتْ تُطْلِقُ صَفِيرَ عَيْنَيْهَا بِاتِّجَاهٍ جَدِيدٍ، فَكَهْرَبَاءُ وَحْدَتِهَا؛ فَخٌّ فَاحِشٌ بِهَيْئَةِ حُزْنٍ مُدْمَعٍ. سَائِبَةً، الآنَ، تَخْرُجُ مِنَ انْشِطَارِ الرَّسَامِ شِرْيَانًا بَيْنَ جُرْحَيْنِ قَصِيَّيْنِ.


5

دَوْرٌ مُكَرَّرٌ؛ أَحَدٌ مَا آخَرُ يَشُدُّهُ التَّأْنِيثُ المُجْتَرُّ مِرَارًا إِلَى انْهِيَارِ حَظِيرَتِهَا البَائِسَةِ كُلًّا، وَقَبْلَ انْسِكَابِ سِيَاجِهَا المَرِيضِ.


6

المُسْتَهْلِكَةُ- المُسْتَهْلَكَةُ؛ صُرَاخُ نَارَاتِهَا أَعْلَى وَأَبْعَدَ رَأْسًا مِنْ قَدَاسَةِ جَسَدِ الأَلَمِ، وَحَيْثُ لاَ رَقِيبَ.


7

نَافِذَتُهَا مَفْتُوحَةٌ إِلِكْتِرُونِيًّا/
حَاضِرَةٌ هِيَ بِضَمِيرٍ غَائِبٍ.


8

الخِيَانَةُ؛ أَبَدًا لاَ يُمْكِنُهَا قَطْعَ دَوْرَتِهَا الشَّبَقِيَّةِ، عَنْ قَضْمِ جَزَرِ الشَّهَوَاتِ العَابِرَةِ، بِتَمْثِيلِ أَرْنَبَةٍ تَتَعَاذَرُ.


9

بَيْتُهَا فَارِغٌ مِثْلُهَا.
عُزْلَتُهَا مَلِيئَةٌ أَجْنِحَةً عَارِيَةً.
غُرْفَتُهَا فَضَاءٌ مُغَلَّقٌ عَلَى عُيُوبٍ وَثِيرَةٍ.


10

أَفْكَارُهَا شِرِّيرَةٌ، تُطْلِقُهَا غِرْبَانَ لَهْثٍ يَذُوبُ عَلَى تَمَدُّدِ جِلْدِهَا الجَافِّ؛ هذَا الَّذِي تُزِيلُ زَغَبَهُ دَائِمًا، لَعَلَّ وَعَسَى.


11

يَبْدُو أَنَّ ثَمَّ مَارِقًا مَا، سَيُرِيحُ تَوَهُّجَهُ بِقِرَاءَةِ تَشَنُّجَاتِ فِنْجَانِهَا المَسْحُوبِ مِنْ لِسَانِهِ، بَعْدَ أَنْ تَرْتَعِشَ بِالبَصْقِ عَلَيْهِ.


12

لَمْ تَزَلْ صُورَتُهَا المُشَوَّشَةُ تَعْكِسُ تَعَرُّجَ فِضَّةٍ فَظَّةٍ. تَحَوَّلَ قَلَمُ الرَّسَامِ عَصًا؛ يُهَشِّمُ بِهَا كُلَّ مَا يَعْلَقُ بِصَفَاءِ لَوْحَتِهِ مِنْ أَدْرَانَ مُدَجَّنَةٍ بِانْفِلاَتَاتِهَا السَّلِسَةِ.


13

حَتَّى لَوِ اسْتَطَاعَ تَجْمِيدَ أَعْضَائِهَا، سَيَبْقَى شَيْءٌ صَغِيرٌ، بِحَجْمِ دُودَةٍ؛ دُودَتِهَا، يُشِيرُ مَثِيلَ بَوْصَلَةٍ إِلَى جِهَةِ الشَّرَاهَةِ.


14

المَرْأَةُ المِنْظَارُ، بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، لَنْ تَرَى أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ سَاقَيِّ الفَرْجَارِ.


15

لَنْ يُكَرِّرَ، أَبَدًا، إِشْعَالَ لَوْنِهَا المُرَمَّدِ، فَالرَّسَامُ بِالكَلِمَاتِ يَسْتَعِيدُ، بِأُنْثَى صَحْوَتِهِ، غِشَاءَ بَرَاءَتِهِ.


* شاعر وكاتب ومترجم.
m.h.risha@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: