تعالوا إلى أورشليمَ نُوَاعِدْكُمْ ثلاثينَ ليلةْ
ونُتْمِمْها بِعَشْرٍ
تعالوا إلى عاهراتٍ هُنَّ في التوراةْ
ةِ
قديساتُ الهيكلْ
وبنبيذِهِنَّ توضأوا قبلَ الصلاةْ
هذا هو محرابُكُمُ الشريفُ
يَحِجُّ إليهِ المصلونَ في اليومِ العاشرْ
رِ
مِنْ أيامِ التوبةْ
مِليونُ رمحٍ في قلوبِكُمْ
مِليونُ دعاءٍ أحمقْ
مِليونُ قبرٍ لجثثِكُمْ
قبورُكُمْ كبيوتِكُمْ دونَ القدسِ مباولٌ للكلابْ
مِليونُ بصقةٍ مِليونُ لطمةٍ مِليونُ ركلةٍ مِليونُ طعنةْ
القدسُ لن تناديَكُمْ
ستنادي الذئابَ بدَلَكُمْ
وبناتِ آوى
والضباعْ
القدسُ لن تنتمي إلى أحدٍ منكمْ
ستنتمي إلى النملِ
والأفاعي
وسكانِ الجحورِ
في بطونِ الجبالْ
القدسُ لن تبكيَكُُمْ
ستبكي قبراتِ تَلِّ أبيبْ
بَ
التي لم تزلْ هي الأخرى تبكي عليها
بعد أن تركتموها هناك
القدسُ لن تعترفَ إلا بالقدسِ عاصمةً لكمْ
لكنكُمُ ارتضيتمْ بعواصمَ للبصلِ والبطيخْ
خِ
وتركتموها عاصمةً لغيرِكُمْ
آه! كم يحبُّهَا غيرُكُمْ
آه! كم يحبُّنَا عدمُ الوفاءْ
القدسُ لم تقلْ كلمتَهَا الأخيرةَ فيكمْ
ماضيها يمنعُهَا
لأنَّ مستقبلَهَا لم يزلْ في أيديكُمْ
كالسلاسلِ في يَدِ الزمانْ
هذه لعنتُهَا بكمْ
وهذا قَدَرُهَا
هذه فاجعتُهَا بكمْ
وهذا غضبُهَا
هذه جريمتُكُمْ فيها
وهذا خِنْجَرُهَا
هذه أكاذيبُكُمْ عنها
وهذا قلمُهَا
الحُرُّ
هذه هزائمُكُمْ بها
وهذا انتصارُهَا القادمْ
مُ
عليكمْ وعليهمْ
فكلكم لها أعداءْ!
(2)
الأرصفةُ نظيفةٌ في القدسِ
لكنها قذرةٌ بالناسِ الذينَ يمشونَ عليها
الأرديةُ السوداءُ كالبيضاءْ
في القدسِ قذرةْ
الوجوهُ الملساءْ
الوجوهُ التي للفوضى الحمقاءِ لابسةْ
الحمائمُ في القدسِ قذرةْ
لأنها لا تفرضُ السلامْ
مَ
بينَ المارةْ
الكنائسُ في القدسِ قذرةْ
حتى أيامُ الآحادْ
تأتي الأحذيةُ بوحلِ الاحتلالْ
دونَ إرادةِ أصحابِهَا
المساجدُ في القدسِ قذرةْ
بدمٍ قديمٍ
لن يُهْرَقَ ثانيةْ
معابدُ اليهودِ قذرةْ
تسيلُ فيها أفكارُ المصلينَ المتزمتين على أرضِهَا
ماذا تنفعُ الصلاةُ
والقدسُ قد قررتِ الإلحادْ
دَ
نكايةً بغيرِهَا؟
يُقْرَأُ الحقدُ في كتابِ القدسِ
يُلْمَسُ الخوفُ في جَنَانِ القدسِ
يُلْبَسُ الشَّكُّ في رِداءِ القدسِ
نهارُ القدسِ الجميلُ ليس جميلا
مساءُ القدسِ القريبْ
بُ
مِنَ القِبابْ
بِ
ليسَ قريبا
النومُ في فِراشِهَا ليسَ مُريحا
على بَلاطِ القدسِ ينامُ المسيحْ
حُ
عاريا
الصورُ في القدسِ الجميلةْ
كلُّهَا ليست جميلةْ
القدسُ دميمةٌ في الصورْ
كبومِ عكا
مطابِقَةٌ لِما قالَ هيغلُ عنِ الفكرةْ
الأطفالُ في القدسِ كلُّهُمْ حمقى كالرجالْ
صورٌ لوعيِ القتالْ
لِ
الذي يولدونَ مَعَهْ
كلُّهُمْ أبناءُ الفكرةْ
بعدَ أن أوقفَهَا العابدونَ لقضيبِ اللهِ على قدميها
غِناءُ الطيورِ في القدسِ لا يشنّفُ الآذانْ
لهذا كانَ انتحارُ موزارتْ
دون أن يعرفَ أنَّ لهذا السببِ تموتُ الموسيقى
الأزقةُ في القدسِ تضيقُ يومًا عن يومٍ
حولَ أهلِهَا
تسعى دونَ أن يعلموا
إلى خَنْقِهِمْ بينَ ذراعيها
مِنَ الحُبِّ
فالحبُّ أعمى
الدكاكينُ في القدسِ مقابرُ الأحياءْ
الأحياءُ كالبضائعِ كجنودِ الاحتلالْ
كُلُّهَا ميتةْ
كالتحفْ
كالأواني المزخرفةْ
كالسجادْ
كُلُّهَا مزيفةْ
القدسُ مزيفةٌ في عينيها
وقانعةْ
تعودتْ على ما هي فيهْ
على ما لم تُجْبَرْ عليهْ
على الطائرِ الذي ينامُ في حِضْنِهَا
(3)
دخلنا إلى البحرِ من أبوابِ القدسْ
وصعدنا على أحدِ المراكبْ
وسبيلبيرغُ يصوِّرُنَا نحنُ وأسماكُ القرشْ
كنا نبتسمُ ونحنُ نضعُ رؤوسَنَا بينَ أسنانِهَا
وكان بعضُنَا قد جاءَ بأطفالِهِ مَعَهْ
ووضَعَ رؤوسَهُمْ بينَ أسنانْ
نِ
أسماكِ القرشْ
كنا لا نعرفُ بعضَنَا
وكنا سعيدينَ فيما بيننا
نبتسمُ ونحنُ نضعُ رؤوسَنَا بينَ أسنانِ أسماكِ القرشْ
كنا لا نفكرُ برؤوسِنَا
تركنا رؤوسَنَا بينَ أسنانِ أسماكِ القرشْ
كانت أسماكُ القرشِ تفكرُ عنَّا
برؤوسِهَا
لهذا كنا سعيدينَ فيما بيننا
وكنا نحلمُ لأولِ مرةٍ كما يجبُ علينا أن نحلمَ
بالشمسِ والرملْ
كانت رؤوسُنَا بينَ أسنانِ أسماكِ القرشْ
وكنا نحلمُ ككلِّ الناسِ الذينَ يستلقونَ تحتَ الشمسِ على الرملْ
كانت رؤوسُنَا بين أسنانِ أسماكِ القرشْ
وكان سبيلبيرغُ يصوِّرُنَا
وكانت القدسُ هناكْ
تقفُ بانتظارِنَا قربَ أبوابِهَا
رأيناها من بعيدٍ دونَ مآذنَ ولا كنائسَ ولا كنيسٍ واحدْ
رأيناها دونَ أسوارِهَا
كانت تقفُ قربَ أبوابِهَا دون أسوارِهَا
فقطِ الأبوابْ
دونَ أسوارِهَا
لم نتساءلْ أينَ أسوارُهَا
كنا نبتسمُ ونحنُ نضعُ رؤوسَنَا بينَ أسنانِ أسماكِ القرشْ
وكان سبيلبيرغُ يصوِّرُنَا
ويطلبُ منا أن نداومَ على الابتسامْ
وكانت القدسُ تقفُ بانتظارِنَا قربَ أبوابِهَا
المغلقةْ
بانت لنا أبوابُهَا مغلقةْ
معلَّقَةْ
في الفراغِ دونَ أسوارْ
مغلقةً ومعلقةْ
ونحنُ
كنا نبتسمُ
ونضعُ رؤوسَنَا بين أسنانِ أسماكِ القرشْ
وسبيلبيرغُ يطلبُ منا أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ أن نبتسمَ
وكان يصوِّرُ
كان يصوِّرُ لِيَرَوْنَا هناكَ في كاليفورنيا
كان يصوَّرُ ونحنُ نحاولُ ألا تخرجَ رؤوسُنَا من أفواهِ أسماكِ القرشْ
كنا قد أَوْغَلْنَا في أعماقِ البحرْ
ولم تَعُدِ القدسُ تبينُ لنا
كانت القدسُ تبدو كخطٍ أزرقَ
يشبهُ اللهْ
كانت سماويةْ
وكنا لم نزلْ نبتسمُ ونحنُ نضعُ رؤوسَنَا بينَ أسنان أسماكِ القرشْ
كنا نبتسمُ ونحلمُ بكاليفورنيا
هناكَ حيثُ سيرانا الناسْ
بينما نضعُ رؤوسَنَا بينَ أسنانِ أسماكِ القرشْ
ونحنُ نبتسمُ
نحنُ وأطفالُنَا
وسبيلبيرغُ يصورُ
يصورُ
يصورُ
يصورُ
يصورُ...
(4)
لمّا كنتُ صغيرا
كانت كلُّ القدسِ لأبي معتقلاً
كبيرا
كان أبي في القدسِ بأمرِ الحاكمِ العسكريِّ لنابُلُسَ
منفيا
كَبِرْتُ هناكَ مَعَهْ
وغدا
لي مِنَ العُمْرِ ما كانَ لَهْ
هُ
في ساعتينْ
كنا نتجولُ طوالَ النهارِ في أزقتِهَا
وعندَ بدايةِ الليلْ
لِ
نذهبُ إلى مركزِ الشرطةْ
لِنُثْبِتَ وجودَنَا
ووجودَ كلِّ القدسِ معنا
شجرُهَا
طيرُهَا
بيوتُهَا
أعمدتُهَا
حاراتُهَا
كانت القدسُ في تلكَ اللحظةِ مِنْ كُلِّ ليلةٍ تكونْ
دونَ آلهةْ
وكانت تقولُ لي
تقولْ
أنا الفندقُ الذي تنامُ فيهْ
والمطعمُ
والزاويةُ الرطبةُ التي تبولُ فيها
كانت تقولُ لي
تقولْ
أنا العِنَاقُ القادمُ على رصيفْ
فٍ
مهجورْ
والكأسُ التي ستشربُهَا
وفكرتُكَ السيئةُ عني
كانت تقولُ لي
تقولْ
أنا عودتُكَ إليَّ
من أجلِ فتاةٍ ستحبُّهَا
دونَ أن أعلمْ
كانت تقولُ لي
تقولْ
أنا عويلُ الروابي
عليكّ
عندَ الرحيلْ
أنا شكوى حذائِكْ
كانت تقولُ لي
تقولْ
أنا قناديلُ الوجعِ في الطرفِ الآخرِ مني
كانت تقولُ لي
تقولْ
أنا الجنونْ
فيما بعد
فيما بعد
فيما بعد
وقبلَ كلِّ شيءٍ رحلتُكَ الطويلةْ
الطويلةْ
الطويلةْ
الطويلةْ
بعيدًا عني
كانت تقولُ لي
تقولْ
أنا السؤالُ الجوهريُّ
قبلَ السؤالِ عنِ اللهْ
وبعدَ السؤالِ عن مومسْ
كانت تقولُ لي
تقولْ
أنا الغريبةُ
وأنت فيَّ
وأنت بعيدٌ عني
كانت تقولُ لي
تقولْ
..................
..................
لكني كنتُ أحيانًا أسمعُ لها
وأحيانًا
لا أسمعْ
(5)
في الليلِ وأنتمْ نِيامْ
تُقِيمُ الشياطينُ أعيادًا للفسقِ في القدسِ القديمةْ
ةِ
والجديدةْ
لتسخرَ من عبادتِكُمْ
في النهارْ
لتلوثَ طُهْرَكُمْ
لترجِمَكُمْ بحجارةٍ من عدمِ التقوى
ككلِّ المنسيينَ الذينَ خَذَلَهُمُ الجُنْدُ في الكتابْ
لتجعلَ مِنَ القدسِ ساحةً مفتوحةً للمغتصبينْ
لتقيمَ صلواتِهَا
فللشياطينِ صلواتُهَا مثلُكُمْ
على جثثِكُمْ
لتحرقَ الشمعَ وتهرقَ النبيذْ
وتغرقَكُمْ بدمِ عذاراكُمْ
لتجعلَ مِنَ الجحيمِ أَسِرَّتَكُمْ
ومِنَ الجحيمِ الأجسادَ التي تعانقونَهَا
كي تُهْلِكَكُمْ
ومِنَ الجحيمِ صغارَكُمُ الذينَ ستلدونَهُمْ
ومِنَ الجحيمِ قُدْسَكُمُ الفِرْدَوْسْ
لتصبحَ ملائكتُكُمْ ضدكمْ
والأنبياءْ
وكلُّ الصالحينْ
ضدكمْ في الدمِ والرمادْ
ضدكمْ
لأن قُدْسَكُمْ في الواقعِ هِيَ الجحيمْ
في الدمِ والمنيْ
في بحورٍ مِنَ الدمِ والمنيْ
في لُجَّاتٍ من القصوفِ وفيضِ الأنوارْ
ليعودَ البُرَاقْ
في بحورٍ مِنَ الدمِ والقصوفْ
فِ
يعودْ
في بحورٍ مِنَ الانتقامِ منكمْ
فَيَغْرَقُ بقوائمِهِ في الدمِ حتى سَرْجْ
جِهِ
ثم يطيرْ
ويرشقُكُمْ والعالمَ بذنوبِكُمْ
دَمُكُمْ هُوَ ذنوبُكُمُ التي هدرتْ
ونطحتْ كالثيرانْ
ذنوبُكُمْ تنينُ القدسِ
المنبثقُ مِنَ الأساطيرْ
ذنوبُكُمْ صلاحُ الدينْ
أسوارُ القدسِ التي ستنهدمُ على رؤوسِكُمْ
ذنوبُكُمْ حوافرُ المغولْ
المنبثقةُ مِنَ التاريخْ
كلُّ التاريخِ ذنوبُكُمُ التي لا تُمْحَى
أيها الوحوشْ!
الوحوشُ
كلُّ الوحوشِ
ترأفُ بالقدسِ أكثرَ منكُمْ
القدسُ التي لم تفهموها
لن تفهموها
والتي لم تَعُدْ مُلكًا لكمْ
يناير 2009
* القصيدة الثالثة من ديوان "البرابرة" لأفنان القاسم 2008-2010
0 comments:
إرسال تعليق