العيد في بغداد/ ابراهيم سلامة

العيد تلك الأُحجيه الكبرى
ما فقهناها يوما ولا ادركنا حلها..
ما العيد ان لم نستنشق عبق دجلة والفرات
في همس العشاق تحت عمتنا النخلة الباسقة ؟؟
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ..
نكبرها بالحناجر ،
وبوابة الرشيد تنزف دماً وألماً ،
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ،
وبغداد تودع التأريخ، وتذرف دمعها فوق جثث حضارتها المتناثرة بأزقتها ،
كيف آتيت أيها العيد ...
وبغداد أنهكها الموت وصوت مفخخات الحقد في الأسواق والحواري والمساجد ...
والعهر السياسي الذي أطاح بكل مقدس ...
وأبناء كل رذيلة عبثوا وعاثوا ...
وما العيد إن لم تعد بغداد تتألق
وتلقي على شهريار حكاياتها
وتنثر ورود العمر عند الشناشيل والنخيل؟؟
هَّلَ العيد وعلت تكبيراته الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ..
لتصافح القلوب المحروقة على صوت مغتصبات أبو غريب..
والأمعاء الخاوية في غياهب السجون وأقبية الموت ...
جئت يا عيد وأطفالنا تبحث بين كومات الزمن المتعفنة عن بسمة تكحل شفاها ..
وأملا يبشر بمستقبلها ..
وتبكي وتبكي فرحا أم أملا ؟!!
حين احترقت الطفولة والبراءة والطهر على أرضنا
وقسمات الربيع اختفت،
من وجه السماء
لم يعد ثمة غبطة تداوي الجراح
ولا حلوى تذوب الروح فيها..
عيدٌ بأي حال عدت يا عيد..
وأمتنا ثكلى تنعي سنتها وشيعتها..
عدت ومخالب الطائفية تفترس بهجتها ..
ما أبهجنا العيد،
ولا ألقى الفرح بذوراً تنمو املآ في الصدور.
وما اجتاحت أسراب الزغاريد البيت
فلدينا شهيد، وجارنا بالأمس توفى وقتلوا عمر وعلي
فما عرفنا من بعدها فرحة العيد..
هَل العيد وأطفالنا يترنموا لحن الأمل بالعودة للديار ،
واللهو وسط شجيرات النخيل والبرتقال ،
وبين أزهار حدائق الوطن ،
يتنسمون من نسائم الأرض ،
ويقبلون نجوم سمائها الساطعة ،
وقمرها الحنون ، ينشدون معاً
لم نعد أحراراً
لم نعد أطفالاً
مذ مزقوا ديارنا وأكثروا فيها الفساد ..
آه يا بغداد .. آه يابغداد ...
يا أزقة الكرخ والرصافة القديمة ،
وشارع الرشيد والمتنبي
بل تمثال( أبو جعفر والرصافي ) سرقوا حلمي ،
كحلوا عيناي بفراقكم وهجر جلساتكم ،
فما عدت أفرح بوجودي وبقائي..
سلبوا كينونتي وهويتي فانطفأ فرحي ..
ودمعت عيني ..
لكن !!! سأغني للعيد
فمذ حطت خيالاتهم وخيلهم وخيلائهم،
في شوارع أزقتنا الجميلة
انطفئ الفرح في عيوننا،
وما علقنا بعدها الزينة..
أحريا بنا أن نحتفي بالعيد
أم ندعه يمضي كباقي أيام ألاه،
الهاربة صوب شواطئ الغربه..
كل عام وأنتم والعراق بألف خير..
(إعلامي عراقي مقيم بالأردن)

CONVERSATION

0 comments: