وجه الأضرحة/ حسن العاصي

كاتب فلسطيني مقيم في الدنمرك
خلف الأضرحة المتهالكة ترتعش الدروب
فتضيع الأغصان والأسماء
والأحزان البيضاء
تنوح الأرض وتلوك الحزن يدثٌرها
كجرح العيون وصرخات القبور
مخاض يمزٌق رحم السماء
يا أحمد
كيف نقبض  بمسلك الطٌيف المتعرج
على نافذة الموت ونحن عراة ؟
وهم ينازلون طعم البارود
ووحشة الريح البارد

 القتل كثير
والجثث تستجدي كفناً
وحفنة تراب
تتراكم العيون المالحة على الطرقات
والموت يزيٌن الأرض ولايموت
ترتدي النساء السواد
وتغرق النوارس في غفلة البحر
لاتخطئ الشظايا ذبحها نحو الصدور
أطفال ذابت أكفٌهم الصغيرة
أقتل ماشئت
فالدم على الحمم انتصر
واللهب للنور تالد

يتناسل اللٌيل شهيد عن شهيد
وأنتَ مدينة الموت
تفر الدروب إلى الملاجئ
الموت في تيه
والمقابر تبحث عن الموتى
أين المفر
الوجوه ينابيع الطفولة
والجدران أضحت كوة للذبح
يبكيني سحر القبور فأتوسٌدها
يا الله
إرفع عنٌا هذا الضيم الحاصد

شوارع المدينة حزمة من نار
أبوابها ممزٌقة تستجدي إبتهالاً
أنا وظلٌي في هذا اللٌيل
نستمطر الموت
حيث حمم الخطايا
تغتسل بالأسماء
يتمدٌد ظلي فوق رماد المدينة
ليس في صدري سوى حفنة أوجاع
يمضغني الجفاف بين فكٌي الركام
حين تعوي الرٌيح
يبكيني الذي هام بحزني
ونام غيمة على عشب قلبي
تبكيني تلك الوجوه الزرقاء
 مقهورة بلا مأوى بلا عاضد
 
استفحلت الخطايا
قد أغشى السلطان جشع مستطر
غيلان بليدة في هزع اللٌيل
ترسم نقوشها الدٌامية
على الستائر الآدمية
بالقتل يأمر السلطان
فيحبس الله المطر
تتعرٌى المدينة قسراً
لفيالق الجيوش المنهزمة
وتلملم جسدها المستباح
ودروبها المنكوبة وزهر الياسمين
ظمأ المدينة لربيعها
يسيل على جدران الرعب
يحزم الجلٌاد قبضته
حول عنق الوطن المضمٌخ بالعتمة
يكتب موت الرعية
ويسقط في الخراب الخالد
 
 وحدنا في التأويل نجثو في الحطام
نرابض في جوف النار
سفحنا العمر سراباً
كشجر الزقٌوم طعام الأثيم
نقيم للموت كرنفالاً
في السٌواقي المهجورة
أضعنا فهرس العدل
وسياط الظلم فينا تمخر
صباحاتنا مأدنة وألف مدفع
وليلنا أضيق من القيور
يارب
ها نحن في بابك نحمدك نتوسل
قد أسرى حزننا وضاقت حياتنا
نستجيرك فأنت المجيب لكل حامد

CONVERSATION

0 comments: