" وكما خربتَ حياتَك هُنا ، في هذه الزاويةِ فهي خراب انى ذهبت " / قسطنطين كافافي
إنك لا تكتب ، بل تكشف لنا المسافة التي قطعها دماغك . اجلس يا صاحبي هنا ، نعم بالقرب مني ، بعد قليل تغيب الشمس ، و نسمع صوت الناي . لقد قلت لي في المرة الماضية ، إنك تسمع رنيناً في أذنيك . قلت لي أشياءً عن المطر ، والليل ، والطفولة . إن ما عليك الإعتياد عليه ، من الآن فصاعداً ، هو هذا المدى الواسع الذي تسيطر عليه كلماتك .
حين يهبط الشتاء ستكون محاصراً تماماً . لا مفر من القبول بهذا الذي يجري في دمك . أما ذلك الوشم في ذراعك ، فلا تُحدثنَّ به أحد .
أسلافنا كدحوا كدحاً في الحقول ، حملوا الحياة ، و كأنها حجر . حتى الوجوه ، كانت متماهية مع الحجر لا تنس " شظف العيش " .
لقد كان أبي يسكر ، و يترقب الرايات الحمر . لحية ماركس الجدلية ، و صلعة لينين الشجاعة ، لم تأت . جاءت لحية الخميني ، والرايات السود .
سأعود يوما ، بأمٍ لا تحدث نفسها ليل نهار ، لا تخاف الرجال ، ولا تتقشر عباءتها بسبب السنين . أم تعزف البيانو ، ترقص الباليه ، ولا بأس أن تصلي بعد ذلك .
بوجه غير هذا أعود . لا أريد أن أتعلم حروف الهجاء ، في سنتي الخامسة ، على زجاجة عرق " ع--ررر--ققق مسيييييح " . كنت أظنّ العرق مسيحياً ، حتى عرفت بأنه مسلم .
لا أريد أباً يعلمني الحرية ، و يستعبده العرق . يتقيّأ ماركس في الحمام الليل كله . لا أريد اختلاط هيجل برائحة الجوارب والدموع . ولا بلادي الكلبة ، عدوتي ، تطاردني على لسان ليس لي ، على خبز يابس أمضغه أينما حللت .
على ريحٍ تعبث بصلعتي ، بعد أن تساقط شعري من المسافات . ما لَعِبَتْ به سوى صروف الدهر ، لم تمشطه زوجة أو عشيقة .
لا أريد بلادي التي أكلتنا بشهية ضبع . تتساقط أسناننا باكراً ، بينما تكبر أسنانها . ذكرياتي لا أريدها ، دموعٌ يحملها عني الفلاحون في بساتين النخيل ، أو فلتذهب إلى الجحيم . هذه البلاد المفترسة .
0 comments:
إرسال تعليق