خلعت الشَمس قَفافيزها
ورمَتها أمامي .
مَزق القمر قَميصَهُ
وَرماهُ في البَحر .
الليلُ يتَهدل
والشعاع يَتكسر
للأشجار مظلات هباء
للأزهار رؤوس تَتماميَل
- ماذا يَقول
هذا الطفل ، الشَيخ ، الصَباغ
يُلمعُ أحذية الماره
ويَختبيء في كِسرةَ خُبز .
هذا الشيخ ، الأعمى
فَقدَعَينيه في الحروب الإبادة
الأيامُ صَدأ كَفيه
يَقرا الوجوه بأذنيهِ
ويَنامُ في الشقوق .
- أغربي ، أغربي ...
أيتُها الشمس
نَحنُ أمة َنتناسل في الظَلام
نَتقوقع في القَحط واليَباس
خُذي أبنائكِ وأحفاذُكِ
لَملمي تَلابيبُكِ وأغربي -
قناديل مُطفاة ، أزاهير ذابلة
دَعينا نَتخبط في لِجة الظلام ..!
* (الهَويه )
أمي غارقةٌ في سواد عَباءتِها ، التي ضَمت ودَثرت ثمانيَة أطفال ،
أمواج سوادٍ تتلاطمُ أمام الرياح العاتية ، رحمٌ يتخبَط منذ أربعين عاماً .
عواصف القهر والحرمان ، يأسٌ من الحروب الخاسِرة
والدي كان عَسكرياً تائِها يَبحثُ عن ذاته وَسَط الصحراء القاحِلة ،
يُقلم أظافر النجوم ، يعدُ حَسراته وآلامه مُتخبطاً في وحول الهَزيمةِ والخذلان .
أمي تَمسحُ تجاعيد وجهها ، قيظٌ وضجرٌ تَموزي ، كل شيء
يذوبُ تحتَ القُرص الشمس المَعدني ،
كانتْ تَنطُ هنا وهناك ، تَنهشُ لحم أكتافي تنَزني ، بِمناقيش أصابِعها
تَحثني ...
أن لا أرفع رأسي وأن أحتشِم ، ( فآكلة لحوم النساء بالمرصاد ) .
قلتُ مُتوسلاً وبأدب جَم
وفاءً لِنصائِح أمي والتي لا تَكفُ عن الدُعاء بالتوفيق .
- سَيدي الموظَف ...
قَدَمايَ تاهتْ ، لا أرض يَحملُني ، ولا وَطن يأويني ...
( بِطاقتي ، هويتي التَعريفية )
أصبَحتْ رماداً في حريق المُدن ، لو تَتكرمون سيادتِكم ...
قاطعني بصوتٍ ( مقرقع ) ...
- السيد المُدير في أجتماع مغلق...
أُكتبي عَريضة وعودي غَداً .
في الغد...
مثلنا واجمين أمامهُ بَعدما تَبَسلمت أمي وتَمتمت بآيات ( الذكر الحكيم ) .
منحنية ، راجفه ، أمام قرقوزات العصر .
- سيدي ومَولاي عظمَ الله مَناقبكُم
ها نحن نعود ثانيةً ، هذهِ عريضَتي ، وطَلبي المُتواضع كتَبته ُ بماء الذهب
( الذهب الاسود ) ..!
نَحنُ أمة تتفاخر بِسواد أرضنا .
عَدلَ مِن جَلستهُ بعدما تثائب وأخذَ ( يَتنَحنح )
تَفحصني مِن قمة الرأس الى أخمَص القدمَين
كان قُمقُمي الشَكل والصورة
يَشبهُ قِرداً مَقطوع الذَيل .
- هل أنتِ عربيه أم كُرديه ؟
- سنيه أم شيعيه ؟
- مَعَ مَنْ ، وعلى مَنْ ؟
- وأينَ قسيمتُكِ الحزبية ؟
- مَن هُو ( خالد المسلول ) ( قعقاع الباطّش ) ( البارق الجَبار )
والشيخ ( بَعرور ).
صفي لِيَ العلم ، وأقرئي النشيد الوطني ، ووو الخ .
- قلت سيدي ...
هوُلاء صانعوا تاريخُنا وهُم ذُخرنا ، تيجان رؤوسنا أحياء في العقول والقلوب
خالد كان يَحبُ النساء ،
والقعقاع لم يُذكر بأنهُ أكل البَطيخ قَط ،
والشيخ بعرور أبنائه وأحفاده نِمال بَشرية يُغطون وجه الأرض .
الشيخ ( بهلوان العصر)
يَلعبُ على الحبال ويُغيرَ لُعبتَهُ حِفاظاً على كرامة الأُمة وسيادَة الوطن ،
يَاكلُ خَروفاً محشياً بِجلسةٍ واحِدة .
أما العَلم فقد مَزقَتهُ الرياح العاتية ، والحروب الطاحنة
منذُ عهودٍ غابره ،
وسراويلَ نِساء نا ، بِهمة الصّناديد الوطنيين أصبَحَت أعلام مُنكسة ..
أما الوطن الحبيب ، جاموسٌ مَذبوح يَرفسُ تحتَ أقدام الطُغاة .
كَشَرَ وجهَهُ ، بعَصبية حاده ، نَحرني ،َ مزقَ أوراقي والعَريضة ...
- قلت
سيدي المُبجل ...
- ولكن ( الذهب الأسود ) ...
آه من الذهب .. !
قالَ رافعاً أصابع التَهديد في الهواء ...
- أخرجي والا أوقفتُكِ
أما أمي فَكانت تَذرفُ دموعاً ساخنة ، وتندبُ حظِها العاثر .
* ( الطابو )
- أفصَحي أيتُها الدجاجة المَسلولة ،
والتي تُزخرفُ جِناحيها ( بست نجمات ) ذهَبية ،
لأ نها حَفيدة ( زقلوط آغا ) .
- مِن أين لكِ أن تَتنفسي وَسَط هؤلاء الديَكة .
وَكم تُعاني رئِتاك من غُبار هذا الزمن الأعمى
والذي يُرصف حِذائهُ المُرقع فوقَ رفوف هذا الدَهر العاهر ؟ .
- سيدتي كيفَ ليَ أن أنحني ما ثلِاً أمامَ ( السيد المدير )
فقد قُمتِ بواجباتُك الوطنية
نَبَشتيني كما يَحلو لك ِ حِفاظاً على الأمن وسلامة المواطنين ؟ .
وللتا كيد سيدتي المُبجلة ...
- هل أنا في دائرة ( الطابو ) أم مقر القيادة العسكرية لحلف ( الناتو )
فنَحنُ ندخل الحروب دونَ أستئذان ونَخرج من الحروب دون أستئذان ؟ .
قالت بعصبية حادة ..
- مديرية طابوووو ..
رجالٌ مُدججون بالأسلحة ، أكتاف تحملُ نسوراً ونجمات ذهبية لامِعه
خرائط لِمقابر جماعيه ، ضِباعٌ تَرفعُ أكفها عالياً للتعظيم والسلامْ .
في طابورالطويل ..
* رَجلٌ ياكلُ أظافره
* كهلٌ خانَتهُ ركبتاه فَسقط على الأرض
* أمراةٌ تذرفُ دموع ساخنة
* شابٌ يأكلُ أصابِعهُ
والوقت يَخبز عقاربهُ في فرن النهار .
وصرصور يَتيهُ بين الأقدام .
أنحنيت قائلا ...
( ما رأيك أيُها الصَرصور في هذا العالم ) ؟ .
زَمجر المُدير ، و سَحق الصرصور بِجزمَتهُ العسكرية .
- أنتهى الدوام ...
صاحَتْ الدجاجة المَسلولة ذات وجه المُنَمش
وجناحَين المُطرزتين بالنجمات .. ! .
0 comments:
إرسال تعليق