قوى 14 آذار وامتهان الخيبات وردات الأفعال/ الياس بجاني

مما لا شك فيه أن تجمع 14 آذار هو نظرياً سيادي ووطني وسلمي ومؤمن بالدولة وبالقانون وقد قدم كوكبة كبيرة من الشهداء فداءً لشعار لبنان أولا قولاً وممارسات. 
نعم القضية التي يحملها التجمع مقدسة لأنها قضية وطن ومواطنين وحريات وديموقراطية وسيادة وشهداء، إلا أن نجاحاته تكاد لا تذكر في حين أن إخفاقاته لا تعد ولا تحصى وكلها كانت ولا تزال كارثية وجاءت بنتيجة التردد والخوف والأنانية وعدم وضوح الرؤية والاعتماد على ردات الأفعال وليس على الأفعال، والأمثلة كثيرة ومعروفة من الجميع وكان أخرها التجديد اللا قانوني للمجلس النيابي. 
أما أخطر إخفاقات تجمع 14 آذار فيكمن في ضعفه غير المبرر في مواجهة نفاق وحربائية نبيه بري الذي هو أداة قاتلة بيد محور الشر السوري- الإيراني، أداة قاتلة ومدمرة للحياة الديموقراطية والبرلمانية. جدد له مرتين والمرة الثالثة على الطريق ودائماً يتملقه ويسايره وينفش ريشه في حين هذا البري يعطل كل تحركات 14 آذار ويفشل كل مساعيها المحقة ويهاجم مكوناتها ويحقرهم في العديد من المناسبات. 
هذا وقد إستُّنسخ هذا التعاطي ل 14 آذار مع بري ليتم إسقاطه وبنفس النمط الاستجدائي على البطريرك الراعي الذي علناً يساند نظام الأسد وسلاح حزب الله ويساوي بين 14 و8 آذار، أي أنه يساوي بين القاتل والقتيل وبين المجرم والضحية، في حين أن مكونات 14 آذار، (الكتائب والقوات والمستقبل والمستقلين)، يسايرونه ويتملقونه ولا يردون على هرطقاته التي تطاولهم وتحقر شهادة الشهداء. 
في مقابلة مع جريدة الجمهورية نشرت يوم الأربعاء في 14 آب/13 أجاب الدكتور سمير جعجع عن علاقته بالراعي بالتالي:
*هل ستلبّون دعوة البطريرك الراعي إلى لقاء ماروني جديد؟
-العلاقة مع بكركي على أفضل ما يكون، لكن اللقاءات المسيحية أمر مغاير، لأنّ التجربة السابقة في موضوع قانون الانتخاب لم تكن ناجحة إنما كانت تجربة مُرّة، انتهت بطعننا في الظهر، وبالتالي يجب توضيح الماضي قبل التفكير في خطوات للمستقبل.
*هل البطريرك غيَّر في مواقفه؟
-أنا لا أنظر إلى الموضوع من هذه الزاوية. فالبطريرك عاش ما عاشه الرئيس سليمان لجهة أنه حاول استيعاب الوضع وترميمه والوصول به إلى شاطئ أمان الدولة، وهو كان يردد دائماً مواقفه العلنية اليوم في مجالسه الخاصة.
بدوره وبعد زيارة لعدد من نواب تيار المستقبل للراعي في الديمان يوم الأربعاء 14 آب/13 (وكالة الأنباء الوطنية) قال النائب أحمد فتفت: "مواقف الراعي تعبر فعلاً عن طموح اللبنانيين، خصوصاً أننا يجب أن نتصارح كلبنانيين كي نصل إلى حل، وإلا سنصل إلى خراب البلد".
نسأل تجمع 14 آذار بكل مكوناته هل يوافق على اتهامات الراعي له بتخريب البلد والسعي إلى المصالح الخاصة مثله مثل 8 آذار؟ وهل يوافق التجمع على أن سلاح حزب الله شرعي (تصريح المطران بولس الصياح لجريدة النهار بتاريخ 10 تموز/13)، وأن الربيع العربي هو خريف، وأن الأسد هو حامي الأقليات، وأن نظامه هو الديموقراطية الوحيدة في المنطقة؟ 
من المحزن أن 14 آذار تستنسخ مواقفها من بري وتسقطها على الراعي وهذا أمر لا يُفرح ولا يبشر بالخير!!
أما كيف سيكون موقف 14 آذار من الانتخابات الرئاسية المقبلة التي لم يعد يفصلنا عنها سوى أشهر فالأرجح سيكون "شي تعتير" واستسلامي بامتياز كون أكثر من 15 شخصية مارونية على الأقل من ضمن 14 آذار يحضرون أنفسهم للجلوس على كرسي بعبدا وهم يقيسون ويفصلون ويبدلون كل مواقفهم ومواقف أحزابهم الشركات العائلية بما يخدم فرصهم الرئاسية. 
هذا الواقع الماروني وال 14 آذاري التعيس سوف يهمش قرار 14 آذار الرئاسي ويترك لحزب الله والسعودية وإيران مهمة تسمية الرئيس المقبل، هذا في حال سمح محور الشر السوري-الإيراني بإجراء الانتخابات الرئاسية ولم يفرض الفراغ الذي يسعى إليه تمهيداً لإسقاط الدولة اللبنانية وإقامة جمهورية ملالوية على أنقاضها. 
من هنا مهم جداً أن يصحح تجمع 14 آذار مساره ويبدأ منذ الآن بوضع خطة عملية قابلة للتطبيق تحفظ له دوراً فاعلاً في الانتخابات الرئاسية، على أن يتواضع القادة الموارنة الكبار ولو لمرة واحدة في حياتهم ويعلنون جدياً أنهم غير مرشحين ويعملون على التوافق على ماروني ملتزم لبنانياً وماضيه مشرّف ويتمتع بالمواصفات التي تحتاجها الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان والتي تهدد وجوده ومصيره وهويته وتعايشه.
في الخلاصة إن كرسي الرئاسة الأولى هي حلم وهوس وجنون القادة الموارنة الكبار ولذلك نراهم يتلونون ويسايرون ويتملقون ويبيعون ويشترون ويركعون على أمل أن يكون الكرسي من نصيبهم. 
هذه الأوهام الرئاسية سببت ولا تزال تسبب الكوارث للموارنة وللبنان.  الأمل كل الأمل أن يتعظ هؤلاء القادة ولو لمرة واحدة ويغلِّبون مصلحة الوطن على جنون حلمهم المدمر!!

CONVERSATION

0 comments: