صال وجال في ملاعب اللغة، واليوم تفتقده هذه اللغة التي غزل من كلماتها نثره وشعره، وطرّز قصائده بألوان الجمال وعمد أبياتها بصلابة الموقف الذي ارتفع به ودافع عنه، اللغة التي حارب بها وحارب من أجلها حتى تبقى المنارة المُضيئة التي تحاكي قدسية الحرية والإنسانية التي تؤمّن الاستقلالية عن التبعية، اللغة التي ظل ينام في سريرها وتفتح له أحضانها وتبوح له بأسرارها حتى الرمق الأخير من جسده لا من قلمه الذي ما زال يختزن حبر الصدق والطهارة لو أطال الله بعمره، فكانت هي الشروق والغروب، المطر والجفاف، المرأة والحب، الأمل بلا يأس، العنفوان والتحدي الذي كان يطـّل من على صفحات "النهار"اللبنانية التي أمن لديكها صياحاً من "كلمات كلمات كلمات" لسنواب قبل أن يتركها حتى يفوز بحريته كما نقل عنه الكاتب ورئيس التحرير التنفيذي السابق لجريدة النهار اللبنانية ادمون صعب في مقالة وداعية له يرثي بها رفيق دربه بعنوان "وداعاً يا ملاك الحرية" جريدة الأخبار العدد 2229 السبت 22/شباط/2014، "أنا هنا لأودعك غير آسف، لأن كرامة الحرية أغلى عليّ من أي مال، وقد أعدت ما لقيصر لقيصر، ومشيت مع حريتي الى باب الله، لقد فزت بحريتي، وهذا يكفيني".
لكن الراحل واصل ولم يهدأ قلمه، فإنتقل الى جريدة الأخبار حيث كان يقيم كل سبتٍ من خلال مقالته الأسبوعية وزاويتة "خواتم" قداساً ثقافياً، إجتماعياً، سياسياً، وطنياً، إنسانياً في العشق في الحياة، في الموت، في الحرية، في الكرامة... في التآخي الذي قال عنه: في مبدأ التآخي لا مقدس فوق التآخي، لأجله تُخفض الأصوات وتَلين الطباع (من مقالة له بعنوان نهاية الحقيقة نهاية الفكرة) والتي يتحدث بها ايضاً عن الحرية قائلاً: لذلك تتعاظم حاجتنا الى الهواءويصبح قدس الأقداس كلّ ذرّة حريّة نستطيع اختراعها.
هذا أنسي الحاج الذي بقيت رايته خفاقة وستبقى كتاباته منارة مستقبلية لذا عندما تودِعوا جسده في الأرض التي أحبها، الأرض التي عشقها كجسد المرأة، لا تنكسوا راية الشعر لأنها تحررنا من ربقة وثقل الماضي والحاضر وتفتح باب المستقبل، هذا ما أراده أنسي الحاج.
سدني استراليا
Email:abbasmorad@hotmail.com
0 comments:
إرسال تعليق