السؤال المحير هو لماذا الأنبار تقاتل بينما الموصل تتفرج ؟ . ما هو نوع القايادات في الموصل التي تستطيع منع المشاركة في القتال ؟ . لماذا الأنبار تقول لا نريد أن يحكمنا نظام عميل لإيران بصراحة و صدق . بينما قيادات الموصل و في أشجع رأي تحصر نقمتها على شخص المالكي فقط ؟ .
الرسائل التي تصل من الزعماء السياسيين في الموصل إلى شجعان الأنبار هي استمروا في القتال و نحن نتفاوض باسم صمودكم . ويبدو أنهم غير مستعدين للقصف ، و هدم أحياء الموصل ، و مواجهة الدبابات كما حدث للأنبار .
لماذا لا يلبس السيد النجيفي كفنه و يأخذ الآلاف لنجدة الفلوجة كما فعل السيستاني عام ٢٠٠٤م حين حاصرت الدبابات الأمريكية النجف للقبض على مقتدى الصدر . فقد زحف الرجل المسن المرجع السيستاني من البصرة إلى النجف جامعا معه ملايين الناس و دخل المدينة حتى ضاع الصدريون في الجموع الغفيرة و انتهى الحصار .
أين الدكتور عبد الغفور السامرائي ؟ ما رأيه بحصار الأنبار ؟
لماذا تتعرض الأنبار وحدها لكل هذا العدوان ؟ ساحات الإعتصام كانت في سبيل جميع المحافظات الست وليس لأجل الأنبار وحدها . على العكس الزعماء في الموصل مهتمون بالإنتخابات و المحاصصة والوزارات أكثر من حصار الأنبار . يقولون انتخبونا و نحن بعد أن نقبض و نفوز نجد لكم حلا بعون الله .
هؤلاء الزعماء يتصرفون كما يتصرف الشيخ العرعور مع الشعب السوري .....
أحد كتاب الإخوان المسلمين في دعايته للقيادة في الموصل عبر عن وجهة نظر غريبة كالمصالحة مع إيران ، خذلان للأنبار ، استبدال المالكي بالحكيم ، تمجيد السلطان التركي . إن أفكار بعض الإخوان المسلمين في العراق تشبه كثيرا أفكار ( الحتمية التاريخية ) عند الشيوعيين العراقيين أيام زمان . أفكار أممية كبيرة تهمل المحنة المحلية ، من الحتمية التاريخية ، إلى الحتمية السلطانية .
الأحداث أصبحت أسرع من تفكيرنا في العراق ، وكأن هناك منع للتأمل والمراجعة بتفجير مستمر و متتابع للواقع العراقي . معظم المقالات التي تنتقد الحكومة هي مقالات وهمية ، لو يرسلونها إلى جريدة عراق القانون فإنها تنشرها لهم بلا تردد . الكتاب السنة مهزومون نفسيا ، أرواحهم مكسورة ، كتاباتهم خالية من الجرأة . و شباب الأنبار محبطون لأن المحنة طالت . حصار ثلاثة أشهر بين مسرحية داعش و الجيش والضحية هم الناس المدنيون البسطاء .
الخطاب الإعلامي السني فاشل بامتياز ، ولو يعرض السيد المالكي هذه الفضائيات التي تشتمه على قنواته لازدادت شعبيته ، لأنها قنوات تنتهج العنجهية والشتائم الطائفية أكثر من المحاججة والفكر والتنوير .
معظم السياسيين السنة يريدون تقمص شخصية الرئيس صدام حسين دون أن يمتلكوا شيئا من صفاته و سلطاته . إلى هذا اليوم لم يعجبني سوى الشيخ علي حاتم السليمان ، لكننا غير محظوظين أخشى أن نمدحه فيتصالح غدا مع المالكي . الذهب يقلب القلوب في العراق اليوم .
البسطاء لا يمتلكون شيئا وهم أول الناس بالكرم والطيبة ، يجودون بكل شيء حتى بأرواحهم ، بينما لا نرى جنائز كثيرة من الشيوخ والزعماء ؟ . ولا نعلم ما هي حكاية نجا الزعيم فلان من محاولة اغتيال ، و نجا الآخر من محاولة قبله ، كما نجا فلان قبلهما من محاولة اغتيال أيضا .
لم يتم اغتيال السيد مشعان الجبوري حين كان يروج للقاعدة والعمليات العسكرية في العراق ؟ . ولم يتم اغتياله الآن وهو يعمل مع المالكي علنا في العراق . الذي يتم اغتياله رجل فقير مثل ( أبو سرمد ) المهندس الزراعي المسكين في بهرز قتلوه أواخر الشهر الماضي ، و ألبسوه ثوبا أفغانيا ، ثم علقوه على عمود كهرباء بحجة أنه إرهابي .
السياسي السني ينتقد المالكي لأنه يمنح نفسه سلطات كثيرة ويحتكرها ، بينما هذا السياسي نفسه هو رئيس الحزب ، و رئيس تحرير الجريدة ، و مدير الحسابات ، والمتحدث في الفضائية ، و هو المفاوض الوحيد باسم حركته الوهمية .
يقول إلياس فرح إن أول علامة من علامات الحضارة البشرية و قوة النظام الإجتماعي هي ظاهرة تقسيم العمل والشيعة منظمون جدا في تقسيم العمل . فالسياسي ليس كاتبا ، والكاتب ليس رادودا ، والرادود ليس مرجعا ، والمرجع ليس تاجرا ، والتاجر ليس خطيبا ، والخطيب ليس طباخا للقيمة .
قيل لرئيس الحكماء ، و مقدم الأدباء : العلماء أفضل أم الأغنياء ؟ قال : بل العلماء . قيل : فما بال العلماء يأتون أبواب الأغنياء أكثر مما يأتي الأغنياء أبواب العلماء ؟ . قال : لمعرفة العلماء بفضل الغنى ، و لجهل الأغنياء بفضل العلم . فقلت : حالهما هي الفاصلة بينهما ، و كيف يستوي شيء ترى حاجة الجميع إليه ، و شيء يغنى بعضهم فيه عن بعض ؟ .
ما فعله الشيعة هي أن الفقهاء هم الأغنياء بسبب نظام الخمس ، و تبرعات التجار بينما ما زال فقهاء السنة و كتابهم على أبواب الأغنياء ، و رواتب الحكومة .
السيد نوري المالكي يضع يده اليوم على مئة مليار دولار سنويا ، يوزعها سياسيا بحسب الولاء ، و هذا سبب سكوت أهل القلم . وقد قال الحسن البصري " سُكر الغنى أشد من سُكر الخمر " ، و حين لا توجد قيادات نزيهة نتساءل عن جدوى الحماسة التي تدفع بعض الشباب الشجعان التضحية بأرواحهم ضد آلة عسكرية ضخمة و خزينة ذهبية بالمليارات ؟ .
لماذا يتخلى الإئتلاف الشيعي عن المالكي في الإنتخابات المقبلة ؟ . أعطوني سببا مقنعا ؟ . هل يمنحون أملا و نصرا ل شعب سوريا و الأنبار ؟ . لا يوجد تذمر شيعي حقيقي من المالكي . الأغلبية وظائف ، أو يبيع و يشتري ، و قطعة الأرض بمئة ألف دولار كحد أدنى . و أكثرهم بنى منزلا قيمته مليون أو نصف مليون أو ربع مليون دولار . ما هي مشكلتهم ؟ . الفساد جماهيري في العراق يعني الجميع مساهم به .
حتى الأعمال الوحشية ضد السنة التي ترتكبها الحكومة لا تقسم الرأي الشيعي ، على العكس تقسم الصف السني بين صحوات عملاء للحكومة و بين مجاهدين .
حين زار السيد صالح المطلگ أهالي مدينة بهرز بعد المجزرة لتطييب الخواطر والتنفيس ، تقدم أحد الأهالي و شكا سوء الحال ، وقال بأن الفقر وصل به أن يستدين ثمن علبة الدخان . فكان رد السيد صالح المطلك بأن نصح الرجل بترك التدخين . هذا هو حال زعمائنا اليوم يفكرون بمصالحهم الشخصية ولا يعنيهم حال شعبهم الفقير .
في كتاب البخلاء يقول الجاحظ " قال ثمامة : لم أر الديك في بلدة قط إلا وهو لافظ ، يأخذ الحبة بمنقاره ، ثم يلفظها قدام الدجاجة ، إلا ديكة هذه البلدة ، فإني رأيت ديكتها تسلب الدجاج ما في مناقيرها من الحب . قال : فعلمت أن بخلهم شيء في طبع البلاد ، وفي جواهر الماء ، فمن ثم عم على جميع حيوانهم " البخلاء / ص٧٥
asaad76@hotmail.com
0 comments:
إرسال تعليق