عيد ميلاد السيد المسيح 29 كيهك/ لطيف شاكر

 بداية ميلاد السيد  المسيح لم يكن يحمل أي ثقل لاهوتي في القرون الثلاثة الاولى ، لأن الكنيسة الأولى كانت تركز على قيامة المسيح لا ميلاده ، فهذا هو ما يتعلق بجوهر الخلاص المسياني
والأمر ليس فيه ما يزعجنا لأنه ليس خلاف عقيدى حول ميلاد السيد المسيح ولا هو مخالفة للكتاب المقدس فى شئ انما هو حساب فلكى بحت
وفى الوقت الذى تتم وحدة الكنيسة عقيديا من السهل جدا أن نتغاضي عن  اختلاف التواريخ في سبيل الوحده وهو المراد ويفرح قلب الآب القدوس بوحدة ابنائه .
يحتفل الأقباط بعيد الميلاد يوم 29كيهك حسب التقويم القبطي. وكان هذا اليوم يوافق 25 ديسمبر من كل عام حسب التقويم  الروماني الذي سمى بعد ذلك بالميلادي. ولقد تحدد عيد ميلاد المسيح يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر ,وذلك في مجمع نيقية عام 325م حيث يكون عيد ميلاد المسيح في أطول ليلة وأقصر نهار ( الاعتدال الطبيعي ) لكن في عام 1582م أيام البابا جريجورى بابا روما ، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد) ليس في موضعه أي أنه لا يقع في أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام. أي يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع في أطول ليل وأقصر نهار، وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ في حساب طول السنة (السنة= دورة كاملة للأرض حول الشمس) إذ كانت السنة في التقويم اليوناني  يحتسب على أنها 365 يومًا و 6 ساعات.
ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أي أقل من طول السنة السابق حسابها (حسب التقويم اليولياني) بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالي عشرة أيام ، فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادي (اليولياني) حتى يقع 25 ديسمبر في موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بالتقويم الغريغوري ، إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر في جميع أنحاء إيطاليا.
ووضع البابا غريغوريوس قاعدة تضمن وقوع عيد الميلاد (25 ديسمبر) في موقعه الفلكي (أطول ليلة و أقصر نهار) وذلك بحذف ثلاثة أيام كل 400 سنة (لأن تجميع فرق ال11 دقيقة و 14 ثانية يساوي ثلاثة أيام كلحوالي 400 سنة)، ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذي وصل إلى حوالي 13 يومًا.
ومادما نتكلم عن التقويم القبطي والميلادي نذكر لمحة خاطفة عن كلاهما :
التقويم القبطي ؛
قال هيرودت المؤرخ الإغريقي (قبل الميلاد بحوالي ثلاثة قرون) عن التقويم القبطي (المصري): ان قدماء المصريين هم أول من ابتدع حساب السنة وقد قسموها إلى 12 قسماً بحسب ماكان لهم من المعلومات عن النجوم ، وبذلك يكونوا    أحذق من الأغارقة (اليونانيين)،فقد كان المصريون يحسبون الشهر ثلاثين يوماً ويضيفون خمسة أيام إلى السنة لكي يدورالفصل ويرجع إلى نقطة البداية . ولقد قسم المصريون السنة إلى 12 برجاً في ثلاثة فصول (الفيضان - الزراعة - الحصاد) طول كل فصل أربعة شهور، وقسموا السنة إلى أسابيع وأيام، وقسموا اليوم إلى 24 ساعة والساعة إلى 60 دقيقة والدقيقة إلى 60 ثانية وقسموا الثانية أيضاً إلى 60 قسماً.
والسنة في التقويم القبطي هي سنة نجمية شعرية أي مرتبطة بدورة نجم الشعرى اليمانية وهو ألمع نجم فى مجموعة نجوم كلب الجبار الذى كانوا يراقبون ظهوره الاحتراقى قبل شروق الشمس قبالة أنف أبو الهول التى كانت تحدد موقع ظهور هذا النجم فى يوم عيدالإله العظيم عندهم، وهو يوم وصول ماء الفيضان إلى منف (ممفيس) قرب الجيزة. وحسبوا طول السنة (حسب دورة هذا النجم) 365 يوماً، ولكنهم لاحظوا أن الأعياد الثابتةالهامة عندهم لا تأتى فى موقعها الفلكى إلا مرة كل 1460 سنة، فقسموا طول السنة 365على 1460 فوجدوا أن الحاصل هو 4/1 يوم فأضافوا 4/1 يوم إلى طول السنة ليصبح 365يوماً وربع. أي أضافوا يوماً كاملاً لكل رابع سنة (كبيسة). وهكذا بدأت الأعياد تقع فى موقعها الفلكى من حيث طول النهار والليل.
وحدث هذا التعديل عندما اجتمع علماءالفلك من الكهنة المصريين (قبل الميلاد بحوالى ثلاثة قرون) في كانوبس
  (أبوقير حالياً بجوار الإسكندرية) واكتشفوا هذا الفرق وقرروا إجراء هذا التعديل فى المرسوم الشهير الذى أصدره بطليموس الثالث وسمى مرسوم كانوبس
 . ولقد جعلوا  الاقباط هذا التقويم (المصري) يبدأ بالسنة التى صار فيها دقلديانوس امبراطوراً عام 284 ميلادية  لأنه عذب وقتل مئات الآلاف من الأقباط، وسمى هذاالتقويم بعد ذلك بتقويم الشهداء  او التقويم القبطي وهو الآن فى سنة 1715 للشهداء الأطهار.واستمر العمل بالتقويم القبطي حتي محمد علي والخديوي اسماعيل :

ففي سنة 1839, في عهد محمد علي باشا, مع تحديث الإدارة, صدر قرار بإعتماد التقويم المصري أساس لأعمال الحكومة, إنما بإسم "التقويم التوتي" نسبة لأول شهر من شهوره "توت", لكي  يهرب من الإسم اللي كانو فاكرينه إسم طائفي.

واستمر العمل بهذا التقويم حتي دخول الانجليز مصر  وبسبب الديون. إتحكموا  الانجليز في الإدارة المالية, والغوا  التقويم  (القبطي) فصدر سنة 1875م قرارا من الخديوي اسماعيل  باعتماد التقويم الجريجوري (الميلادي) .

ثم نأتي الي  التقويم الميلادي
كان يسمى بالتقويم الروماني إذ بدأ بالسنة التى تأسست فيها مدينة روما (حوالى 750 سنة قبل ميلاد السيد المسيح). وكانت السنة الرومانية 304 يوماً مقسمة إلى عشرة شهور، تبدأ بشهر مارس (على اسم أحد الآلهه الإغريقية) ثم أبريل
..وهكذا حتي ديسمبر ثم أضاف الملك نوما بومبليوس شهري يناير وفبرايرواكتملت ال 12 شهرا.  ثم مايو
وفي القرن الأول قبل الميلاد لوحظ أن الأعياد لا تقع فى موقها الفلكي، فكلف الإمبراطور يوليوس أحد أشهر علماء الفلك
لتعديل التقويم  الروماني ليصبح مثل التقويم المصري فى وقته،حتى تعود الأعياد الإغريقية الثابتة فى مواقعها الفلكية وذلك بإضافة ربع يوم إلى طول السنة الرومانية 365 يوماً وربع (مثل التقويم المصري) وسمى هذا التقويم بالتقويم اليوليانى وذلك بإضافة يوم كل رابع سنة (السنة الكبيسة) لتصبح 366 يوماً.
وهذا التقويم عدل بعد ذلك فى أيام البابا غريغوريوس الروماني بطرح 3 أيام كل 400سنة وسمى بالتقويم الجريجوري.
 وفى القرن السادس الميلادي نادى الراهب الإيطالي ديونيسيوس أكسيجونوس بوجوب أن تكون السنة (وليس اليوم) التى ولد فيها السيد المسيح هي سنة واحد وكذلك بتغير اسم التقويم الروماني ليسمى التقويم الميلادي باعتبار أن السيد المسيح ولد عام 754 لتأسيس مدينة روما بحسب نظرية هذا الراهب.
وفى عام 532 ميلادية (أي 1286 لتأسيس روما) بدأ العالم المسيحي باستخدام التقويم الميلادي بجعل عام 1286 لتأسيس مدينة روما هى سنة 532 ميلادية (وإن كان العلماء قد اكتشفواأن المسيح ولد حوالى عام 750 لتأسيس مدينة روما وليس عام 754 ولكنهم لم يغيرواالتقويم حفاظاً على استقراره إذ كان قد انتشر فى العالم كله حينذاك )
وهكذا أصبح التقويم الميلادي هو السائد فى العالم وسميت السنة التى ولد فيها السيد المسيح بسنة الرب، وهذه السنة هى التى تنبأ عنها أشعياء النبي (أش 1:61 ،2) وسماها سنةالرب المقبولة (سنة اليوبيل فى العهد القديم) إشارة إلى سنوات العهد الجديدالمملوءة خلاصاً وفرحاً بمجيئ الرب متجسداً ليجدد طبيعتنا ويفرح قلوبنا ويشفي المنكسري القلوب، وينادى للمأسوريين (روحياً) بالإطلاق وللعمي (روحياً) بالبصر ، يرسل المنسحقين فى الحرية. وهذه هى سنة الرب التى تكلم عنها السيد المسيح نفسه قائلاً لليهود:"إنه اليوم قد تم (بميلاده) هذا المكتوب في مسامعكم " (لو 21:4). فلنسبح  مع الجند السماوي مسبحين الله قائلين  مع الملائكة : "المجد لله فى الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة".
ونخلص من هذا اننا نعيد عيد الميلاد فى يوم 29 كيهك حسب أمر الأباء الرسل والسنة القبطية سنة مضبوطة وقديمة فهى السنة المصرية القديمة التى وضعها العلامة توت مخترع الكتابة سنة 4241 ق . م
والتاريخ 25 ديسمبر كتاريخ هو صحيح أيضا حيث كان متوافقا مع 29 كيهك حسب أمر الأباء الرسل ..

(يو22:17)  
عيد ميلاد مجيد وعام مبارك سعيد.

CONVERSATION

0 comments: