الكونُ والكينونة/ د. عدنان الظاهر


(( إلى الدكتورة أسماء السنجاري / سياحات كونية غير صوفية ))


الكونُ يدورُ
الكونُ المسكونُ وغيرُ المسكونِ يدورُ
الشمسُ تدورُ الأرضُ تدورُ الثورُ يدورُ
ناعورٌ مشدودٌ في ناعورِ
ماذا عن حتفي ومصيري والعمرِ المهدورِ
ماذا عن مستقبلِ أولادِ الخيباتِ وتأريخٍ مغدورِ
والبيئة والقتلِ السريِّ وكشفِ عِظامِ الموتى
وجماجمَ أخفاها الطاغوتُ وما أفظعَ ما أخفى
هل تبقى أنتَ وأبقى
أحجاراً صمّاءَ وأحطاباً تتآكلُ في نارِ التنّورِ المشجورِ ؟
هاجرْ ، إنْ شئتَ ، وقامرْ أو غامرْ
فالكون بدونكَ بُنيانٌ من خزفٍ مفخورٍ مكسورِ
هاجرْ ، في الهجرةِ ميدانٌ سريٌّ للضغطِ العالي
ومجارٍ للهاربِ من تكسيرِ الأسنانِ وتخليعِ البيبانِ
وملاهٍ شتّى
أُهجرْ أرضكَ ما فيها للصدرِ المصدورِ مكانُ
تتنفّسُ فيهِ رويداً
تسألُكَ الأقدارُ إلى أينَ الجسدُ العاري عظماً يسعى
ومتى الأوبةُ للنجمِ القطبيِّ وعُشِّ البيضةِ في أقصى دربِ التبّانِ
قلْ ذلكَ من أمرِ الربِّ ولُعبةِ إغواءِ الشيطانِ
قلْ ما قالَ الشعراءُ وما قالَ العرّافُ وما قالت أسفارُ الكُهّانِ
عن علمِ القادمِ من حالي قلْ
يأسانٌ يأسانٌ سأمانٌ سأمانُ ...
إطوِ الصفحةَ من آخِرِها
أوّلها مخروقٌ مشبوهٌ محكومٌ بالدورانِ
فعلامَ الجريُ وراءَ سرابِ مرايا الغيبِ المُرتابِ ؟
إطوِ كتابَ الكونِ المطعونِ من الظهرِ فما
قيمةُ هذا الكونِ بدونكَ يا إنسانُ ؟!
ما بين الكان والكينونة
الهجرُ مفاتيحُ الأحزانِ
الهجرُ ظلامةُ محرومِ
النورُ ظلامُ
والظُلمةُ تشرينُ ...
قالتْ واختبأتْ : لا تركبْ بغلاً مخصيّا
لا تسألْ لا تصرخْ لا تغضُضْ طَرْفا
الدربُ طويلُ
لا يقبلُ ترحيلا
سلطانُ القهرِ عليلُ
والعلّةُ في الذكرى .
الهجرُ نواقيسُ كنائسَ عيسى
في الصدرِ صداها ، في صدري
يتردّدُ كالموجِ الصخّابِ العاتي .
ما بعد الكان والكينونة
نهرانِ في عالمنا الآخرِ لا يجريانْ
فإنْ جرى واحدها تخالفَ الإثنانْ
ضدّانِ لا ينفصلانِ تؤمانْ
لا حُبَّ في عالمنا الآخرِ لا أمنٌ ولا أمانْ
طعامنا التُورابُ والأخشابُ والحنظلُ والدُخْانْ
سائلْ ـ إذا شئتَ ـ مليكةَ الطُحلبِ والعاقولِ سائلها
متّى كُنّا وكيف كانَ الكونُ من قبلِ كانْ
والشمسُ والأقمارُ والسماواتُ الثمانْ
سائلْ وإلاّ فاتكَ الزمانُ والآوانُ خانكَ المكانْ
وأنتَ تحتَ الظلِّ مقرورٌ ومرعوبٌ ومخنوقٌ مُهانْ
لا شارةٌ تأتيكَ لا رسالةٌ من بَشَرٍ أو سلامْ
لا خاطرٌ يسهرُ في ليلكَ حتّى الفجرِ أو ينامْ
تعبرهُ الأحلامُ والأوهامُ والرؤى
أهربْ أَماماً أيّها الإنسانْ
مسكونةٌ هذي الكُوى
سُدىً سُدىً سُدى .

CONVERSATION

0 comments: