ثمة سؤال يراود الشارع العربي عامة والفلسطيني خاصة، هل الجولات المكوكية لوزير الخارجية الاميركي جون كيري تعطي مؤشرات دراماتيكية لانعاش عملية السلام المتعثرة، لاخراجها من بوتقة التعنت الاسرائيلية؟
الطرح من الناحية النظرية صحيح، اما من الناحية التطبيقية بعيد المنال، وذلك لان السياسية الاميركية تعاني من متلازمة تسمى ادارة الازمات وحوصلتها.
الحكومات الاميركية المتعاقبة مبدعة في هذا الشق الاداري طويل الامد، وهي كعادتها مستعدة لتجيش الاف الملفات لاستيعابها ضمن رفوف الغرف المغلقة، وهذا يذكرني بالمثل القائل "كمن يخض الماء ليصنع لبناً"، والمصلحة اولاً واخيراً تظل من نصيب السياسة الاميركية والاسرائيلية.
الناظر الى الازمة السورية وكيف استطاعت الولايات المتحدة نقل ملفات الازمة من ملعبها الى الملعب الروسي يدرك جلياً ان اميركا حققت ما تريد باستهدافها مركز التكوير الكيماوي بعيداً عن انعكاسات الاضواء التي فسرها بعض الساسة على انها هزيمة.
امام هذه السيناريوهات الضمنية نتذكر ما قاله الكاتب والمفكر الصيني 'سون أتزو' في كتابه "فن الحرب": "ان لعبة الحرب عبارة عن تشبيه عملية عسكرية حقيقية او افتراضية لطرفين او اكثر متضادين وفقاً لقوانين ومعلومات محددة، وممارسة اللعبة وفقاً لاجراءات معينة".
هكذا تم ادخال الازمة السورية في مرحلة جديدة يتم من خلالها توظيف ازماتها الداخلية الى امد طويل، ليظل الملف الكيماوي كـ"مسمار جحا" تتجيش به اميركا "سياسياً" وقتما تشاء.
رجوعاً الى عملية السلام، فسياسة البيت الابيض تدير ازمة تعثر المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وفقاً للتطورات الاقليمية الطارئة وكورقة رابحة لسياسة سيد الكاوبوي، ونحن نتذكر انطلاق عملية السلام مطلع التسعينات تزامناً مع انتهاء حقبة الاتحاد السوفياتي واخضاع الكيماوي العراقي للتدمير، وكذلك حال المرحلة الحالية بالتزامن مع عودة سطوع النجم الروسي وتدمير الكيماوي السوري.
وكما تسعى الولايات المتحدة لتجريد النظام السوري من الكيماوي وفقاً لمصالحها الاسرائيلية وليس حباً بالسوريين، تفعل الشأن ذاته بالقضية الفلسطينية ولكن باختلاف ديمومة استمرار السياسة في الشرق الاوسط.
ما يجب معرفته، ان السياسة الاميركية لا يعوّل عليها بتاتاً، وان طرحت كمبادرة، فهي لاثبات الذات وحماية لمصالحها، وكما قال الكاتب الصيني 'سون': " ليس هناك أكثر من خمس نكهات أساسية، 'حامض، حريف، مالح، حلو، مُر'، ورغم ذلك فإن مزجها معاً يخرج لنا نكهات بأكثر مما يمكننا تذوقه".
0 comments:
إرسال تعليق