أيها المبتسم/ حمّودان عبدالواحد


( إلى الشهيد المجهول ذي الوجه المبتسم الذي شيعت جنازتَه مئاتٌ من أبناء مصر وشباب الثورة وسط زغاريد حشود من النساء اللاتي هتفن "كلنا أمّ الشهيد... لا إله إلا الله... الشهيد حبيب الله " ! )
------------------------------------
ودّعناكَ والحزن نيرانٌ تأكلنا !
بأيّ حقٍ موّتوكْ ؟
بأي ذنبٍ قتلوكْ ؟
ودّعناكَ والبسمة حيرةٌ تسكننا !
بأي عطرٍ طهّروكْ ؟
بأي ماءٍ غسلوكْ ؟
*******
قل لي يا أخي، ما سرّ هذه الابتسامة ؟
أتراها غصن زيتون تحمله حمامة ؟
أتراها لحن شحرور تنْشِدُه سلامة ؟
هذه الابتسامة، إلى مَ ترمي إلى مَ ؟
أتُراها النيل حالماً بعد يومٍ عاصف ؟
*******
قل لي يا أخي، كيف رحلتَ عناّ مُبْتسِمَا
أزَهِدْتَ فينا أم كان طائرُ الروح مُرْتقِبا
بعد طول احْتضارٍ في الاقفاص مُنْتظِرا
شارة الرجوع إلى حِضْن الحياة فانطلقا؟
*******
أخي، هل رأيتَ مقعدك في السماء؟
ترْتجحُ قدَماك من عُلاه
على الفردوس في حُلاه؟
أخي، هلا طللتَ من هناك،
من أرْجوحَتك في الجنان،
على محْنة المقيَدين
على لعْنة المعذبين
حاملي الصخرة إلى الجبال،
السيزيفيّين من العباد،
تمسح عنهم دموع السنين والأجيال
بما سوف يُرزقون
من رحيق البسمات
وملذات السرور..؟
*******
اِلتفّ الفلُّ بالفولِ
في شوقٍ وعناق بحقولك السمراءْ...
فماذا أرى؟ طلعتْ وَرْدتانْ :
من اليمين، وأخرى من الشمالْ...
فماذا جرى؟ تفتحتْ قبلتانْ:
من الجبينِ، وأخرى من اللسانْ..
اِبتسمَ الكلّ مرّتين ،
بسمة كالغضب حمراء ،
كالعشب أخرى خضراء ،
نسَجتْهُما أغاني الثائرين لحنَ دماءٍ وصمودْ،
طرزَتْها أيادي العاجنين خبزَ آمالٍ ووعودْ...

*******
يا مُبْتسِماً قل لي ما سرّ هذه الفراشة ؟
رَفرَفتْ على مُحَيّاك متنزّهه
رقدَتْ على وجهك مُستلقيه
رامية ذراعيْها على شفتيكْ
ساهرة على حُلمكْ
تقول لا توقظوه
دعوه ينعَمُ بالحياه
في هذا السرير السرمدي
وراء ستار من الأسرار...

*******
راقِدٌ أنتَ فيها وراقدةٌ فيك،
هذه الابتسامة!
وكأنّكما فجرٌ في أصيل!
نعاسٌ مُتدَثرٌ بالضحى !
شموسٌ ورعودٌ فيهما !
تخترقكما من وراء الضباب
نظراتٌ من القمر
وكأنّ شفتيْكما
مدّ وجزرٌ
أمام السائلينْ
موجٌ
رملٌ
ريحٌ
شواطىءٌ
مرافىءٌ
أمام الحائرينْ...

*******
قالوا عانيْتَ من الوحدة في ثلاجتك،
ولو فتحتَ لهم شُرَفَ عينيك
ولو شرعت لهم أبواب روحك
لحلّقوا في الأجواء ككلّ جناح خفيف
لغاصوا في أبسّات السرور
ولامتطوا أسِرّة من أظهر الميدوزات
في رحلة عجائبيّة
من أشكال المخلوقات ،
والألوان والأضواء...
وجغرافيّاتٍ من الإيقاع ،
من الأصوات والأجراس ،
والتلاوات والتراتيل ،
والوسوسات والهمسات ،
وحتى الرقصات والقهقهات...
في رحلةٍ قدسيّةٍ
تتفتح حول حوضها
كلّ أريْحِيّة قلبيّة
براعمَ أكوانٍ
دون حدّ كالخيال...
بسماتٍ متوالده
بسماتٍ متماوجه...
بسماتٍ... بسماتٍ... بسماتْ...

*******

CONVERSATION

0 comments: