مذبحة البراعم/ د. أحمد محمد المزعنن


لكن كانونَ يهلُّ هذا العام مصطبغًا بالأرجوان

جروحُه،ندوبُه محفورةٌ في الروح في الوجدان

مشيعًا بنوح حمائمِ الأدواحِ في "فردوسنا المفقود"

وفي انكسار الفجر تدعو ربَّها الرحمن

تمجد المعبود تشتكي لخالق الأكوان

تردد الحمد على نعيم دائم ولا يزول

على شقائق النعمان غطت صفحة الحقول

فيا حمائمُ اسجعي وجددي قصائد النواح

ورددي الهديل واستبيحي حرمة الجراح

وأطلقي ترنيمةً تجدد الهيام في النشيد

وأنتِ يا عنادل النخيل في العراق والجزيرة

هيا ابعثي تغريدَك الذي يجددُ المسيرة

ليبعث الحياة في ثنايا الأنفس الكسيرة

يا أيها الأباة يا فُرسان الأطلس الأشم

يا حامل اللواء في بطاح المغرب الكبير

لوِّح به محفزًا خيولَ يعربَ المجنحة

اهتف بصوتك القدسيِّ في مآذن الشآم

يا عطرَ نجدٍ جدِّد الغرام في البطولة

أعدُ حنين الشعر للأمجادِ والرجولة

لقلب يعربَ الجريحِ نازفًا يفورُ بالنجيع

يروي أزاهيرَ الرُّبا مستبشرًا بطلعة الربيع

امنحُهُ قوة الكلام وانتعاش الابتسام

ابعثْهُ روحًا عبقريَّ البوح بانتصار

جددْ ربيعَ الأمةِ العزيزةِ النبيلةِ الكليلةِ

وارسمْ لها طريقَ الانطلاقِ والخروج

من ظلمة الليلِ كي تعيش روعةَ النهار

فقد دنا موعدُها المضروبُ مع مذابحِ البراءة

عند قدوم الطائر المشؤوم يملأُ الأفق

يميل غصن الياسمين يروحُ يذوى ثُمتَّ اختنق

شهادةً على حقارةِ الإنسان حين يُفسد النضارة

وحين يخنق الأزهار في أكمامها

: يُسمم البراعم

ويسلب العبير من ورود الروض

: يُسكت الحمائم

يشحنُها بالسمِّ والبغضاءِ من رصاصِ الانتقام

وينتشي بخمر سحابة الفوسفور وهي تنتشر

تُلوِنُ السماءَ بالبياضِ والصفارِ... تُهلك البشر

منذ احتجاب شمسنا من فوقنا بحالك الغمام

توقف النشيد عن وجيب القلب أو حَوَرِ العيون

توقف الحوار والشجار والنفار والصراخ والكلام

من وقتها لم يذكر الشُّعارُ في قصيدهم حكاية الزيتون

ولا رياض اللوز والليمون

ولا حقول النرجس المفتون

من وقتها تطايرت وغادرت أكنانَها حمائمُ السلام

من يومها ما عاد ينفع الكلام

CONVERSATION

0 comments: