محاولة جاسم علوان الانقلابية وأسبابها وسر فشلها
نتابع في هذه الحلقة شهادة الرفيق أحمد أبو صالح وهو يكشف فيها المآسي التي كانت تدور من خلف ظهر القيادة السياسية، والمؤامرة التي حبكها بدقة أعضاء اللجنة العسكرية لتصفية الضباط الناصريين.
أحمد منصور: انسحب الوزراء الناصريين والقوميين من الحكم بعد 27 أبريل (نيسان) 63، وأضيفت لك وزارة المواصلات إلى جوار الأشغال العامة، أصبحت وزير مواصلات وأشغال عامة، شكلت حكومة جديدة لصلاح البيطار في 14/5، وشكلت محاكم الأمن القومي في 24/4، بعد ما مسكتم بأسبوع، قفلتم الجرايد، شكلتم محاكم أمن قومي، كل يوم والثاني تفنشوا في الضباط بتهم إنه هم بيشكلوا خطر عليكم، و18 يوليو (تموز) 63 قام جاسم علوان بمحاولة انقلابية لصالح جمال عبد الناصر، لكنها فشلت، أيه أسباب المحاولة؟ وأيه سر فشلها؟
أحمد أبو صالح: قبل ما آتي على ذكرها، أروي لك قصة وبإيجاز.
أحمد منصور: تفضل.
أحمد أبو صالح: أنا في اللاذقية وفي بيت عبد الحليم خدام، اللي عم بيشغل الآن منصب نائب رئيس الجمهورية في سورية، جمعنا عدد كبير من البعثيين السابقين، وطلبنا إليهم أن يعودوا إلى الحزب، يجددوا انتسابهم إلى الحزب، انبرى أستاذ رياضيات اسمه محمد بوستنجي، قال لي أستاذ أحمد أنت شو عم تحكي، بلا حزب بلا كذا، قلت له خير إنشاء الله، قال لي أنا أخوي مشلول بسجن المرضى في المزة، نقيب، شاب مثل الجمل مشلول، ومزتوت هناك وما عم يسمحوا لنا نعالجه أصلا، وبتجي بتطلب مني أنا أرجع لحزب قيادته بيد جزارين، و.. و.. وإلى آخره، أنا أسقط في يدي يعني ما عاد فيه عندي شيء أحكيه غير إنه أوعد بمعالجة هذا الإنسان، رجعت أنا لدمشق يا سيدي، أصريت على زيارته، استجابوا بالمحصلة، رغم رفضهم بالأول، ما بدهم أطلع على الحقيقة، رحت بعد ما زرته ووعدته، بأنه يتعالج مو على نفقته على نفقتنا، وإذا ما بعتوه يتعالج بألمانيا، أنا سأستقيل، وأنا طالع من غرفة هذا المسكين خالد بوستنجي النقيب خالد، وإذ أشوف ناس بالكريدور (الممر) عم يتمشوا، وزراء كانوا معانا بالوزارة، أستاذي في الجامعة عبد الوهاب حومد ويمكن يكون حي يرزق حتى اليوم، كان بالسجن، شفت نائب رئيس مجلس الوزراء اللي ذكرت اسمه نهاد (القاسم)، ذكرت اسمه قبل شوي هلا باتذكر لك اسمه مرة ثانية، هذا اللي كان نائب رئيس مجلس وزراء.
أحمد منصور: مين.. خيرة الناس حطيتوهم بالسجن.أحمد أبو صالح: وعبد الصمد السيد.
أحمد منصور: وامتهنتم كرامتهم.
أحمد أبو صالح: لا وبدون علم، يعني مع وزراء، يعني أنا بافهم إنه إذا..
أحمد منصور: أنت وزير في الدولة ما تعرفش.
أحمد أبو صالح: وما بعرف أنا وزير بالدولة.. عضو قيادة.
أحمد منصور: وعضو مجلس قيادة ثورة.
أحمد أبو صالح: أيه وما بعرف.
أحمد منصور: وعضو قيادة قطرية.
أحمد أبو صالح: صح.. صح.
أحمد منصور: يعني في إيدك 500 منصب.
أحمد أبو صالح: صح.
أحمد منصور: وما تعرفش، أمال مين اللي يعرف؟
أحمد أبو صالح: وما بعرف، اللي حدث كمان عملت نفس الشيء، إنه هلا دكتور تتصل بزوجتك، ولا أنت مسكوك في البيت، قال لي أبو طموح بلا.. يعني أنا.. أنا باحبك وباقدرك بس يعني الشغلة مو بإيدك، طالما أنت ما كنت عارف، فالشغلة معناها مو بإيدك، فشلون بدك تخليني اتصل بزوجتي، أنا اتصلت، بإصرار منه، إذا بدك أنت اتصل، قلت لها إنه الدكتور جاي، بالنسبة لنهاد هذا، هلا.. المهم رجعت أنا يا جماعة، لأما وصلت الأمور لدرجة إنه اللي كانوا معنا بالأمس القريب وزراء ومحترمين، ومقدرين على علمهم وعلى.. وعلى فهمهم، وعلى ما ضيهم وعلى تجربتهم وإذا هم الآن موجودين بالمزة، فما بقبل إلا بيطلعوا اليوم، أو أنا ماشي، فأصبحت بالنسبة إليهم إنه اللي بيشكل خطر من المدنيين عليهم هو أنا، لأنه في عدد كبير من الضباط عرفوا هم على أنه علاقتهم في مباشرة، وقوية جدا جدا، وبقيادة العقيد محمود الحاج محمود، اللي كان في مجلس قيادة الثورة، ومسؤول المخابرات، وهو من قرية اسمها كفر كريجه.. عفوا من .. المهم من قرية جنب حلب - شايف - لذلك كان يطولوا بالهم واستجابوا، وبالفعل أفرجوا عنه، بس كثيرين، فيه قصة طارق الزيات، بعثي ضابط في المطار، أخذه حافظ الأسد حطه في الضمير، هدموه، حطموه من .. من التعذيب، لولا يجي عمه جوز أمه، لأن أبوه ميت ويقول لي إلي، إنه طارق موجود بالسجن بالضمير عند حافظ الأسد، يجوز يموت وما حدا يوصل له خبر، وكثيرين على هذه الشاكلة أنا باقول لك، كثيرين على هذه الشاكلة.
أحمد منصور: من المجرم إذن في حق الشعب؟
أحمد أبو صالح: نحنا، جاسم علوان عندما قام بمحاولته.. نحن مو أنا، مو شرط أنا، أنا باحكي باسم ها الشخصية، هاي المجرم اللي.. اللي حاكمته سورية، كلهم بيعرفوا إنهالساعة 11 بـ 18 تموز. بدهم يتحركوا الناصريين، كلهم بيعرفوا لأنه كانوا ملغومين بضابط نصيري اسمه (محمد نبهان).
أحمد منصور: فعلا محمد نبهان كان مخترق للناصريين؟
أحمد أبو صالح: كان أيش؟
أحمد منصور: كان مخترق لهم؟
أحمد أبو صالح: طبعا أساسي وقائد في صفوفهم كمان، وبعدين خوفا عليه بعتوه على الجزائر، فهو اللي نقل الأخبار، وعندما أتى صلاح الضلي (رئيس محكمة الأمن القومي) جاب الأحكام على جاسم علوان ورائف معري ومحمد النبهان وإلى آخره، ويمكن جابهم لأخذ موافقة مجلس قيادة الثورة على إعدامهم، فكان في نقاش، و.. محمد النبهان.. محمد عمران بيقول إذا بدكم تعدموهم، شيلوا اسم محمد النبهان، أنا ما كنت أعرف قصة إنه هو اللغم كذا، قلت له بالله ليش أبو ناجح نشيل محمد نبهان؟ قال الإخوان بيعرفوا، يعني مين الإخوان بقي صلاح جديد، وأمين الحافظ العسكر، قلت له يا أخي أنا بدي أعرف، أنا.. أنا كمان موجود، وعم بتحمل مسؤولية، وقال هذا نحن داسينه في صفوف الجماعة، وعم بينقل لنا الأخبار، وهو اللي جاب لنا ساعة الصفر، قلت له هاي أكبر جريمة، إنه نحن نعرف ساعة الصفر، وليه نعتقل الناس ونحاكمهم، وننتظر لحتى يبدءوا بالتنفيذ من شان ننتظر.
أحمد منصور: وتعملوا مجزرة.
أحمد أبو صالح: قتلهم وحرام وكذا.
أحمد منصور: وتعملوا مجزرة.
أحمد أبو صالح: أيه ولذلك بعدين ما تم إعدامهم.
أحمد منصور: عدد الضباط اللي قتلوا قد إيه؟ 40 اللي قتلوا في هذه المجزرة.
أحمد أبو صالح: ما بعرف، بس بعرف فيه عدد منهم راحوا من دون محاكمة، وهاي..
أحمد منصور: وطبعا حطيتوا كل السلطات.
أحمد أبو صالح: فهاي من أسباب.. استقالة لؤي الأتاسي، للتاريخ هذا الإنسان وقت اللي جابوا الأضابير، وهذا يعني.. إنه محاكمات ميدانية، قال (يقصد لؤي الأتاسي) أنا شخصيا خلاص.
أحمد منصور: أصبح أمين الحافظ الحاكم العرفي، حتى خليتوه وزير داخلية، ووزير دفاع، ورئيس أركان وحاكم عرفي، وما خلتوش منصب في ذبح و..
أحمد أبو صالح: وبعدين صار.. وبعدين صار رئيس وزراء.
أحمد منصور: وبعدين رئيس وزراء، وبعدين رئيس جمهورية.
أحمد أبو صالح: أيه.
أحمد منصور: ما سبتوش حاجة فيها جذر وذبح إلا حطيتوها في أيده، وتخلوا الأحكام تصدر، وهو يمضي عليها.
أحمد أبو صالح: نعم.
أحمد منصور: طالما كما تقول إن أمين الحافظ لم يكن حتى يقرأ ما يوقع عليه إلا بالصدفة كما تقول، وأنا سجلت معه شهادته على العصر.
أحمد أبو صالح: وخطاباته يقرأها، بس وهو بالسيارة راح تكتب له أنا أو.. غيري أو منذر الموصلي هذا النائب بمجلس الشعب، يقول له.. ما هو مسكين، يقول له كثر له من هادول أبيات الشعر الجاهلية، ذكر لي مرة هيك بيخطب بيؤشر على مصر، بيقول لعبد الناصر والله يا صاحبي لو تعلي علي بشبر لأعلي برأسي لأنطح الغيمة هادول المساكين البسطاء، تصفيق حاد وما.. اللي مو عارفين إنه بيقصد عبد الناصر، يعني شغلة خطيرة.
أحمد منصور: بعد فشل طبعا اللي كان بيحصل بين مصر وسورية كان عبارة كما وصف من بعض المؤرخين عن محاولات معارك عبثية تقوم بها أكبر دولتين، من المفترض أنهما تواجهان إسرائيل، إسرائيل لم يكن لها حسابات لا عند عبد الناصر ولا عند السوريين، السوريين كل مجموعة بتحاول أن ترتب حالها، وعبد الناصر يرتب انقلاب على السوريين، فشلت المحاولة الانقلابية، وأعلن عبد الناصر في 22 يوليو (تموز) 63 عدم التزامه بميثاق الوحدة، اللي كان وقع عليه وما حدش التزم به أصلا، وقال.. شن هجوم على حزب البعث وقال: الأيام أثبتت أن سياسة البعث مجرد أساليب ملتوية، رخيصة، قائمة على المساومات، وأن قيادة البعث أرادت اقتسام مناطق النفوذ، فتسيطر هي هناك وتكون لنا منطقة نفوذنا.
هل كان عبد الناصر صادقا فيما وصف به البعث؟ باختصار شديد..
أحمد أبو صالح: يعني يكون عم أضحك على نفسي إذا قلت إنه عبد الناصر كان صادقا، يعني عبد الناصر الكلام اللي حكاه الآن، حزب البعث العربي الاشتراكي إلى حد كبير صحيح.
أحمد منصور: في 27 يوليو (تموز) 63 استقال لؤي الأتاسي من رئاسة الدولة، احتجاجا على ما قمتم به، واختير أمين الحافظ رئيسا، فترة رئاسة أمين الحافظ حدث فيها أحداث كثيرة، من أهمها أحداث حماة 64، وقضية الجاسوس (إيلي كوهين)..
يتبع
0 comments:
إرسال تعليق