صدق من قال أن التاريخ يعيد نفسه وأصاب من اتعظ بعبر التاريخ وأحداثه، فبعد مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتنازل الحسن لمعاوية بن أبي سفيان حقناً لدماء المسلمين، الذي ما لبث أن دعا إلى بيعة ولده يزيد بالخلافة من بعده، فرفض الحسين بن علي ونفر من أبناء الصحابة أن يعطوا يزيد البيعة، وراسل أهل العراق الحسين يدعونه إلى العراق ليبايعوه خليفة على المسلمين وبعثوا له أكثر من 500 رسالة، فأرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة حتى يتحقق من صدق نوايا أهل العراق، فالتقى بأمرائهم وأشرافهم فبايعوا الحسين، ولما اطمأن ابن عقيل لهم أرسل إلى الحسين يدعوه إلى العراق، ولكن أهل الكوفة ما لبثوا أن انفضوا عن ابن عقيل وخذلوه وقدموا البيعة ليزيد بن معاوية، وتم القبض على مسلم بن عقيل وحمل إلى عبيد الله بن زياد أمير العراق، فقال له: إني قاتلك. قال: دعني أوصي. قال: نعم أوص. فالتفت فوجد عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال له: أنت أقرب الناس مني رحما تعال أوصيك، فأخذه في جانب من الدار وأوصاه بأن يرسل إلى الحسين بأن يرجع، فأرسل عمر بن سعد رجلا إلى الحسين ليخبره بأن الأمر قد انقضى، وأن أهل الكوفة قد خدعوه. وقال مسلم كلمته الـمشهورة: "ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي". وقتل مسلم بن عقيل وكان الحسين قد خرج من مكة قبل مقتل مسلم بن عقيل بيوم واحد قبل أن يصله كتاب عقيل.
وقتل الحسين بن علي رضي الله عنه وقد خذله من ادعى حبه وحب آل البيت وتركوه وحيداً يواجه جيشاً عرمرماً، ثم ما لبث أن مات يزيد بن معاوية، وحدث الفراغ الكبير بخلو الساحة من أمير يجمع عليه المسلمون، وحدثت في تلك الأثناء فتن كقطع الليل المظلم وصراعات واقتتال بين المسلمين المتنازعين على الحكم، ومن وسط ذلك الركام ظهر الدجال المختار بن أبي عبيد الثقفي ليلعب دوراً خبيثاً في إذكاء الفتن وغواية الناس، وما دفعني للكتابة عن هذا الدجال هو وجه الشبه بدجال العصر حسن نصر اللات الذي لعب بعقول الناس وخدعهم لسنوات حتى بات مديحه على كل لسان ومنحوه لقب "سيد المقاومة" حتى جاءت الثورة السورية لتفضحه على رؤوس الأشهاد وتظهر حقيقته وكذبه وخداعه. وهذه هي قصة الدجال المختار بن أبي عبيد الثقفي كما روتها لنا كتب التاريخ، وعلى القارئ أن يقارب بين ما فعله ذاك الدجال وما يفعله دجال العصر حسن نصر اللات!!
وقتل الحسين بن علي رضي الله عنه وقد خذله من ادعى حبه وحب آل البيت وتركوه وحيداً يواجه جيشاً عرمرماً، ثم ما لبث أن مات يزيد بن معاوية، وحدث الفراغ الكبير بخلو الساحة من أمير يجمع عليه المسلمون، وحدثت في تلك الأثناء فتن كقطع الليل المظلم وصراعات واقتتال بين المسلمين المتنازعين على الحكم، ومن وسط ذلك الركام ظهر الدجال المختار بن أبي عبيد الثقفي ليلعب دوراً خبيثاً في إذكاء الفتن وغواية الناس، وما دفعني للكتابة عن هذا الدجال هو وجه الشبه بدجال العصر حسن نصر اللات الذي لعب بعقول الناس وخدعهم لسنوات حتى بات مديحه على كل لسان ومنحوه لقب "سيد المقاومة" حتى جاءت الثورة السورية لتفضحه على رؤوس الأشهاد وتظهر حقيقته وكذبه وخداعه. وهذه هي قصة الدجال المختار بن أبي عبيد الثقفي كما روتها لنا كتب التاريخ، وعلى القارئ أن يقارب بين ما فعله ذاك الدجال وما يفعله دجال العصر حسن نصر اللات!!
صورة المشهد قبل ظهور المختار
بعد القضاء على ثورة الحسين بن علي رضي الله عنه ومقتله، عقد عبيد الله بن زياد - أمير العراق - راية لعمرو بن حريث ليجتمع إليه الناس، لتجديد البيعة ليزيد بن معاوية، وأمر ابن زياد ابن حريث أن يقعد للناس في المسجد - مسجد الكوفة - وأخذ الناس يتوافدون لتجديد البيعة وإعلان الولاء لبني أمية. وتأخر المختار بن أبي عبيد في الذهاب إلى المسجد، فرآه هانئ بن أبي حية الوادعي، فقال له: ما موقفك هاهنا ؟ لا أنت مع الناس، ولا أنت في رحلك ! قال المختار: أصبح رأي مرتجاً لعظم خطيئتكم. فقال له هانئ: أظنك والله قاتلاً نفسك، ثم دخل على عمرو بن الحريث في المسجد وأخبره بما قال للمختار وما رد عليه.
وبعث عمرو بن حريث عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي وزائدة بن قدامة بن مسعود، وناشدا المختار الله ألا يجعل على نفسه سبيلا.
لقد كان ابن أبي عبيد الله الثقفي يرى رأي الخوارج، ثم تحول إلى التشيع، وصار من كبار المؤيدين للحسين بن علي رضي الله عنه، وجعل بيته في الكوفة مركزا للدعوة إلى الحسين، وأنزل فيه مسلم بن عقيل.
وقدم المختار مكة، وجاء إلى عبد الله بن الزبير فسلم عليه. فرحب به ابن الزبير وأوسع إليه وأجلسه بجانبه. ثم قال له: حدثني عن حال الناس بالكوفة يا أبا إسحاق، قال المختار: هم لسلطانهم في العلانية أولياء، وفي السر أعداء. قال ابن الزبير: هذه صفة عبيد السوء، إذا رأوا أربابهم خدموهم وأطاعوهم، فإذا غابوا عنهم شتموهم ولعنوهم.
وجلس المختار عند ابن الزبير ساعة ثم دنا منه هامسا وقال له: ما تنتظر ! ابسط يدك أبايعك، وأعطنا ما يرضينا، وثب على الحجاز، فإن أهل الحجاز كلهم معك.
ثم قام المختار وانصرف. فغاب عن ابن الزبير حولا في أهله في الطائف.
وبعد سنة نزل المختار مكة إلى البيت، فاستقبل الحجر، ثم طاف بالبيت سبعا، ثم صلى ركعتين عند الحجر، وجلس - وكان ابن الزبير يرقبه - ومر به رجال من معارفه من أهل الطائف وغيرهم من أهل الحجاز، فجلسوا إليه.
استبطأ ابن الزبير قيام المختار إليه، فقال لأحد أصحابه: ما ترى شأن المختار لا يأتينا ! فقال له: لا أدري وسأعلم لك علمه، فقال ابن الزبير له: ما شئت.
فقام صاحب ابن الزبير عباس بن سهل بن سعد، فمر بالمختار كأنه يريد الخروج من المسجد. ثم التفت إليه، فأقبل نحوه ثم سلم عليه وجلس إليه، وأخذ بيده وقال له: أين كنت ؟ وأين بلغت بعدي ؟ أبالطائف كنت ؟ فقال المختار: كنت بالطائف وغير الطائف. فقال له عباس: مثلك يغيب عن مثل ما قد اجتمع عليه أهل الشرف وبيوتات العرب من قريش والأنصار وثقيف ! لم يبق أهل بيت ولا قبيلة إلا وقد جاء زعيمهم وعميدهم فبايع هذا الرجل، فعجبا لك ولرأيك ألا تكون أتيته فبايعته، وأخذت بحظك من هذا الأمر ! فقال المختار: وما رأيتني أتيته العام الماضي فأشرت عليه بالرأي فطوى أمره دوني ؟ وإني لما رأيته استغنى عني أحببت أن أريه أني مستغن عنه، إنه والله لهو أحوج إلي مني إليه. فقال له ابن سهل: إنك كلمته بالذي كلمته وهو ظاهر في المسجد، وهذا الكلام لا ينبغي أن يكون إلا والستور دونه مرضاة والأبواب دونه مغلقة. القه الليلة إن شئت وأنا معك، فقال المختار: فإني فاعل إذا صلينا العتمة أتيناه. واتعدا الحجر.
ورجع عباس بن سهل إلى عبد الله بن الزبير، وأخبره بما كان بينه وبين المختار فسر بذلك. وصلى المختار وعباس العتمة، والتقيا بالحجر، ثم خرجا حتى أتيا منزل ابن الزبير، فتأذنا عليه، فأذن لهما، ويبش للمختار مرحبا.
وأراد ابن سهل ترك المكان وقال: أخليكما ؟ فقالا جميعا: لا سر دونك، فجلس.
رحب ابن الزبير بالمختار وأخذ يده مداعبا يسأله عن حاله وأهل بيته، ثم سكتا غير طويل. ثم حمد الله المختار وأثنى عليه ثم قال: إنه لا خير في الإكثار من المنطق ولا في التقصير عن الحاجة، إني قد جئتك لأبايعك على ألا تفضي الأمور دوني، وعلى أن أكون في أول من تأذن له، وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك. فقال له ابن الزبير: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال المختار: وشر غلماني أنت مبايعه على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ما لي في هذا الأمر من الحظ ما ليس لأقصى الخلق منك، لا والله لا أبايعك أبدا على هذه الخصال. فتدخل ابن سهل، وأسر بإذن ابن الزبير: اشتر منه دينه حتى ترى من رأيك، فقال ابن الزبير للمختار: فإن لك ما سألته. فبسط يده وبايعه المختار.
عند سماع أهل الكوفة بموت يزيد بن معاوية هاج الناس، ثم اصطلحوا على أن يكون عامر بن مسعود أميراً حتى يجتمع الناس على إمام يرضونه، فلم يلبث عامر أن بعث ببيعته وبيعة أهل الكوفة إلى ابن الزبير.
وأقام المختار مع ابن الزبير خمسة أشهر بعد موت يزيد بن معاوية. دون أن يجد منه أي اهتمام، ودون أن يكلفه بأية مهام، وأخذ كلما قدم عليه أحد من الكوفة يسأله عن حال الناس فيها وهيئتهم.
وقدم هانئ بن أبي حية الوادعي مكة يريد عمرة رمضان، فجاءه المختار وسأله عن حاله وحال الناس بالكوفة. فأخبره عنهم بصلاح واتساق على طاعة ابن الزبير. إلا أن طائفة من الناس لو كان لهم رجل يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض. فقال له المختار: أنا أبو إسحاق، أنا والله لهم، أنا أجمعهم على مر الحق، وأنفي بهم ركبان الباطل، وأقتل بهم كل جبار عنيد. فقال له هانئ: ويحك يا ابن أبي عبيد ! إن استطعت ألا توضع في الضلال ليكن صاحبهم غيرك، فإن صاحب الفتنة أقرب شيء أجلا، وأسوأ الناس عملا. فقال المختار: إني لا أدعو إلى الفتنة إنما أدعو إلى الهدى والجماعة.
يتبع
وبعث عمرو بن حريث عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي وزائدة بن قدامة بن مسعود، وناشدا المختار الله ألا يجعل على نفسه سبيلا.
لقد كان ابن أبي عبيد الله الثقفي يرى رأي الخوارج، ثم تحول إلى التشيع، وصار من كبار المؤيدين للحسين بن علي رضي الله عنه، وجعل بيته في الكوفة مركزا للدعوة إلى الحسين، وأنزل فيه مسلم بن عقيل.
وقدم المختار مكة، وجاء إلى عبد الله بن الزبير فسلم عليه. فرحب به ابن الزبير وأوسع إليه وأجلسه بجانبه. ثم قال له: حدثني عن حال الناس بالكوفة يا أبا إسحاق، قال المختار: هم لسلطانهم في العلانية أولياء، وفي السر أعداء. قال ابن الزبير: هذه صفة عبيد السوء، إذا رأوا أربابهم خدموهم وأطاعوهم، فإذا غابوا عنهم شتموهم ولعنوهم.
وجلس المختار عند ابن الزبير ساعة ثم دنا منه هامسا وقال له: ما تنتظر ! ابسط يدك أبايعك، وأعطنا ما يرضينا، وثب على الحجاز، فإن أهل الحجاز كلهم معك.
ثم قام المختار وانصرف. فغاب عن ابن الزبير حولا في أهله في الطائف.
وبعد سنة نزل المختار مكة إلى البيت، فاستقبل الحجر، ثم طاف بالبيت سبعا، ثم صلى ركعتين عند الحجر، وجلس - وكان ابن الزبير يرقبه - ومر به رجال من معارفه من أهل الطائف وغيرهم من أهل الحجاز، فجلسوا إليه.
استبطأ ابن الزبير قيام المختار إليه، فقال لأحد أصحابه: ما ترى شأن المختار لا يأتينا ! فقال له: لا أدري وسأعلم لك علمه، فقال ابن الزبير له: ما شئت.
فقام صاحب ابن الزبير عباس بن سهل بن سعد، فمر بالمختار كأنه يريد الخروج من المسجد. ثم التفت إليه، فأقبل نحوه ثم سلم عليه وجلس إليه، وأخذ بيده وقال له: أين كنت ؟ وأين بلغت بعدي ؟ أبالطائف كنت ؟ فقال المختار: كنت بالطائف وغير الطائف. فقال له عباس: مثلك يغيب عن مثل ما قد اجتمع عليه أهل الشرف وبيوتات العرب من قريش والأنصار وثقيف ! لم يبق أهل بيت ولا قبيلة إلا وقد جاء زعيمهم وعميدهم فبايع هذا الرجل، فعجبا لك ولرأيك ألا تكون أتيته فبايعته، وأخذت بحظك من هذا الأمر ! فقال المختار: وما رأيتني أتيته العام الماضي فأشرت عليه بالرأي فطوى أمره دوني ؟ وإني لما رأيته استغنى عني أحببت أن أريه أني مستغن عنه، إنه والله لهو أحوج إلي مني إليه. فقال له ابن سهل: إنك كلمته بالذي كلمته وهو ظاهر في المسجد، وهذا الكلام لا ينبغي أن يكون إلا والستور دونه مرضاة والأبواب دونه مغلقة. القه الليلة إن شئت وأنا معك، فقال المختار: فإني فاعل إذا صلينا العتمة أتيناه. واتعدا الحجر.
ورجع عباس بن سهل إلى عبد الله بن الزبير، وأخبره بما كان بينه وبين المختار فسر بذلك. وصلى المختار وعباس العتمة، والتقيا بالحجر، ثم خرجا حتى أتيا منزل ابن الزبير، فتأذنا عليه، فأذن لهما، ويبش للمختار مرحبا.
وأراد ابن سهل ترك المكان وقال: أخليكما ؟ فقالا جميعا: لا سر دونك، فجلس.
رحب ابن الزبير بالمختار وأخذ يده مداعبا يسأله عن حاله وأهل بيته، ثم سكتا غير طويل. ثم حمد الله المختار وأثنى عليه ثم قال: إنه لا خير في الإكثار من المنطق ولا في التقصير عن الحاجة، إني قد جئتك لأبايعك على ألا تفضي الأمور دوني، وعلى أن أكون في أول من تأذن له، وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك. فقال له ابن الزبير: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال المختار: وشر غلماني أنت مبايعه على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ما لي في هذا الأمر من الحظ ما ليس لأقصى الخلق منك، لا والله لا أبايعك أبدا على هذه الخصال. فتدخل ابن سهل، وأسر بإذن ابن الزبير: اشتر منه دينه حتى ترى من رأيك، فقال ابن الزبير للمختار: فإن لك ما سألته. فبسط يده وبايعه المختار.
عند سماع أهل الكوفة بموت يزيد بن معاوية هاج الناس، ثم اصطلحوا على أن يكون عامر بن مسعود أميراً حتى يجتمع الناس على إمام يرضونه، فلم يلبث عامر أن بعث ببيعته وبيعة أهل الكوفة إلى ابن الزبير.
وأقام المختار مع ابن الزبير خمسة أشهر بعد موت يزيد بن معاوية. دون أن يجد منه أي اهتمام، ودون أن يكلفه بأية مهام، وأخذ كلما قدم عليه أحد من الكوفة يسأله عن حال الناس فيها وهيئتهم.
وقدم هانئ بن أبي حية الوادعي مكة يريد عمرة رمضان، فجاءه المختار وسأله عن حاله وحال الناس بالكوفة. فأخبره عنهم بصلاح واتساق على طاعة ابن الزبير. إلا أن طائفة من الناس لو كان لهم رجل يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض. فقال له المختار: أنا أبو إسحاق، أنا والله لهم، أنا أجمعهم على مر الحق، وأنفي بهم ركبان الباطل، وأقتل بهم كل جبار عنيد. فقال له هانئ: ويحك يا ابن أبي عبيد ! إن استطعت ألا توضع في الضلال ليكن صاحبهم غيرك، فإن صاحب الفتنة أقرب شيء أجلا، وأسوأ الناس عملا. فقال المختار: إني لا أدعو إلى الفتنة إنما أدعو إلى الهدى والجماعة.
يتبع
0 comments:
إرسال تعليق