نشيدُ الــذلِّ/ د. نوري الوائلي


يا أم حمزة نوحي الدهرَ وابكينا = وكفكفي الدمع بالأحداق وانعينا

وناشدي الأرض بركانا ليطمرنا = فما بها اليوم ناموسٌ فيحينا

الدارُ قيد وما عادت تؤانسها = غيرُ العجائز تحكي سفرَ ماضينا

والأرضُ خصب وقد جفّت منابعها = وانساب فيها حرورُ الجدب يسقينا

وضاع فيها نشيدُ العزّ معتزلا = حتى استهام ببوق الشرك حادينا

وهذه الدور قد سدّت نوافذها = وسيّج الذلُ عند الفجر وادينا

يا أم حمزة ما عادت بنا همم = أو عاد يوقظنا ظهرٌ ويشفينا

نمْنا على طرب والشرك يبهرنا = حتى صحونا وفكر الذل حاوينا

الحرفُ يخدع والأعلامُ تخذلنا = والسوطُ يلبسنا خوفاً ويكسونا

إنْ نفتح البابَ أو ننظرْ بنافذة = أتت علينا ضباعٌ تختفي فينا

الحالُ أصبح كالأغنام تحرسها = زعرُ الكلاب لذئب صار فرعونا

لا الذئب يرحمُ لا الأغنام يسعفها = شوقُ الحياة وتغني النحرَ سكينا

كنّا الغزاة وخيلُ الكرّ تتبعنا = والروحُ فينا لعشق الموت تغرينا

كنّا وربّك لا تغفو مضايفنا = حتى أستضاء بجمر القدر عالينا

كنّا كفردٍ أصاغ الدهرَ مقتفياً = في الذود شبلاً وفي الكرات شاهينا

واليومُ نحن مجاميعٌ مشرذمة = فيها التفرقُ يذرينا ويزرينا

فيها الولاءات للأحزاب تحكمنا = والجاهلية دون الدين تغنينا


الـنــاسُ تـلـهـو بـآمــال فأحـسـبـهـا = مثـل الـسـراب يـنـادي فــي أمانيـنـا

اللهوُ يسمو فيسمو الذلُّ مركبنا = فزارعُ الشوك لن يقتات يقطينا

لا يشبع المالٌ أطماعا تؤرقنا = ولا المكاسب عند الجاه ترضينا

لا الموت ينسى ولا الآلام ترحمنا = ولا الملذات يوم الفصل تنجينا

لن يسعد الناس مهما فاض مكسبهم = أو زيْد قومٌ على المقسوم ماعونا

ما عزّ مالٌ ولا جاه مذلتنا = أوعزّ يوماً دعاةُ الشرك نادينا

لن يرفع الذلَ غـربٌ طـار منخدعـا = أو يمنح العـزَ شـرقٌ بـات تسكينـا

العزُّ في الدين منهاجاً ومعتقداً = والدين عزّ به نعلو السلاطينا

ما ذلّ قومٌ وبيضُ الحق مشرعة = أو ذلّ غدرا فؤادٌ قال آمينا

CONVERSATION

0 comments: