مقامات عَمّانيّة/ د. عدنان الظاهر


أولاً : أمل
عمّانَ أراها رؤيا العينِ
تتمرّى مرآةَ سرابي
فيها عينُ يمامٍ زرقاءُ
فيها نومي وثوابي وثيابي وثِوائي
حُزني ومحارمُ ما وَطئِتْ أقدامي
أملٌ يحلمُ في صحوي بي
وبهِ أحلمُ في نومي يقظاناً أشباها
الأسودُ في الأبيضِ والباهتُ أشباحا
فرعٌ مُندَّسٌّ في طيفِ التلوينِ الدامي
أعمّى عمّا
ترجمَ قنديلُ ذبالاتِ الليلاتِ الظلماءِ
اللوحةُ شوهاءُ !
يكتبُ فيها
فعلَ مُضارَعةِ الحاضرِ بالعلّةِ مقصورُ
واهاً لزمانِ حَراكِ التحصيلِ الآلي
عمّانُ سرابُ
عمّانُ تُرابُ
الجبلُ الشاهقُ فيها جسرٌ تعليقا
يمشي بي ... لا يمشي
يمشي في الدولةِ عَرْضاً طولا
فمتى عمّانُ متى ؟
ثانياً : إبن زُريق في عمّان
عمّانُ تودّعُ ( بغذاذا ) همْسا
من بُرْجٍ في فَلَكِ الأزرار [1]
شَرِقتْ بالدمعةِ يوماً عمّانُ
ما هتكتْ دمعاً بغدادُ
شاعِرُها ماتَ هناكَ غريبا
لم يشهدْ رَكْبَ جنازتهِ أَحَدُ
ذابَ الموكبُ تعتيما
الشاعرُ في الشارعِ ميْتاً ـ حيّا ظَلّا
يبحثُ عن قبر سبيلٍ مفتوحٍ مهجورِ !
هِلّي عمّانُ وظَلّي هِلّي دمعا
قلبُكِ في أمٍّ ليستْ أمّي
ما جدوى حُبٍّ مُلتَبسٍ أصلا
نتبادلهُ أرقامَ ضياءٍ خُرْسا
لا تحملُ صوتاً ذا معنى
نكتبهُ حِبراً سِريّاً سِرّا
يتلاشى تدريجاً لونا
يتآكلُ في شُعلةِ نارِ سناءِ شهورِ الصيفِ
حيثُ الشمسُ مرايا تتعرّى أجسادا
عمّانُ الكتلةِ في زحمةِ محسوبِ الكلِّ
في البحرِ الميّتِ تطفو لا تغفو
تكشفُ للماءِ المالحِ من شَبَقٍ مثقوبٍ ريقا
تتبادلُ نحتَ الصخرِ بحبِّ المنحوتِ رخاما
صاحبتي غابتْ إذْ عامتْ في سطحِ سريرِ البحرِ
ملحُ الأرضِ طبيعتُها لا ملحُ الرغوةِ في مدِّ الموجِ الصخري .
ثالثاً : نرسيس في عمّان
رَضَعتها أمٌّ قصديرا
نشأتْ تهوى الجوهرَ والعنبرَ والأسماءَ الحُسنى
صورتها مرآةُ الزِئبقِ والزنبقِ والماءِ الرقراقِ
نرسيسُ يُوجّهُ منظورَ زوايا رؤياها
يرسمها في الشَفقِ الأعلى أخدوداً ورديّا
يتبادلُ أمكنةَ الطيفِ الشمسيِّ زمانا
مُنصَهرُ الزافيرِ يُشكّلُ قوسَ النصرِ بعينيها تلبيسا
البرقُ عقيقُ زُمرَّدِ سَبْكةِ قامتها طولا
مِسكٌ ورحيقٌ مختومٌ في نقشِ بريدِ الأختامِ
في اللوحةِ " موناليسا "
في سقفِ المُتحفِ نرسيسُ .
[1] جاء في قصيدة إبن زُريق البغدادي
أستوّدعُ اللهَ في بغدادَ لي قَمَراً
في الكرخِ من فَلَكِ الأزرارِ مطلَعُهُ


CONVERSATION

0 comments: