ثقافة الإحتلال/ أسعد البصري

كل واحد منا شاهد على عصره . لا أكتب لترضى عني حضرة جنابك ، بل أكتب لأن الجسد لم يعد يستطيع حمل هذه الشظايا القديمة . إنها الحرب في جسدنا والشظايا التي بنى عليها اللحم .الشظايا تتحرك والسكاكين الرحيمة المعقمة تلاحقها . شظايا قريبة من القلب ، شظايا قريبة من الدماغ ... وشظايا ذابت في دمي .

إن الكتابات المهمة هي نتاج فترات طويلة من الإكتآب . قد تكون مستمرة و قد تكون متقطعة ، هذه العملية غالبا ما تكون مدمرة للجسد وللأسرة .العقل السليم في الجسم السليم حين لا يكون هناك ما تكتبه . لعل المرض هو أعظم فقيه للإبداع . إن الفخ الإجتماعي والعافية والمصالح هو أكبر كابح للعقل والحرية واللغة .

ثقافة الإحتلال تمتلك خبراء مخابراتيين لهذا عملوا على ترويج صورة الكتابة القطيعية . ثقافة الجوائز والحفلات والدروع والتعليقات . كان ذلك المنعطف خطيرا حقاً . ولم ينتج سوى الغباء وانحطاط الإنسان . ربما الديمقراطية تعني التصويت على شاعر لهذا وبكل بساطة يصبح عباس چيچان أهم من المعري . كانت سلطة الإحتلال تعمل على تخفيف بركة الثقافة ، بإضافة الماء الرديء من الجهلة والمرتزقة و عديمي الموهبة إليها . هكذا و بدلا من تجفيفها بالوسائل القمعية المعتادة ، تحولت الثقافة إلى حظيرة مزدحمة ( فسد الملح ) و توقف العقل فأصبح الإنحطاط يطفح باللغو . ذلك اللغو الذي بلغ مداه حين رأينا جميعا كيف أن عباقرة الغوغاء صاروا يعطون رأيا بموهبة سعدي يوسف و كتاباته .
الأمر الذي دفعني شخصيا و دفع آخرين إلى ترك كل شيء والتفرغ لهذه الكارثة . الدفاع عن أهم شاعر عراقي حيّ ضد البرابرة .
بعد مئة عام سيذكر التاريخ بدر شاكر السياب المبدع الرائد الذي فجر الشعر العمودي المهيمن منذ الجاهلية حتى خمسينات القرن الماضي . هذا إبداع و ثورة و حرية تاريخية كبيرة في ثقافة عربية مقدسة ، كذلك سيذكر التاريخ مواقف سعدي يوسف الوطنية والإنسانية . يذكر له إبداعه الشعري الحداثي الذي حرر الشعر الحر من قيد القافية ، بل هو الرائد الذي أدخل الشعر العربي مساحات معاصرة نابضة بالحياة . إن ثقافة الإحتلال تجف غدرانها و تخرس ضفادعها فلتتمجد ثورة الأنبار العظي

CONVERSATION

0 comments: