الأمانة/ محمد محمد علي جنيـدي



يَحْنُو إلَيْكَ الْقَلْبُ حَنْوَ الْهَائِمِ
فَعَسَاه أنْ يَحْظَى بِسَابِقِ مُهْجَتِي

كَمْ ضَاقَ بِي إثْمِي وكُنْتَ الْمُنْقِذا
ورَأيْتُ عَفْوَكَ سَابِقاً لِإسَاءَتِي

كَمْ شِدَّةٍ نَزَلَتْ وكُنْتَ الْمُنْعِما
بِمَحَبَّةٍ فَطَوَيْتَها عَنْ سَاحتِي

يا صُبْحُ كَم ْضَلَّ الْجَوَادُ الْمُلْتَقَى
يا لَيْلُ كَمْ وَاسَتْ نُجُومُكَ حَيْرَتِي

ما عِشْتُ يَوْماً ضَائِعاً بِتَعَبُّدِي
خَيْرُ الْحَيَاةِ وعِزُّها فِي خِلْوَتِي

وأرَى بِقُرْبِي مِنْ حَبِيبِي أنَّنِي
نِِلْتُ السَّعَادَةَ كُلَّها فِي سَجْدَتِي

يا مَنْ وَهَبْتَ الْقَلْبَ سِرَّ حَيَاتِه
كَمْ كُنْتُ حِينَ الْعَرْضِ ضَالَّ الْحِكْمَةِ

عَرْضُ الْأمانَةِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً لَهُ
إلَّا أنا أدْرَكْتُهَا بجَهَالَتِي

فَزِعَ الْوُجُودُ ومِنْ عَوَاقِبِ حَمْلِها
وحَمَلْتُها بَلْ كُنْتُ أحْمِلُ حَسْرَتِي

ورُزِقْتُ عِلْماً هَادِياً كُلَّ الَّذِي
شاءَ الْهُدَى يا رَبِّ مِنكَ هِدايَتِي

ورَأيْتُ كَوْناً سَابِحاً فِي حَمْدِكُمْ
والْقَلبُ لَاهٍ فِي تَلَاهِ أمَانَتِي

أخِتَامُنا يا نَفْسُ جَنَّةُ ربِّنا
أمْ لِلْجَحِيمِ أنا أطِيرُ بِشَهْوَتِي

الْمَوْتُ يَأْتِي كُلَّ حِينٍ سَاقِياً
نَبْضَ الْوُجُودِ مَذَاقَ مُرِّ الشَّرْبَةِ

يا لَيْتَنِي طَيْرٌ أطِيرُ ولَا لَه
يَا لَيْتَ أنِّي لَمْ أعِشْ بمَشِيئَتِي

يا لَيْتَنِي أُنْهِي حَيَاتِي تائِباً
أمْضِي إلَى يَوْمِ الْقَضَاءِ بِتَوْبَتِي

أرْجُو الَّذِي بِالْأمْسِ كَمْ أغْضَبْتُهُ
يمْحُو الذُّنُوبَ فتَسْتَنِيرُ بَصِيرَتِي

يَا مُبْصِرِي ما آن لِي أنْ أهْتَدِي
صَبْرِي انْقَضَى شَاكٍ لِقِلَّةِ حِيلَتِي

يَا رَبِّ ضَعْفِي ظَاهِرٌ ومَخَاوِفِي
آتى إلَيْكَ أجُرُّ خِزْيَ هَزِيمَتِي

يَا سِرَّ رُوحِي قَدْ حَمَلْتُ أمَانَتِي
وضَرَعْتُ أنْ تَمْحُو بِنُورِكَ ظُلْمَتِي

إنْ ضَلَّ قَلْبِي أنْتَ نُورُ هِدَايَتِي
ولَئنْ ضَعُفْتُ فَمِنْكَ رُوحُ إرَادَتِي

هَذا فُؤَادِِِِِي إنْ رَحِمْتَ حَفِظْتَهُ
وبِفَضْلِ عَطْفِكَ لَنْ تَضِلّ وَسِيلَتي

يَا رَبِّ إنْ ضَاقَ الضَّمِيرُ بِعِلَّتِي
فَبِنُورِ عَفوِكَ تَسْتَقِيمُ عِبَادَتِي

أدْعُوكَ أنْ تَطْوِي الْهُمُومَ بِوَصْلِكُمْ
أدْنُو إلَيْكَ الْقُرْبُ غَايَةُ مُنْيَتِي

CONVERSATION

0 comments: