أشياء عن تونس/ نزار الحميدي


العصفور
سأحدثك عن العصفور الذي فر من قفص الظهيرة الضيق المعلق في باب المطبخ
لم يكن جوعان أو عطشان
لكنه قرر الفرار من قفص الظهيرة الضيق المعلق في باب المطبخ
ربما كان وحيدا
ربما كان حزينا
.........................
لسبب ما لم أنزعج لرحيله
ولم أقم مأدبة لتشييعه
تركت له باب القفص مفتوحا
وغيرت خبزه وماءه و موسيقى البيت
مساء،عاد العصفور مبللا ومذعورا
ربما اكتشف أن المدينة كانت قفصا كبيرا
وأن الشوارع كانت ملأى بالصيادين
و أن موكب العصافير المهاجرة لم يمر بعد...

يوم الثاني من جانفي


كان آخر يوم أطالع فيه الوجوه العابسة والبدلات الأنيقة
سأودع طقطقات الأحذية الماجنة ليلا
سأودع القهقهات المترنحة في إتجاه نهج مرسيليا
سأودع التثاوب تحت أعمدة النور
...
كان اليوم الثاني من شهر جانفي آخرة كل شيء

وأنا أطبع أول لوثة على المقبض
وأنا أديرالمفتاح في قفل الباب...
أترك الوحشة خارجا...وأطل على السكينة


سوء فهم


كل صيف
تجوع العصافير خوفا من الفزاعة المزروعة في حقل القمح
العصفور الذي تعلم الطيران
كان ينقر كتف الفزاعة في مرح
الفزاعة التي تفتح ذراعيها لم تكن مخيفة
الفزاعة تتفتح ذراعيها
احتفاء بالعصافير


طلاق

الشرفات شاحبة
النوافذ مطفأة
تشرد الأطفال قبل منتصف الليل
وتوقفت قمامة العائلة عن النزول من الطابق العلوي للعمارة
... حدث كل هذا عندما عثرنا على ألبوم صور ملقى في آخر الزقاق


عناق


بائع القطانيا
يدفع عربته على الرمـل
لا يكترث لأحد
يبتسم لحبات تتقافز من المقلاة
فنلتقطها بنهم طفولي
عند عربته التقينا لأول مرة
وتعانقنا مثل زوجي صدفة...



تلك الليلة

ليلة رأس السنة
تنحدر الذكريات إلى خابية النسيان
تترك خلفها دوار الثملين
تترك خلفها رائحة السجائر الثملة
تترك خلفها سعادة المحتفلين
ليلة رأس السنة
لم تنم العصافير المذعورة في أشجار الشارع
لم ينم أحد ليلتها...
عندما كنت أعبر الشارع في صمت
كانت خيوط البول التي تنزف من الجدران
تقطع علي الطريق

CONVERSATION

0 comments: