فخورٌ لأنني عشتُ هذا العصر . البهاء العالي . عصر الشهيد الخالد هادي المهدي . في عينيه ، الحالمتين ، فتحتُ عينيّ . حكاية لأحفادي ، و موقفاً لبلادي . أيها المثقفون الشجعان ، يامَن واجهتم وحوش الأفكار المخيفة . انهضوا أيها العمالقة . نحن هنا ، على قارعة الطريق ، يدنا على قلوبنا ، بانتظار مواكبكم الظافرة . كلّ شيءٍ يموت عندما يختنق ، إلّا الشّعوب ، فإنّ الخنق لا يمكن أن يقتلها . عام 1990 كنا على قبر أخي ( سلام ) الذي مات بعمر الزهور ، نبكي . قاريء القرآن ، سائق التكسي ، حتى الزبير بن العوّام ، في قبره ، يبكي . أبي كان أجهشنا . ولأنه ماركسي ، سألته : لكنّك لا تؤمن بالروح ، يا أبي . فقال : أبكي جسدَ ولدي . أشعر به ، فأنا أبوه . كان ذلك أعمق درس في ( المادية الروحية ) .
يا هادي ! الجسد يستمر بالحياة . ينكمش من فكرة الموت . جيلنا ، كُلُّهُ ، انتحر ، لم يبق سوى الجسد . يأتي يومٌ ، ينضج فيه رأسي ، يغدو يانعاً . هذه دورة الرؤوس في الطبيعة ، فابتسم ، يا هادي ، رغم آلام جسدك ، رغم الدود والتراب والظلام . الرصاصة التي اخترقتْ رأسك ، اخترقتْ رأسي أيضاً . قَلَبَتْ أفكاري . سقراط كتب على معبد دلفا : اعرفْ نفسك . أنا مَن أنا . رجلٌ مريضٌ . لقد جلبتُ الوباء ، طهوتهُ بالحُمّى ، سوف أنتشر . عاش هادي المهدي ، بطرس الشهداء ، صخرة الوطنية ، سفينة النجاة . لم تكن لهذا الوطن راية نرفعها ، قبلك يا صاحبي .
0 comments:
إرسال تعليق