الكوميديا السوداء.. المصريون يحرقون مصر/ مجدى نجيب وهبة

** أتذكر أنه كان هناك برنامج تليفزيونى عنوانه "أين تذهب هذا المساء" .. وكان هذا البرنامج يرشح للمشاهد بعض الأماكن الساحرة فى مصر .. من مسرح ، لدار عرض سينمائى ، لحفل على ضفاف النيل تقدمه إحدى البواخر السياحية .. وكانت القاهرة تتلألأ بالأنوار التى تعكس جمالها فوق سطح النيل ..
** الأن .. إختفى هذا البرنامج ، وإختفت القاهرة .. وإنطفأت الأضواء .. وإنهار المسرح والسينما .. ولم نعد نتابع على تليفزيون مصر والقنوات الخاصة إلا بعض البرامج الساذجة المفتعلة ، وحوادث الإرهاب فى مصر ..
** الأن .. إنقسم الشعب المصرى ، البعض يفضل أن يكون غبيا ، والبعض الأخر وهم كثيرون ، يعيشون فى غيبوبة مستمرة .. أقصى ما يتطلعون إليه هو الجلوس على مقهى ، يحتسون كوبا من الشاى أو فنجانا من القهوة ، أو مشروبا مثلجا ، أو يدخنون الشيشة .. فى النهاية هم أدمنوا الجلوس على المقهى .. ولم يعدوا يهتموا بما يدور حولهم .. ولا فرق عندهم بين محمد مرسى أو جمال عبد الناصر ..
** وهناك جزء أخر من الشعب أدمنوا الخروج للتسوق .. فالمحلات ممتلئة بالزبائن ، والجميع يمارسون حياتهم بصورة طبيعية .. فهناك أسرة ترافق إبنتهم لشراء ما يلزمها للإستعداد للزفاف .. وأسرة أخرى تستعرض أحدث الموديلات المعروضة .. والكل فى الطراوة ..
** وإذا وجدوا مظاهرة فى الطريق .. تجدهم يأخذون جنبا بعيدا عن التجمعات .. وهم يتساءلون "هو فيه إيه ؟؟؟!!!..."
** جزء أخر يجد هوايته وإستمتاعه فى قيادة السيارة .. فنجد الشوارع ممتلئة بالسيارات على أخرها .. ولا نجد موطئ لسيارة يمكن أن تسير بصورة طبيعية دون تكدس مرورى .. رغم الإعلان الدائم عن نقص فى البنزين والسولار ، وإرتفاع أسعار المعيشة ، ونسبة البطالة .. وهو ما يجعلك تتساءل ، إذا كان كل الشعب يمتلكون سيارات ، وكل الطرق مكدسة .. فأين هى المشكلة ؟ .. وأين هى الشكوى ؟ .. وكيف نقول أن هناك إقتصاد ينهار ، بينما الجميع يمتلكون سيارات ، ويحملون موبايلات ، ويسددون مبالغ مأهولة من دخولهم .. بصراحة .. نحن فى بلد العجائب !!!!!!.....
** أما الواقع والحقيقة .. فإن الدولة تنهار .. وهذا واضح من الأرقام التى لا تكذب ولا تتجمل .. فلا يوجد إقتصاد ، ولا توجد سياحة ، والتهديد بالمجاعة على الأبواب ، وأثيوبيا تهدد بنقص حصة مصر من الماء ، وتناقص منسوب النيل ، والأفران مهددة بالتوقف نتيجة نقص السولار ، ونقص مخزون الدقيق .. إنهار الأمن ، والبلطجية يحكمون الشارع المصرى .. وإستطاع الإخوان أن يسرقوا الوطن .. ومع ذلك الجميع فى الطراوة .. والجميع يحرقون الوطن !!!...
** الجميع يتحدث عن وجود ثورة .. وعندما تلتفت حولك ، لا تجد ثورة ولا يحزنون .. بل نجد سقوط وإنهيار فى كل شبر فى أرض مصر ..
** بالأمس .. ذهب عضو مجلس الشعب السابق "محمد أبو حامد" إلى الأسكندرية ، لتقديم واجب العزاء ، فى المرحوم "د.محمد يسرى سلامة" .. بمسجد القائد إبراهيم بالأسكندرية ، وهو أحد أعضاء التيار السلفى ، ولكنه يتمتع بقدر هائل من الإحترام والتقدير .. مما جعل الكثيرين يحزنون لوفاته .. وما أن دخل النائب السابق لسرادق العزاء إلا وإندفع البعض فى محاولة للإعتداء عليه ، وعلى سيارته .. وقد إتهموه بخيانة الثورة والقوى الثورية والسياسية .. والوقوف فى صفوف من وصفوهم بفلول النظام السابق .. رغم مواقف النائب السابق من جماعة الإخوان المتأسلمين التى عبر عنها فى كل تصريحاته أو زياراته الميدانية ..
** وأتساءل ، هل هؤلاء هم مصريون أم إخوان متأسلمين .. يرتدون أقنعة لجرجرة البسطاء فى صراع وهمى مع الإخوان المسلمين لينتهى بإنتصار الإخوان ، وتمكينهم من مفاصل الدولة ..
** لمصلحة من يعملون هؤلاء ؟ .. وهل مازلنا نروج للغباء والبلاهة .. ونحن نتحدث عن جزء كبير من الشعب المصرى الصابر والصامت ، ونصفهم بالفلول كما يروج جماعة الإخوان الكذابون لذلك .. وصدقهم البلهاء والأغبياء أن هناك فلول ، وفلول بشرطة ، وفلول بجرار ، وفلول بالسولار ، وفلول على المحور .. ونتساءل ، أي فلول تتحدثون عنهم .. الفلول هم كل من يدمر فى مصر ويتحالف مع أمريكا ويجلس على مائدة المفاوضات مع قطر وإيران وأفغانستان .. لأن الأخيرة هى المأوى الدولى لتنظيم القاعدة والإرهاب ..
** بالأمس دار حوار بين "وائل الإبراشى" مقدم برنامج "العاشرة مساء" على قناة دريم .. وبين الفنانة "رغدة" .. وكان الحوار حول الوضع الراهن فى سوريا .. وقد بدت الفنانة "رغدة" حزينة على ما آلت إليه سوريا .. ودافعت "رغدة" عن نظام "بشار الأسد" ، واصفة المعارضة بأنهم عصابات وجماعات إرهابية ومرتزقة .. ويبدو أنها تناست أن السيناريو الذى يحدث الأن فى سوريا .. هو نفس ما حدث فى مصر ، والذى دبرته أمريكا فى كل من الدولتين ..
** وتناست الفنانة رغدة أنها ظلت تهتف ضد مبارك لإسقاطه ، ومكثت بالتحرير فى تواجد مستمر وسط المتظاهرين .. فهل كانت لا تعلم أن من كان بالتحرير بعد 25 يناير هم إخوان مسلمين وسلفيين وفوضويين .. يقودهم الشيطان الأمريكى "أوباما" .. تحالفوا جميعا لإسقاط مصر .. فلماذا تبكين الأن على سوريا؟ .. ألم تصفقى لمن أسقطوا مصر !!!..
** أما الأخ "وائل الإبراشى" .. فيبدو أنه لم يستوعب الدرس حتى الأن .. ومازال يتحدث عن موقفه ودعمه لسقوط بشار الأسد ، وجيش سوريا .. وهو يحذر رغدة ويذكرها بأن هناك بحور من الدماء .. نفس الأسلوب واللغة والكلمات التى إستخدمت ونفخت فيها أمريكا والإخوان .. "الدم – الشهداء – القصاص" .. حتى أسقطوا مصر ودمروها !!..
** والأن .. هناك مئات من القتلى بتحريض مباشر من رئيس الدولة ، وبالصوت وبالصورة والمستندات .. ولكن يبدو أن الجميع صامتون ، فلم نعد نسمع عن كلمة القصاص إلا نادرا .. فهل هذا هو الشعب المصرى الذى تحالف لإسقاط وحرق مصر !!..
** يبدو أننا أصبحنا فى زمن اللادولة .. والمسخ .. والفوضى .. والإخوان .. والبلطجية .. فالمؤسسات تحاصر ، والقضاء يحاصر ، والإعلام يحاصر ، والشرطة تحاصر .. ولا يتحرك النائب العام للقبض على الجناة إلا فى البلاغات المقدمة فقط من حزب الحرية والعدالة ضد الشعب الذى أصابه الحول والصمت والعجز ..
** هناك العديد من القنوات الفضائية والبرامج السياسية .. التى مازالت تستضيف بعض أعضاء جماعة الإخوان الكذابون ، الذين يملكون قدرة عجيبة على الكذب .. فيظلون يكررون أن من سقط فوق أسوار الإتحادية هم من أفراد الإخوان المسلمين .. وعددهم 10 أفراد .. والكارثة أنهم يكذبون ويصدقون أنفسهم .. فتناسوا هؤلاء الكذابون الشهيد "الحسينى أبو ضيف" الصحفى .. وشهيد مسيحى أخر .. وشهيد أخر حاول الإخوان أن يساوموا والده ، ليعلن أن إبنه ينتمى للجماعات الإسلامية ، وهو ما رفضه والد الشهيد .. وأعلن ذلك فى كل وسائل الإعلام .. ومع ذلك يكذبون ويكذبون ويكذبون .. ومازالت القنوات الفضائية تفتح لهم أبوابها ..
** أما الكارثة الكبرى .. فهى ما يفعله النائب العام لجماعة الإخوان المسلمين من التسهيل بالقبض على كل المعارضين ، بعد إشارة الضوء الأخضر من رئيس الجماعة "محمد مرسى العياط" .. وللأسف يبدو أن القضاء إستسلم لوجود هذا النائب العام المزور .. ويبدو أنهم تغاضوا عن وجوده ، بعد أن أعلنوا أكثر من مرة عن عقد إجتماع طارئ ، لينتهى كل شئ إلى لا شئ ...
** ونظل صامتين .. مستسلمين بحرق الوطن .. ونترك الذئاب والأفاعى تلتهم فى الشعب .. والشعب مغيب بين سلاطين تجلس على المقاهى .. وسلاطين تتسكع بالسيارات فى الشوارع .. وسلاطين تشاهد فاترينات المحلات ، يتابعون أحدث الموديلات .. ومصر تتهاوى والجميع مغيبون مع إختفاء نخبة الإنقاذ الوطنى ..
** والجميع لا يدركون الكارثة التى تعيشها مصر .. ولا يعلمون معنى سقوط الدولة ، أو معنى حكم الإخوان ، أو معنى إنهيار الإقتصاد ، والسياحة ، والتعليم .. وتصنيف مصر كدولة تأوى الإرهاب .. الجميع يحرقون فى الوطن ولا يدركون الكارثة التى دبرتها أمريكا .. ولا حتى الإعلاميين الذين يهاجمون الإخوان ، ثم نجد ضيوفهم من الإخوان .. فهل هم يضحكون على الشعب أم يضحكون على أنفسهم .. أم يحرقون الوطن ؟!!!!......
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

CONVERSATION

0 comments: