واضح بأن الإحتلال الإسرائيلي مع إقتراب موعد الإنتخابات الإسرائيلية، وكون الأحزاب الإسرائيلية بمختلف تلاوينها الحزبية،وبالذات اليمينية والمتطرفة منها في حملاتها الانتخابية ودعايتها وبرامجها تتصارع،وومادة صراعها الرئيسية الجالبة للأصوات والمناصب والمقاعد،هي الأمن وتوظيف القضية الفلسطينية والدم الفلسطيني والإستيطان في تلك المعارك والحملات الانتخابية،لكي تحصل على ثقة الجمهور الإسرائيلي وتحصد المزيد من المقاعد في البرلمان الإسرائيلي " الكنيست وفي الحكومة.
ونحن في هذا الإطار نشهد تصاعداً في الحرب التي يشنها الإحتلال على شعبنا وأهلنا وأرضنا في الداخل الفلسطيني ومدينة القدس،ففي الداخل الفلسطيني حصدت آلة القمع الإسرائيلي بدم بارد ثلاثة شهداء،شهيد في كفر كنا الشاب خير الدين حمدان وشهيدين في منطقة النقب هما سامي الجعار وسامي والزيداني،وعشرات الجرحى،وعدد من المعتقلين،والحرب التي تشن على شعبنا ليست مقتصرة على القتل بالدم البارد،بل عادت حكومة الإحتلال لتتحدث عن مخططات تهويد الجليل وكذلك تسويق مشروع "برافر" التهويدي الإقتلاعي من جديد الذي جرى تجميده نتيجة الإحتجاجات الشعبية الواسعة التي نفذتها الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني – 48-،وهذا المشروع يقوم على عدم الإعتراف بالقرى العربية غير المعترف بها،بل العمل على تدميرها،كما جرى مع قرية العراقيب التي تعرضت للهدم والتدمير اكثر من (80) مرة،وكذلك هذا المشروع يهدف لإقتلاع وطرد البدو من أرضهم وحشر (30%) منهم في مساحة لا تزيد عن (1%) من أراضي النقب، والتسويق الجديد للمشروع يأتي في اطار مناقصة نشرتها "سلطة تسوية الاستيطان البدوي في النقب"، بهدف إقامة بلدات استيطانية جديدة بدعوى تنظيم "المسكن والسكان"، ما يعني اقتلاع المزيد من بيوت بدو النقب الأصليين وتشريدهم الى مناطق أخرى.
وبحسب المناقصة،فإن الخطة تدّعي "استجابة احتياجات السكان والتغييرات التي يمر بها المجتمع البدوي" و"الحفاظ على الأماكن المفتوحة وقيم الطبيعة والمنظر العام" و"تعبئة وتوسيع البلدات القائمة".
وهذه الخطة التي لا تختلف عن غيرها الا باللغة التهويدية الناعمة هذه المرة. وهذه الخطة مشابه لما سبقها،وهو الإخلاء القسري لسكان القرى غير المعترف بها".
والإقتلاع والتهويد بحق شعبنا في الداخل- وعمليات القمع والتنكيل لا تقتصر على هذه الأمور،بل هناك خطر داهم يستهدف الوجود العربي الفلسطيني ككل في نكبة جديدة،من خلال طرح قانون عنصري جديد،قانون ما يسمى بيهودية الدولة،والذي يشكل اعتداءاً صارخاً على حقوقنا التاريخية والوجودية،وشرعنة وقوننة للإجراءات والممارسات العنصرية.
أما في مدينة القدس،فواضح بان الإستهداف للمدينة ومقدساتها وسكانها العرب الفلسطينيين،لا يقل خطورة عما يستخدم وينفذ بحق شعبنا في الداخل الفلسطيني،فالهدف واحد هو الطرد والترحيل والتطهير العرقي،ولكل التجلي في القدس أكبر وأشمل واوضح،حيث عمليات هدم المنازل وبالتحديد من بعد عملية خطف وتعذيب وحرق الشهيد أبا خضير في 3/تموز من العام الماضي،تسير بوتائر عالية جداً،فلا يكاد يمر شهر دون هدم ما لا يقل عن عشرة منازل فلسطينية،ناهيك عن العقوبات الجماعية بحق السكان،هدم منازل اهالي الشهداء،طرد وإبعاد المقدسيين عن مدينتهم وعن أقصاهم،وممارسة القمع والتنكيل بحق السكان،حيث عمليات البلطجة والزعرنه من قبل موظفي ما يسمى بضريبة "الأرنونا" المسقفات،كما حدث مؤخراً مع عدد من تجار ومطاعم البلدة القديمة،حيث الضرائب وبأرقام خيالية (120) ألف شيكل لإستديو زكي مزعرو و(58) ألف شيكل لمطعم الشاويش،ومصادرة الموجودات لحين الدفع،او البيع بالمزاد العلني،وإستيطان زاحف ليشمل كل شبر وبلدة وحي وحارة من الأراضي العربية،والأخطر من ذلك بأن عمليات الإقتحام للمسجد الأقصى أصبحت تجري بشكل يومي وجماعي،ولتصل حد محاولات الصعود الى صحن الكعبة،وأيضاً مخاطر تفجير المسجد الأقصى بواسطة طائرات بدون طيار،وقد جرت اكثر من محاولة في هذا الإطار،وبما ينذر بمدى الخطر الحقيقي الواقع على المسجد الأقصى،من قبل القوى المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي المتغذية والمشبعة بأفكار وتحريض من قبل جهات نافذة في قمة الهرم السياسي والأمني الإسرائيلي والمؤسسة الدينية.
الحرب مستعرة على شعبنا في الداخل الفلسطيني والقدس،وهي تزداد إستعاراً مع قرب الإنتخابات الإسرائيلية،وهناك من هم مهووسون ومسكونون من قادة الإحتلال، بأن الطريق الى البرلمان والحكومة الإسرائيلية،لن تمر إلا من خلال الحل الأمني وتشديد القمع والبطش بحق فلسطينيي الداخل وعرب القدس،والعمل على طردهم وترحيلهم،بكل الطرق والوسائل لا يهم مشروعة او غير مشروعة.
وفي ظل ذلك فإن الأوضاع في مدينة القدس والداخل الفلسطيني،ستكون مرشحة للمزيد من التطورات والتصاعد،وما يجري من هبات جماهيرية وشعبية واسعة،يمكن ان تبني عليها القيادات والفعاليات والقوى والأحزاب ،لكي تكون "بروفات" واسعة لإنتفاضة شعبية يتشارك فيها اهل القدس والداخل الذين يوحدون الهدف والهم والمصير والقمع،بحيث يجري التوافق على هيئة تنسيق علنية للقدس والداخل الفلسطيني،تكون بمثابة المرجعية والعنوان والناظم للجهد الشعبي والفعاليات الجماهيرية المناهضة والرافضة للإجراءات وممارسات الإحتلال القمعية والعنصرية بحق شعبنا في القدس والداخل الفلسطيني خاصة وفلسطين عامة.
إن تحول الهبات الشعبية في القدس والداخل الى إنتفاضة شعبية شاملة كرد جماعي على كل ما يتعرض له شعبنا من قمع وتنكيل وتنكر للحقوق وإمتهان للكرامة،هو وجود قيادة لديها الإرادة ومالكه لرؤيا وبرنامج واستراتيجية،تمكن من تحويل الهبات الشعبية الى نمط حياة إنتفاضي شعبي،فالإنتفاضة بحاجة الى تأطير وتنظيم وقيادة ومشاركة شعبية واسعة وهدف من اجل التحقيق،وبدون ذلك فإن ما يجري في القدس او الداخل يبقى في إطار التحرك العفوي الفردي من اجل الدفاع وحماية الذات،في ظل غياب وإنكفاء الأطر والفعاليات والأحزاب عن القيام بدورها ومهامها في القيادة والتاطير والتنظيم.
0 comments:
إرسال تعليق