تحسبوها بالطول ، بالعرض ، بالإسلام ، بالإلحاد ، بالوطنية ، بالخيانة ، بحمامات السلام ، بالإرهاب ، بالديمقراطية ، بالخلافة ، بأية معادلة أنا معكم . المهم سقوط النظام السوري . كل شيء آخر لا أهمية له الآن . هذا نظام ارتكب مجازر لا يمكن غفرانها ، ضرب شعبه بالأسلحة الكيمياوية . حكم سورية أكثر من نصف قرن ، حكومة مافيا ، و مخابرات ، ومذلة . علاقة النظام السوري بإيران ، أرهقتنا كثيرا . يسقط بشار الأسد ، تنجب الأمهات الشاميات الحرائر ، و العربيات الباسلات قائدا آخر ، لا مشكلة . لكن الأرحام تجف ، إذا تم إذلال الرجال ، كما حدث في العراق ، أذلنا الإيرانيون كثيرا ، فوق الخيال والتصور . عندنا رجال في العراق اليوم ينجبون لا عن شهية ، بل توقا إلى الثأر . نحن لا نعرف كيف تفكر أمريكا ، و لا ماذا تخطط إسرائيل ، ولا يمكننا فهم هذه المعادلات . وكل مَن يدعي أنه يفهم هذه الأشياء كذاب . نحن بلد صغير ، يقع على الحدود الشرقية للعالم العربي ، وعندنا حدود ١٢٠٠ كم مع دولة توسعية هي إيران . يكفينا القلق على سيادة بلادنا ، والتفكير في هذا فقط .
إيران التي ابتلعت العراق ، يجب أن تتقيّأ سورية . العصابة التي تحكم سورية ، اعتادت لبس التراكسوتات ، والحياة الطفيلية . تركوا كل المهن سوى مهنة المخابرات ، والجيش ، و كلاب الحراسة . بحجة مواجهة العدو الصهيوني ، وأعداء الأمة العربية ، و كلهم " سادة الوطن " ، يتجولون بمسدساتهم تحت الحزام ، والباقي عبيد . لا يريدون بيع الخضروات في عربة متجولة ، ولا الوقوف في شركة بناء ، ولا الخبز في مخبز دمشقي مزدحم . لا يريدون العيش كل عشرة أشخاص في غرفة واحدة ، والعمل في المدينة عشرين ساعة في اليوم ، لجمع ثمن الزواج ، وغرفة النوم ، والأساور . كما يفعل الأكراد الأشراف أهل الحسكة والقامشلي ، بناة دمشق ، رغم أنهم لا يملكون جنسية سورية أبا عن جد . نعم ولماذا الكذب . سكنا في القزاز بريف دمشق عند عقيد سوري ، قبل خمسة عشر عاما ، عائلة العقيد السوري الكريمة فوق ، ونحن نعيش في الغرف تحت بيته . لا يمتلك سيارة ، يقول أي مساعد أو صبي ، من القرداحة أو الساحل ، يستطيع الدعس على رأسه بالحذاء . هو عقيد ، لكنه لا يهش ، ولا ينش . ماذا يريد حزب الله اللبناني من سورية الثائرة اليوم ؟ . هل حقاً يعتقد السيد بأنه قادر على هدم بيوت السوريين بالقنابل ، دون أن يهدم أحد البقاع اللبناني على رأسه ؟ . هل يعتقد بأنه جالب اليتم والسواد إلى بنات دمشق ، دون أن يجلب أحد السواد واليتم إلى بنات الجنوب ؟ . هل يعتقد بأنه يئد عُمَر بن الخطاب في بلاد الشام ، و قاطعٌ مجده ، ثم يعود ظافرا إلى لبنان ؟ . لا أعتقد ذلك .
المضحك المبكي ، أن المثقفين الشيعة يؤيدون الأصوات العلمانية المصرية ، الرافضة لتدخل رجال الدين السنة المتطرفين ، والأخوان المسلمين في سورية . ولا يكتبون من جهتهم ضد تدخل الميليشيات الشيعية ، و حزب الله ، و فتاوى رجال الدين الشيعة بالجهاد ، و حماية الأضرحة المقدسة . هؤلاء العلمانيون في مصر لا يعرفون ماذا يحدث في الحقيقة ، المهم عندهم رفض الدين ، ولا يعلمون بأننا تجاوزنا هذه التفاهات ، والثنائيات السخيفة بين الإيمان والإلحاد إلى حروب الوجود ، والوجدان ، والإجتثاث ، والذاكرة ، والإبادات التبشيرية المنظمة ، والمخططات الديموغرافية الجديدة للمدن والتهجير . الأمر أكبر بكثير من كونك ملحدا أو مؤمنا ، هذه الألعاب الفكرية الطفولية ، تركناها لتلاميذ المدارس . هؤلاء لا يعرفون ما معنى مشروع إيراني ، ما زالوا يعيشون في جدل العلمانية والدين البدائي . كنا نظن الجماعة يريدون الحكم في العراق فقط ، فاتضح أنهم يريدونه في سورية أيضا . حماية ضريح زينب معناه القتال مع بشار الأسد . فالشعب السوري زائل ، والبقاء للأضرحة .
فكروا معي ، ما الذي يجمع النظام البعثي العلماني الملحد " لا إله إلا بشار الأسد " في سورية ، بحزب الله المؤمن المقاوم لإسرائيل ، بالعراقيين عملاء أمريكا وإيران ، بالحرس الثوري عدو أمريكا ؟؟ . هذه جماعة بعدة رؤوس ، وقلب واحد في مكانه الصحيح . الغنوص طقس ، و باطن . تنظيم سري تاريخي ، وليس أفكارا . لهذا قلنا بعبثية الجدل الفكري في هذه الحالات التنظيمية الشعوبية ، ذات الهدف الواحد غير المعلن . هذا بالضبط ما يصعب على العرب في قارة أفريقيا فهمه ، بسبب البعد ، ونقص التجربة .
لم تتغير سياسة إيران و أطماعها ، بانتقالها من ملكية شاهنشاهية إلى جمهورية و ثورة إسلامية . لم تختلف العمامة كثيرا عن التاج الإيراني ، فيما يتعلق بالجزر الإماراتية ، والأطماع بالبحرين ، والسيطرة على العراق ، والرغبة بلعب دور شرطي المنطقة ، والتسلح . على العكس ، ربما شعار تصدير الثورة الخمينية ، منح إيران إمكانات أكبر ، للتلاعب بشؤون المنطقة . فبدلا من التدخل في الشأن العراقي ، عن طريق تسليح التمرد الكردي زمن الشاه ، وإجبار العراق على اتفاقية الجزائر ١٩٧٥م . أصبح بإمكانها من خلال الثورة الإسلامية ، إعداد كوادر إسلامية عراقية ، والتدخل في الشأن الشيعي ، حتى السيطرة التامة على العاصمة بغداد والثروات العراقية . لم تتغير سياسة إيران التوسعية ، تجاه العرب ، من التاج إلى العمامة ، فهل تتغير من أحمدي نجاد ، إلى الرئيس المعتدل الجديد روحاني ؟؟ . لا أظن ذلك .
ليكن عندنا حقد الصفويين و عنادهم . لقد أرادوا رأس صدام حسين مقابل احتلال أمريكي وإيراني ، و ضياع الثروات الوطنية ، و مقتل مليوني عراقي ، وتبخر الوطنية العراقية بسبب فرق الموت والإرهاب، مع هذا يقولون لك اليوم " الحمد لله تخلصنا من صدام حسين " . أيام الحصار القاتل على العراق ، كان المجلس الأعلى الصفوي بلسان باقر الزبيدي ، يحرض على تشديد الحصار ، وعدم رفعه ، حتى لو مات نصف الشعب العراقي بنقص الدواء والغذاء ، حتى سقوط النظام العراقي . نحتاج عنادا كعناد الفرس ، ألقوا القبض على بشار الأسد ، وأعدموه في عيد الأضحى أيضا ، واستمعوا نواح العجائز على المتوسط ، بكاء مجدهم الغابر حتما . نحن لا ندافع عن دكتاتور أبيض في سبيل دكتاتور أسود ، لكنها أمنيتي أن أرى المدن التي ابتهجت بإعدام صدام حسين ، وهي تنوح و تمزق ثيابها ، على بشار الأسد و حسن نصر الله . والمدن التي بكت صدام حسين ، أراها تبتهج وتصلي صلاة البهجة ، وربما توزع الحلوى في المساجد . هذا هو مرح التاريخ الحقيقي . الشعوب الجرباء المليئة بالقمل ، التي تحفر وتنوح على مقابرها الجماعية ، لماذا ترسل أبناءها دفاعا عن المقابر الجماعية السورية و بشار الأسد .
الشعب السوري ، يريد مفاتيح دمشق الأموية ولو بمليون قتيل ، وسيستعيدها " أمويّون فإن ضِقتَ بهم / ألحقوا الدنيا ببستان هشام " / سعيد عقل " . والعراق يستعيده العباسيون العرب الشجعان ، ويبقى هؤلاء فاشلون عبر التاريخ ، فتن و سرقة و خيانة . أكثر من عشر سنوات يحكمون العراق ، لم يبنوا فيه لا شارعا ولا صرحا ، فقط دجل و سرقات . يقول نيتشه فقط الرجل الإنگليزي البارد ، يعتقد بأن السعادة هدف الحياة ، هناك أشياء كثيرة أهم بكثير من السعادة ، هذه واحدة منها . مفاتيح دمشق من بطن
إيران ، وبعدها مفاتيح بغداد .
إيران ، وبعدها مفاتيح بغداد .
0 comments:
إرسال تعليق