لسنا بحاجة إلى مثقف يعلن براءته من الطائفية ، بل إلى مثقف شجاع واحد يعترف بها . إن حياة البشر عبثية إلى درجة أنها لا تعجبني . قبل ثلاثين سنة كان المدعو مشعان الجبوري ، خادما في مكتب عدي صدام حسين . بعدها سرقه في حادثة شهيرة ، و هرب إلى سورية ، ليعمل مع المخابرات السورية . فجأة هو في برلمان الإحتلال العراقي ، ليسرق الحكومة الجديدة ، ويعود إلى سورية . هذه المرة هو مقاومة و قاعدة و قذافي و سني . فجأة ، فيما بعد ، هو صديق نوري المالكي و عزت الشابندر، ويدافع عن العملية السياسية . هذا نموذج . من جهة المثقفين ، أحمد عبد الحسين ، يدرس حوزة في قم المقدسة 1992م ( عرفاني ) ، مثقف شيعي في سورية ، مع المجلس الأعلى ، في خدمة باقر الزبيدي مؤسس فرق الموت . يدعو إلى تفجير التراث الشيعي داخل الثقافة العربية . حين حدثت مجزرة قانا بلبنان أخذه باقر الزبيدي بسيارته ليرى ويكتب في صحيفته مرثية خاصة . بعد السقوط هو يبشر بالإحتلال ، والعراق الجديد ، و جورج بوش ، والدور الإيراني ، والحكم الشيعي ، في جريدة الصباح الحكومية التي أسسها الإحتلال . فجأة هو قائد مظاهرات ، تحت نصب الحرية عام 2011م ، حتى مقتل هادي المهدي ، والمساومة على رأسه ، والصمت عن القاتل . كان يتباكى على هادي وكأنه قد مات بزگطة عجل وليس اغتيال الحكومة له . الآن أحمد عبد الحسين ( مفكر ) ، كما تصفه قناة الشرقية ، يدعو إلى البراءة من طائفته . مشعان و عبد الحسين نموذجان للسياسة والثقافة في العراق . نماذج تستمر بالكلام ، مهما تقلبت أفكارها و مواقفها ، وتستمر في مقدمة المشهد الثقافي والسياسي المنحط .
يقول السيد عبد الحسين (( تسألني إن كنت أنا مستعداً للتخلي عن طائفة أبي فأقول: نعم أنا مستعد للتخلي عن طائفة أبي عن طيب خاطر! . أنا لا أتبرأ من الناس بل من الطائفة نفسها!! البيان براءة من الطائفة لا من المنتمين إليها!! هؤلاء أهلي وشعبي سواء أكانوا شيعة ام سنة، لكن الطائفة آلة حرب وأنا لا أنتمي إليها. هل الأمر صعب؟؟ . يا أخي لمَ أنت متمسك بأهلك إلى هذا الحدّ؟ هل وجدت آباءك على ملة وأنتم على آثارهم مقتدون؟؟ أم تتبع ما وجدت عليه آباءك؟؟ أنا لا أكره المالكي لأنه شيعيّ بل لأنه فاشل، ولا أكره الضاري لأنه سني بل لأنه قاتل، لكني لست شيعياً ولا سنياً، فالاعتقاد لا تقليد فيه، ولست محتاجاً إلى أبي الذي أجله كإنسان لكني لست على عقيدته بالضرورة. الطائفة هي الطائفية نفسها، وهي حاضنة كراهية وعنف وأنا بريء منها . وكثيرون يوافقونني الرأي. من حقك الاعتزاز بطائفتك التي تنتمي اليها ، لكن لا تجبر الآخرين على أن يروا رايك . )) يقولون السيد عبد الحسين ( مفكر ) ؟! . صدرت له مجموعتان شعريتان فاشلتان ، هما عقائد موجعة و جنة عدم . من الواضح هناك دعاية مدفوعة الثمن له ، تشبه دعاية الجبن الدنماركي . لماذا لا يقولون حسن النواب ، أو هادي الحسيني ، أو نصيف ناصري ، أو محمد مظلوم مفكر . لماذا أحمد عبد الحسين بالذات ( مُفَكّر ) شنو المناسبة . علي بن أبي طالب يقول في نهج البلاغة (( فأما السّب فسبّوني ، وأمّا البراءة فلا تتبرّؤوا منّي )) الشيعة يعتبرون خطاب عليّ بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) موجها إليهم على وجه الخصوص . فهل يتبرّأ السيّد عبد الحسين من عليّ ؟ وماذا يترتّب على هذه البراءة ؟؟ . أنا أستطيع البراءة من جنسيتي الكندية ، أوقع اتفاقا مع الحكومة أتنازل به عن جنسيتي الكندية مقابل ثلاثة آلاف دولار ،
و تذكرة سفر إلى العراق . هذه البراءة تعني سقوط جميع حقوقي كمواطن كندي ، و كذلك سقوط واجباتي . فماذا يترتب على البراءة من الطائفة ، أو البراءة من الإسلام ؟؟ . هل هو الإرتداد المعروف في التاريخ ؟؟ . هل هو دعوة قرمطية بهدم الكعبة ؟؟ أم دعوة وهابية بهدم الأضرحة وتسويتها بالأرض كالبقيع ؟؟ . هل هي دعوة لإباحة الفروج كالشلمغاني ؟؟ . ما هو المقصود ؟؟ . وماذا يترتب على البراءة ؟؟ . وهل هؤلاء الذين يوقعون يدركون هذا المعنى ؟؟ . هل يبحث السيد عبد الحسين عن فتوى ، من عمامة حمقاء تمنحه فعلا مجد التنوير ؟؟ . هل يغار من سلمان رشدي و نصر حامد أبو زيد ؟؟ . هل يطمح بمجد و شهرة كهذه ؟؟ . خصوصا وأنه في تخوم العقد الخامس من عمره ، ولا مستقبل شعري له . شاعر فاشل بامتياز ، وعليه أن يبحث عن أزمات يعيش اسمه من خلالها بدلا من الإبداع الصعب ؟؟ . هل البراءة تعني أنك توصي بالدفن بطريقة خاصة بك ؟؟ . ربما في حديقة المنزل كالسومريين ؟ أو حرقا بالنار كالبوذيين ؟؟ . فخري كريم يروّج لهذا الكلام العجيب هذه الأيام ، و ، هو الذي بعد السقوط ، حرّض الشيوعيين ، للكتابة عن دور الحزب الشيوعي في اللطم ، والمواكب ، و محرم لأغراض سياسية حينها . لكسب الشارع المحموم بالدين ، والرموز تلك السنوات . الآن تحدث المواجهة مع المقدس بطريقة هزلية ، بسبب تخلي الماركسيين العراقيين عن مواجهة الفكر الديني مقابل غنائم سياسية . ثم إذا السيد عبد الحسين سيعلن براءته من الطائفة لماذا يدافع إذن عن المرجع الشيعي الكبير علي السيستاني ، ويشتم الشاعر سعدي يوسف لأنه وجه له نقدا و شتيمة ؟؟ . لماذا اتهم سعدي إذن بالطائفية و شتمه ؟؟؟ .
أنا أستغرب حقاً ، لماذا لا تقوم الشرطة العراقية باعتقال السيد عبد الحسين ، وبعد مناشدات في الفضائيات ، ومنظمات حقوق الإنسان ، و حملة تواقيع في مواقع العار ، والصحف دفاعا عن عدو الطائفية والبراءة من الطائفة . يتم إطلاق سراحه ، بعد شهر مثلا بسبب ضغوط عالمية . هكذا تشغلون الرأي العام بحملة سخيفة ( تكبرون راس صاحبكم ) و يضيع خلالها صراخ المغتصبات في السجون السرية ، والإعدامات الجماعية في أقبية التعذيب . الحقيقة نحن طوائف ، وهذا التنوع جميل بحد ذاته . فحتى لو كنا طائفة واحدة ، أو بلا دين أصلا ، أمريكا وإيران تستطيعان تقسيم الشعب جغرافيا، وخلق فتنة ودمار مشابهين .... يجب أن نفهم ماذا يحدث لنا أولا . ليس الحل بأن أعلن ، لفظيا ، بأنني بريء من طائفتي ، أو طائفيتي بل في ممارسة حقوقنا الإنسانية بالنقد ، والتعبير ، والتفكير كمثقفين . بالمطالبة بدولة مدنية ذات سيادة وطنية ، و في فصل الدين عن السياسة . أن نكون مخلصين ، و صادقين في عملنا الثقافي . لا يكمن الإبداع فيما تقول ، بل في أن تكون مؤمنا حقاً بما تقول .
وضع السيد أحمد عبد الحسين بوستا على صفحة التواصل الإجتماعي ( فيس بوك ) ، قبل شهرين تقريبا ، يقول فيه إن الشاعر سعدي يوسف جاهل ، و طائفي ، و عديم موهبة . فجاء مئتان و خمسون مثقفا شيعيا يؤيدونه ، بل يقولون له إنه أكبر من سعدي بكثير ، وعليه أن لا يتواضع ويجعل منه موضوعا . من ناحية ثقافية بعض هؤلاء القوم أصابهم الجنون ربما ، لم يعد كلامهم يحمل أي معنى ، سوى الغريزة المباشرة . هل يمكن لي أن أقول إن الجواهري الكبير جاهل ، و طائفي ، و عديم موهبة ؟؟ . حتى لو فعلت حماقة كهذه ، من أين لي بمئتي مثقف عراقي ( سني ) يؤيدني ، و يشتمه معي ، بحيث يقولون لي بأنني أكبر و أهم من الجواهري ؟ . كان الجواهري معارضا للرئيس صدام حسين ، يدبج القصائد العصماء ، في غريم الرئيس العراقي حافظ الأسد ، مع هذا لم ترفع وزارة التربية قصائد الجواهري العظيمة من المنهج الدراسي إطلاقا ، ولم تختف دواوين الجواهري من المكتبات . لم يفعل الرئيس صدام حسين بالجواهري ما فعله النظام العراقي الطائفي اليوم ب سعدي يوسف .
.....................................
هذه ورقة كتبتها على هامش بيان أطلقه السيد أحمد عبد الحسين للبراءة من الطائفة . وقعت عليه جميع قوات سوات العائدة من مذبحة الحويجة .لا شيء شخصي هنا . بمقدار رغبتنا التأكيد على المشاريع الحقيقية / الصادقة في الثقافة العراقية ، ورفض الهزل ، والتكسب ، والفقاعات التي تشغل الرأي العام بلا معنى
هذه ورقة كتبتها على هامش بيان أطلقه السيد أحمد عبد الحسين للبراءة من الطائفة . وقعت عليه جميع قوات سوات العائدة من مذبحة الحويجة .لا شيء شخصي هنا . بمقدار رغبتنا التأكيد على المشاريع الحقيقية / الصادقة في الثقافة العراقية ، ورفض الهزل ، والتكسب ، والفقاعات التي تشغل الرأي العام بلا معنى
0 comments:
إرسال تعليق