تشهد في هذه الأونة الأسواق البترولية هبوط رهيب لأسعار النفط في مقاة يعاكس هذا الإنهيار الكبير في أسعار النفط ,و هو مقاة متعود أن يشهد إرتفاع و ليس العكس ، هذ ه الصدمة تذكرنا بإنهيار أسعار النفط في سنوات 1986 1987 عندما وصل البرميل الى عتبة 9 دولارات, بعد أن لجأت العربية السعودية و حلافئها إلى إغراق الأسواق و قلة الطلب في مقاة الصيف , و كان الهدف السعودي في تلك الحقبة هو شل قدرات إقتصاد دولتين أنهكت الحرب أقتصادهم , بعد حرب 8سنوات بين العراق و إيران , كان الهد ف ضرب عصفورين بحجر واحد العراق و أيران, من خلال فرملة مداخيل الدولتيين, التي يعتمد أقتصادههم على ريع البترول, نفس السيناريو يتكرر هذه المرة و من نفس المصدر، لجأت السعودية و الكويت الى إغراق الأسواق بالبترول الى درجة أصبح الفائض أكثر من الطلب ,و أصيبت الأسواق بالتخمة البترولية و لم تعد محطات التخزين تستوعب هذا التسنامي البترولي ، و لذا تهاوت الأسعار الى الحضيض
وها هو السناتور الأمريكي جون ماكين يقدم الشكر الى السعودية ،التي حملت لواء ضخ البترول لإغراق الأسواق و كسر الأسعار الى أدنى مستواتها , الغرض من هذا التصرف الذي طلب من السعودية القيام به ،هو إحداث هزات إقتصادية في سيرورة الإقتصاد الروسي و الإيراني و الدول التي تناصب العداء لتوجه السعودي في منظمة الأوبك , مثل فنزيولا و الجزائر , و رقة إغراق السوق أصبحت ورقة تلجأ اليها السعودية كلما قلت حيلتها الدبلوماسية في إيصال مواقفهم , لقد إتبعت السعودية طريقة أغراء روسيا خلال الزيارة التي قادت قائد جهاز المخبارات أنذاك بندر بن سلطان الى روسيا العديد من المرات و لقاءه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ، قصد تغيير موقفه من الأزمة السورية, و يقال أن الصفقة التي كانت السعودية تريد تقديمها الى روسيا تقدر ب7 ملايير دولار , لدفع روسيا الى توقف عن مساندة النظام في سوريا و يقال أن بوتن كان رده أن روسيا لا تقايض مواقفها ,لذا أصبح سلاح النفط هو الورقة التي قد تدفع الروس حسب إعتقاد السعودية و الغرب ، الى أعادة النظرفي مواقف الدول من سوريا و أكرانيا ، بعد أن تصبح الخزائن فارغة, نفس الهدف هو ضرب الإقتصاد الإيراني خاصة و أن الرئة التي يتنفس بها الإقتصاد السوري المنهك بدواعي الأزمة الراهنة في هذا البلد، لذا السعودية تعود الى عادتها القديمة، وتستعمل سلاح النفط قصد إضعاف مناوئ طموحتها في المنطقة , و خروج سوريا منتصرة ستكون له تدعيات على النفوذ السعودي الهش في المنطقة و خاصة حلفائها في لبنان ، و هو التوجه الذي سوف يقلب الموازيين في المنطقةو يشتد صاعد إيران في المنطقة , و يستمر المنفذ البحري لروسيا في المنطقة من خلال قاعدة طرطوس ، في حوض البحر الأبيض المتوسط , و هو المنفذ الوحيد لروسيا لعبور الأساطيل البحرية ، خاصة بعد إحداث القلاقل في الخاصرة الرخوة لروسيا ، مع أوكرانيا و تواجد الحلف الأطلسي على مقربة من حدودها ، و هذا مأستشعرت منه روسيا الخطر المحدق بها، و يتزامن إنهيار الأسعار مع ورقة العقوبات الإقتصادية المفروضة على روسيا من قبل الدول الغربية و أمريكا ويقال بأنها بدأت تأتي أكلها , و لولا السعودية لما عرف الإقتصاد الروسي هزات ، و قالها مكين يجب شكر السعودية ، وشهد شاهد من أهلها.
أصبحت ورقة تعويم الأسواق بالنفط بأكثر ما تستوعب محطات التكرير و التخزين ،أحدث شرخا في ميزانية الدول التي تعتمد على ريع البترول في ميزانيتها المالية , و المتفحص لدول الأكثر تضررا من هذه الحرب النعمة ، هي دول خارج نطاق التوجه السعودي ، وهذا الإستعمال الإستراتيجي للنفط في بلورة المواقف ،هو الورقة الوحيدة التي تملكها السعودية قصد فرض رأيها في قضايا الساعة في المحافل الدولية لإسماع صوتها ، و إضعاف الدول التي تناصبها العداء ، نفس التوجه و نفس الأهداف تتكرر مع إنهيار أسعار النفط في سنوات الثمنينات و سنوات العشرية الثانية من الألفية الثالثة ، وقد تجلى هذا المسعى من خلال الإصرار على هذا الموقف رغم رفضه من قبل الأغلبية في منظمة الأوبك في أخر إلتأم لها في الشهر المنصرم ، و رفض هذه الحرب النعمة كانت حتى من قبل الدول غير العضوة في الأوبك ، إذا التصرف السعودي تصرف نشاز غرضه تفقير الشعوب و إحداث هزات إجتماعية في هذه الدول المتضررة من هذا الإنهيار الرهيب ، بغية تقديم خدمات لدول أخرة
إنهيار الأسعار ليس مبني على معايير أقتصادية ، بشهادة الخبراء في مجال النفط و الذين يجمعون على أن الأنهيار المسجل ذو أبعاد سياسية و ليس له أي بعد إقتصادي على المستوى العالمي ،
الإقتصاد العالمي لن يستفيد من هذه الحرب النعمة بقياد السعودية ، بل سوف يحدث تراجع في إقتصادات الدول الصاعدة ، من خلال الإنكماش في النمو الإقتصادي و تراجع الإقبال على التسوق , بعد أن يفقد السوق الإستهلالكي الزخم في الطلب ، نتيجة تدني المداخيل في الجيب
لشعوب دول الإقتصادات الصاعدة .
0 comments:
إرسال تعليق