السعودية والشيخ خميس الخنجر و الزحف الصفوي نحو الحجاز/ أسعد البصري

أعتقد بأنني أستطيع إثبات الطابع الحركي للمشروع الشيعي بسهولة ،  ولا أظن بأن سنة العراق يستطيعون الصمود طويلا . إن الخبرات التي تراكمت عن طبيعة هذا المشروع تجعلنا نفكر بالخطوة التالية بعد سيطرة إيران  على العراق و سوريا ، كيف سيتم تفجير السعودية و العدوان على الحجاز .

كل الإحصائيات العربية تقول بأن نسبة الشيعة في المجتمع السعودي هي خمسة بالمئة فقط بينما النسبة المتداولة في الإعلام الغربي هي ١٢٪ يسكنون مناطق ربما تبدو أبسط من باقي المناطق السعودية خصوصا المنطقة الشرقية حيث يوجد معظم احتياطي المملكة من البترول .

دخل ( الإخوان في طاعة الله ) - وهم الجيش المسلح لحركة التوحيد -المنطقة الشرقية السعودية عام ١٩١٣م ، وكانوا حينها يضغطون على الملك القادم عبد العزيز بن سعود للضغط على الشيعة  لتغيير المذهب لكن جلالته رفض ذلك بحزم كما عارض أي ضغوط تبشيرية على الشيعة لترك مذهبهم فاصطدم بجيش الإخوان ، و كان هذا من أهم الأسباب التي أدت إلى تمرد عام ١٩٢٦م لكن الملك الحكيم عبد العزيز نجح في إحباطه والسيطرة على الفتنة . 

عام ١٩٧٩م قامت الثورة الشيعية في إيران و معها تجددت مطالب الشيعة بحقوق دينية أكبر ، و ظهر فيهم بعض التيارات المتطرفة التي تدعو إلى دولة شيعية في المنطقة الشرقية ، أو تطالب بالبقيع و بناء الأضرحة الشيعية المهدومة . كان رد المملكة السعودية صارما دائماً على التمرد  ، و تتهمه بأنه يتم بتحريض إيراني . 

في التسعينات من القرن الماضي فهم شيعة السعودية بأن مصالحهم ليست مع إيران بل في بلادهم و مع الحكومة السعودية وصدر عفو ملكي عن جميع المعارضين الشيعة و جرى التنسيق  بوساطة غازي القصيبي السفير السعودي الشيعي في لندن آنذاك في عهد جلالة الملك خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز   .

عام ٢٠٠٣م احتلت الولايات المتحدة العراق و قامت فيه لأول مرة حكومة شيعية تابعة بشكل مطلق لإيران و بسبب ذلك عادت الحيوية والطموح للمشروع الشيعي في المنطقة الشرقية السعودية . 

لا أحد يعرف من أين ستضرب إيران السعودية ؟ . هل ستضرب بعدوان حوثي مسلح ؟ ،  بتمرد شيعي داخلي ؟ ، بهجوم عراقي ؟ ، أم بتحريض الإرهاب السني الذي معسكراته الآن في إيران ؟ . 

إذا نجحت إيران في هيمنة الحكم الشيعي على العراق و سوريا فإن السعودية هي الهدف التالي و في خطر شيعي حقيقي ، خصوصا هناك اتصال بين بعض شيعة السعودية و الولايات المتحدة  كما لاحظنا بعد حادثة الشغب في العوامية عام ٢٠١١م . 

تسعى المملكة بكل نواياها الحسنة إلى استقرار العراق بعكس إيران و سوريا لكن استقرار الحكم الشيعي في العراق معناه التحضير للعدوان على الحجاز .

لقد استطاعت إيران تشييع القبائل العراقية سلميا بتأثير النجف وكربلاء حتى انفجرت نسبتهم من ١٠٪ إلى أكثر من نصف السكان خلال قرنين من الزمان فقط - القرن الثامن عشر والتاسع عشر -  ولولا ملك العراق  فيصل الأول لما توقف تشيع القبائل .  يقول الإنكليز إن تشيع القبائل العراقية استمر حتى عام ١٩١٧م ، في نفس الوقت رفضت المملكة ألعربية السعودية طوال تاريخها ممارسة أي ضغوط سياسية  خلال قرن كامل لتحويل الأقلية الشيعية في السعودية إلى المذهب السني . 

في العاصمة بغداد مثلا  ازدادت نسبة الشيعة إلى أكثر من ٥٠٪ بحلول عام ١٩٥٨م فيما كانت نسبتهم قبل الحرب العالمية الأولى تبلغ زهاء ٢٠٪ فقط ، أما نسبة الشيعة اليوم في العاصمة  فهي حوالي ٨٠٪  بسبب الحرب الأهلية التي انتهت لصالح الشيعة منذ الإحتلال الأمريكي ٢٠٠٣م حتى اليوم . 

لقد ازدادت نسبة الشيعة في العاصمة العراقية  من ٢٠٪ إلى ٨٠٪ خلال مئة عام فقط . وهناك روايات سورية متواترة عن سياسة إيرانية كانت تستدرج و تغري شيوخ العشائر السورية بعطايا و رواتب لإعلان التشيع قبل الثورة السورية ٢٠١١م  . لا يطلبون من الشيخ دعوة عشيرته للتشيع بل فقط يعلن تشيعه و عائلته والباقي يتكفل الإيرانيون به . وهذا يثبت حيوية المجتمع الشيعي و إصرار إيران على التبشير والتوسع الديموغرافي السياسي . 

مازال أهل السنة في العراق يتطلعون إلى دور سعودي يؤدي إلى توازن في العراق ، لكن الدور السعودي اقتصر على مساعدات خيرية أو دعم بعض الناشطين والسياسيين الذين بكل أسف أثبتوا عدم نزاهتهم و جديتهم بالشكل الذي أضر بالقضية السنية في العراق . 

مؤخراً أصدر الكاتب المعروف علي السوداني بيانا مدويا من العاصمة الأردنية عمان  انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الإجتماعي أعلن فيه استقالته من قناة فضائية وهمية في الأردن و عزا ذلك إلى خطابها الطائفي السطحي . وهذا ألحق ضررا كبيرا بالأصوات المعارضة للسيد نوري المالكي وللمشروع الإيراني في العراق . 

إن المؤسسات الإعلامية  السنية العراقية المعارضة في الخارج التي تتلقى دعما كريما من الشيخ خميس الخنجر أو من الخليج يعاني بعضها من تزوير وصولات ، و فساد الذمة المالية ، و لا تنتج بسبب البخل والتجويع سوى خطاب فقير و طائفي  موتور يضر بأهل السنة في العراق ولا يخدم قضيتهم .    

هذه دعوة جادة لدعم المشاريع الثقافية والسياسية الجادة في العراق ، لأنني ومن خلال تجربتي اكتشفت مقدار الضياع الثقافي الذي يعانيه السنة في العراق ، فهم يبحثون عن أصوات ثقافية و أخلاقية موثوقة تساعدهم على الوقوف بوجه كل هذه الأحداث الإنتقامية في مدنهم و محافظاتهم . 

CONVERSATION

0 comments: