عندما انطلقت حركة حماس لمقاومة المحتل الاسرائيلي، كانت تُعرّف على انها حركة انبثقت عن حركة الاخوان المسلمين، وكان هذا الامر لا يثير حساسية كبيرة كما هو اليوم، وكانت تلاقي الدعم والتأييد ما دام الهدف هو مقاومة المحتل الاسرائيلي، ولكن في هذا الزمن الذي وصلنا اليه وأصبحت الطائفية هي عنوان المرحلة التي نعيشها، ووُجدَ من يغذي الطائفية فينا من اجل عدم تقبل الاخر ويريد لنا التحارب والاقتتال من اجل فرض هيمنته علينا من اجل إنجاح مشاريعه العقائدية والسياسية.
حركة حماس متهمة من الداخل الفلسطيني قبل الخارج بأن لها مشروعها الخاص، وهذا الاتهام تسوقه السلطة الفلسطينية التي لا تريد ان تحكم حماس الاخوانية قطاع غزة، وتتماشى هذه السلطة مع سياسة النظام المصري الذي يكن العداء لحركة حماس، الهدف هنا هو انهاء حالة المقاومة، من اجل ان تستمر السلطة بالمفاوضات المزمنة دون أي افق لحل القضية الفلسطينية.
وما قرار المحكمة المصرية مؤخراً اعتبار كتائي عزالدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس إرهابيا سوى محاولة لشيطنة حركة حماس لاعتبارات سياسية واستمرار سياسة العداء لها، كل هذا يريح اسرائيل ويسعدها ويشكل عامل ضغط على حركتها وخنقها واضعافها، دون النظر الى اعتبارات ان هذه الحركة الوحيدة تشكل مشروع المقاومة في فلسطين ومعها بعض التنظيمات الفلسطينية بوجه اسرائيل، ومن غير شك ان سياسة مصر السيسي تسعى وتعمل على فرض الرضوخ والاستسلام وتركيع حركة حماس، وهذا يصب في النهاية لصالح اسرائيل ومشاريعها التوسعية على ارض فلسطين.
في هذه الحالة حركة حماس مضطرة الى البحث دائما على من يدعمها، كان لها وجود على الاراضي السورية بالرغم من معرفة النظام بأنها اخوانية، وانتقلت الى قطر التي تدعمها ماديا، وحماس ايضا تتقرب من ايران التي تعلن استعدادها لدعم الحركة، وعلى جميع الحالات تلاقي النقد وعدم التفهم، لان القوى والانظمة العربية منقسمة حول نفسها ونسوا الاحتلال الاسرائيلي الذي تقاومه حركة حماس.
إن أطلقت حماس الصواريخ على اسرائيل قالوا عن هذه الصواريخ بأنها عبثية وليس لها أي تأثير، وان صمتت حماس اتهموها بأنها تدعي المقاومة ولا تحارب العدو، لكن من التجارب اتضح أن حماس كانت تجهز وتستعد، وهذا ما ظهر اثناء الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة الصيف الماضي.
الفلسطيني الذي يقبع تحت الاحتلال وتسرق أرضه من قبل الدولة الصهيونية التي لا تهمها القرارات االدولية، ولا تهمها ادانات الانظمة العربية، ان هذا الفلسطيني الذي يهان كل يوم على الحواجز الاسرائيلية ويُقتل أو يُسجن، لا تهمه ان كانت المقاومة علمانية أو يسارية أو اخوانية أو شيعية، ولكنه يريد من يخلصه من نير الاحتلال.
أما بالنسية الى حزب الله الذي انطلق كنتيجة للاجتياح الاسرائيلي في 1982 واحتلال جزء من الاراضي اللبنانية وانسحاب المقاومة الفلسطينية من هذا البلد، بدأ حزب الله ومعه بعض القوى بمحاربة جيش الاحتلال واجباره على الانسحاب تحت وطأة العمليات الموجعة، اخذت هذه المقاومة طابعا شيعيا بسبب ان اكثر المنتمين الى هذا الحزب هم من الشيعة والعامل الثاني هو دعم ايران لهذا الحزب.
لاقت المقاومة اللبنانية الاعجاب منذ انطلاقها من قبل الجماهير العربية وخاصة اثناء حرب 2006 التي خاضها حزب الله مع اسرائيل، حينما لم تكن الطائفية المقيتة قد تغلغلت في الوطن العربي بعد كما هو الوضع الان، واتهم الحزب بالتهور من قبل الانظمة العربية لتسببه في الحرب، وكانت هذه الانظمة تتمنى ان يتم القضاء على هذا الحزب.
ولكن الان ينظر البعض في الوطن العربي الى ان هذا الحزب اصبح طائفيا، وخاصة بعد التدخل في سوريا الى جانب النظام وبدعم من ايران، واتهم بأنه تخلى عن المقاومة، وبناء على ذلك، ان قام الحزب بأي عمل ضد اسرائيل اتهم بالتهور وجر لبنان الى الحرب والمأسي، وان ساد الهدوء الجبهة اللبنانية مع اسرائيل اتهم بأنه تخلى عن المقاومة، وفي كلا الحالتين متهم، ولا يجيد العرب سوى الانتقاد والتشكيك، ويُتم اتهام حزب الله الشيعي بتنفيذ الاجندة الايرانية.
ايران الشيعية لديها مشروعها وتركيا السنية لديها مشروعها، وفي كلا البلدين تقدم صناعي وحضارة، أما في دولنا العربية لدينا حكام ليس لديهم مشروع، وينفذون مشاريع الغير، لكن لديهم مشروع مشترك وهو قمع شعوبهم وسرقة ثروات بلادهم، وبعد ذلك يتهمون الاخرين بالتدخل في شؤون الوطن العربي وفرض اجندتهم علينا، لكن في المقابل يجب الاعتراف ان الانظمة الاستبدادية تتحمل المسؤولية عن هذه الحالة المزرية التي وصلنا اليها وعدم تحميل الاخرين المسؤولية.
ولكن هؤلاء المنتقدين سواء كانوا من الشعوب أم الانظمة لا يستطيعون تقديم البديل لهذه الحركات وهم بالأساس لا يدعمون أي مقاومة ضد اسرائيل، ولكن يريدون اختفاء حركات المقاومة بغض النظر عن هويتها من اجل ان تبقى وتعيش اسرائيل بأمان واستقرار، ولكي تنفذ هذه الدولة مشاريعها والاطباق على الارض الفلسطينية دون أي مقاومة.
إذا كان الكره لحركة حماس لانها إخوانية، وليس لانها تحارب العدو الصهيوني، وإذا كان الكره لحزب الله لانه شيعي، وليس لانه حركة مقاومة وُجِد من اجل مقاتلة اسرائيل، فليتقدم هؤلاء الكارهون والمنتقدون سواء كانوا من الانظمة أو الشعوب العربية الى خلق مقاومة ليست اخوانية كحركة حماس، أو ان يقدموا الدعم الى حركة الجهاد التي ليست اخوانية أو الى الجبهة الشعبية أو الجبهة الديمقراطية اليساريتين والتنظيمات الفلسطينية كثيرة، وكذلك ان أرادت هذه الانظمة تستطيع أيضا خلق أودعم احزاب وتنظيمات لبنانية علمانية غير شيعية من اجل محاربة اسرائيل.
ولكن الذي نعرفه ان الانظمة تزعجها حركات المقاومة من اجل ان تعيش اسرائيل في امن وسلام وهدوء، ولو اعتمد الامر على هذه الانظمة وكان بمقدورها السيطرة على حركات المقاومة لمُنع حزب الله من حيازة الاسلحة ومُنعت حماس من المقاومة ومن امتلاك اي طلقة أو صاروخ.
0 comments:
إرسال تعليق