هذا انت بالعربي...(الجزء الاول)/ خليل الوافي

وانت
تتطهرمن حرقة الانتظار
و الليل البحري يوهم صاحبه
ان الماء يضيء قمرا حزينا
على قمة الظلام...
العالق في السطوح القديمة
يغازل ابنة الجيران
على الشرفات المطلة صوب البحر
يمتد البحرليلا طويلا اتعبه السهر
و الصيد يرقب شباكه من عودة الصدى
و شيخوخة الاصوات المعروفة منذ البدء
تقر ان الماء عازم على خوض
نزال الموج والسفن الغارقة
يصطدم الموج بكائنات تلبس الليل
غطاء لعيون لا ترى الا اشباحها
على خيوط النجوم
يمتد الفرح الطفولي في الازقة الضيقة
و صراخ الاطفال حول اللعبة الذابلة
تشاكس لون الاشياء و الجدار
المحيطة بذاكرة النسيان
و المجابهة الصامة على حدود
المغادرة نحو متاريس المكابدة
لتعرف حقيقة الوطن الضائع

وانت
تسمع البحر
يرسم ابجذيات مثيرة للدهشة
ويخذل مغامرات طائشة
على تخوم السواحل القادمة
في اتجاه الموج
وخلف بوادر العاصفة
لا تقوى سفن البطولة
ان ترفع ريات نصر
وفتوحات مؤجلة على رصيف الذكريات
شعرت ان جسدك ينشطر نصفين
واحد لك
و اخر تلاشى في المحيط
ادركت ان الماء يلامس اعضلءك كلها
واشراب على محاربة الموج
حيث الرؤية تغطي وجه الحقيقة
يتكرر المشهد تباعا
وان الماء يحاول ان يفضح صاحبه
وترك الصيد جانبا..
ويعد حبات رمل في التيه
و الاشياء العادمة
من شمس احرقت وجه هذا المكان
لا مديح يعلو فوق نواح ماثم
تجرها قوارب متاكلة
تطلب العفو من قاتلها


وانت
في شرودك
عجوز طوال اليوم
يعود الصدى ثانية
في شكل الاحتواء
ومحاصرة الملوحة خارج الجرح
وتبقى الذاكرة في صفاء المياه العذبة
تنعش روايات الغاضبين
عبر التواريخ المزدحمة
يعلو الصراخ فوق التل
تنزلق الرطوبة من ثناياه
كلما حاولت تسلقه
تعود من حيث اتيت
تقاوم احساس الياس
الراكض في صدورنا
تحاول ثانية
تعيد الكرة من جديد
لا جدوى في الصعود
ولا في معنى المناصفة
حول قرار المصالحة و الممانعة
و الملفات القديمة
تهرب الحروف
من محاكمة اجلة
حين ترى في صاحبها
يستمر في اعادة نفس الصورة
وعلى منوال الكلمات القاتلة


وانت
تسمع للبحر
يدون اسماء الغارقين
في اكفان مرفوعة الى السماء
والناجون من الموت
يجلسون على عرش نصفه ماء
ونصفه الاخر مرمرية الحسان
وما تبقى من عهد الانبياء
و الهواء يضغط في اتجاه الريح
وفوق العاصفة يفشل في اختراق الصخر
و رخامية المكان تنزل سيفا
خارجا عن السيطرة
سيطرة الاعداءو الكلمات المهجورة
في شفاه كبرياء الفقراء
يجرح الصمت الابي عيون دامعة من السهر
امام قصور قديمة يحن الخبز الى صاحبه
و الوجوه لا تحمل ملامحا و نضارة فقيه
تائه في صحراء الدعاء
تفقد المتعة بريقها الارجواني
فوق اثير كلمات ناقصة
و يوضع الملح في نهاية المهرجان
على شريحة لحم فاسدة
يبدو المشهد مسالما
غارقافي هموم الاخرين
يظهر الرجل هادئاالى حد النسيان
ويختفي فجاة عن الانظار


وانت
تحسبه مسافرا في متاهات
الريح و الموج
و الصخب الرطب على سطوح ذاكرة تفقد
بريق صور ورائحة منسية في
الاماكن الموشومة بالجرح وانفعالية اللحظة
لا حدود للزرقة و لا وجود لليابسة
ارض تحمل مائها فوق ظهرها و تنكمش
تعطيك انطباعاان الماء سيد الارض
و الارض خادمة مطاعة لهذا الوجود
الماء روح الارض
والماء تربتها
لا شيء يغدو مالوفا
دون ان يلمس وجه الماء
الماء هواء مفعم بالرطوبة الزائدة
يبحث عن مجرى الحياة في العروق
و الجذور الممتدة على شريط الاحداث
تبدا اشارات المعجزة
قلت للامس
ماذا تبقى لنا من عطش وسراب الكاذبين
الموت بساط رمادي يغطي الاجساد
الاسنة
فوق بركة ماء تغيرت الوانهاكل مساء
كل مساء
وتعاويذ صلاة مفقودة خارج نص التلاوة



وانت
تكشف خبث القراءة
ومرارة المشهد
وانت تمسح كفك بما تبقى من دعاء
تخرج الجنائز طوابير موت
تحمل صمت المكان
وذاكرة تحاول ذكرى احداث ولا تستطيع
رؤيتها بشهامة بطل عجوز يروي
تفاصيل البطولة المفقودة
في تواريخ الولادة الجديدة
في رحم الامهات تنعدم الصورة بوضوح
عن شكل المقاومة القادمة
تعلمت من الحر
ان تمسكه بيديك خلف القضبان
وتستمر في الاحتجاج
وما يدركه الطير في السماء
تصلك الاخبارعن حجم الكارثة
وفحوى الخطاب


وانت
قد تسقط من علي
لكنك ما تزال في الطريق
تواصل زحف المشاة على مقبرة التاريخ
وانت ياصاحبي ...اما زلت
تقتل من يحمل راية السلطان
ومن لا يحملها
ما تفه الحياة
حين يمتد سيف المحبة بقطع الاعناق البريئة
ذنبها انها تحاول ان تنتمي الى هذا الوطن
يعتقد التاريخ ان الابادة الجماعية
تخمد نار الثورة
والحطب يوقد من جديد
تحت الاجساد المطرزة بالضرب و الموت
من يعتقد ان القتل شعار
لفتح ابواب المنفى خلف الحدود المجاورة
كم نحن اغبياء في حق انفسنا
حين نرفع السلطان فوق اكتاف الموتى
و الجتث المتشردة على باب القبيامة
ويظل الباب العالي
موصدا في وجه الشعب
خاسرون في الرهان الجديد
من يلعب بالنار و الحديد
اللعبة بدات
واشرفت على الرحيل
و لا احد يستطيع ان يمد
في عمر السلطان المديد
ما دامت الايادي ملطخة بدماء الشهداء
والاصرار العنيد
والموت يتبرا من قاتله
كيف تاخذ الروح ثارها
و تستريح الروح على تخوم الشام و القرى المجاورة
من يجلس على رفات وطنه انهكه الجرح و الدم الذي يسيل
تسقط الجتث ناضجة
على ارض موسومة بغضب طفولي
ومن وحشة السؤال
الغارق في دماء الاجوبة المؤجلة
تخجل النتوءات البارزة على شقوق اسوار
تخلد بطولة الفرسان
وعنترية الجلادين في ساحات المدينة
وعلى اسوار بابل كانت الشمس
تضع الملح البحري على عينيها
حتى لا ترى العين في نومها
بدم العذراء لم تحدد
الطبيعة ملامح صدرها
و لا شهوة الغزاة
على بحر ترصده عيون القراصنة
و تجار العبيدعلى مشارفمدينة
تقاوم سباتها الطويل
وتعلن موسم الحكي
و الهرج البدائي عن معنى الحياة
حين تحاكي موتها المعان
في وجه فوهة البنادق التي ترصد
ابناء هذا الوطن
والعروبة الطاحنة لمعنى الانتماء
تواصل الجتث بالسقوط
وعلى مرمى الوطن
وطن يعادي وطن الاعداء
في بلد يحمل على كاهله لغة عربية


وانت
رهن الاعتقال المفتوح
على قنوات فضائية
البوح المكشوف امام مقصلة التريخ
و الحاكم المتعجرف تكبر في يده
مقابر جماعية على حافة كفه تجلس الام المكلومة
والصراخ يحن الى فقبره
وشهية الرصاص في كل مكان
هذا من بطش السلطان
تساند حاشية الوجع اليومي
و طقوس الاحتفال الرافض
لشكل التعذيب و قراص الممانعة
تستهويك عجلة الكلام الفضفاض
فوق مائدة مستديرة
تعاود الكلام من حيث بدا
و العدسة تركز وابلا
على باب لا توصده الا ايادي خشنة
وقلوب ميتة
وتعلن الخبر الكاذب
و صور خجولة من نفسها
تذهب في المتاه الاخير
و ترفض الحقيقة الواضحة بلا رسم و بلا عنوان
ياتيك القتل مطرا غزيرا يشق الصدور
ويفتح جهنم الدنيا في كل مكان
تاتيك الصورة كاملة
عارية من صدق الانفعال
و المشاهدة الهادئة
تعطيك الانطباع الاولي
ان المسافة الفاصلة بين الوطن و الارض
سوى طلقات رصاص وتدريب الجند على القتال
وما تبقى من الشعب
يصلح لتدريب جديد للرماة و هواة الصيد
كيف يتحول الشعب الى عدو وطنه
يعود القصف من جديد
و يعلق التاريخ كتابة نفسه
ويعجز عن صد الرصاص
والموت في كل بيت عربي
سالت الوت عن قتلاه
بدا سعيدا و عل محياه فرحة نادرة
وعلى مرمى الشوارع
تبتسم الوجوه في طريق الجنان
تسخر من يد الجلاد ومن قتله
تسخر العروبة من حدود اللسان
و البشرة الداكنة


وانت ...
في الشرفة تراقب غروب شمس
تفتح شهية القتل في كل مكان
وتقاوم الشمس فضاحتها
في كل شروق جديد
تكشف عن تاريخ المهزلة
ماذا تبقى من الحقيقة
حين يراد لها
ان تكشف عن اوراقها كاملة
ماذا تبقى من القتل
وتهشم العضام على ملتقى شارعين
كيف تحمل جرحاك
وتدفن موتاك في ان واحد
يختلط البكاء بصوت المنفى
وقوافل الهجرة المكشوفة
للوطن وللاعداء
الارض لم تعد تحتمل ركوب نفسها
ولا وضع التراب على وجوه قتلاها
ماذا تبقى مني ومنك
ومن وطن لا يحترم معنى الانتماء
ومن سلطان خانته الذاكرة
وتسللت الى قلبه برودة الطغاة
في قتل الابرياء
اي قيامة تحمل وزر نزلائها
وكم هو ثقيل دفتر الاغنياء
في الاعتقاد السائد
ان السلطان حاكم جاحد وان غاب فهو عائد
لا يفهم التاريخ عودة الصور
من جحر الحجر الباهث
ومن شقوق الجدران المهملة
في وجه الزمن و الريح
من منا يحمل قلبه جانبا
ويستريح
من عبء الهول والنكسة المعلقة
على اهذاب عجوز شمطاء
تقرا تعويذة الصباح
حتى لا تشرق الشمس قبل النواح
ويسود غيم اسود اللون
يغطي وجه المكان


يتبع........................................................



CONVERSATION

0 comments: