المرآة/ د. نوري الوائلي

ماعاد فيك مجامل وجميل = فالخطب من كيد الزمان جليل
الدمع يحفر في الخدود سواقيا = والعسر يشتل مدّها ويهيل
الشوك في نبع المدامع بالغ = والدفل فوق اليانعات  نزيل
العين يحكمها الزجاج  لضعفها =  والخد منهطل القوام  هزيل
السنّ  بعد السن يتبع بعضه = فإذا بفيه الفاتنين عليل
الجلد ملمسه الخشونة يابس = كالصخر في أرض الفلاة طليل
اللون قشرالموز حين بلوغه = والجسم  من لوع الخطوب مهول
الطبع  يبدو كالنسيم  وداعة = يوما ويوما في الجفاء يصول
جلدي تجاعيد وقلبي واصب = والعزم في حق الفراش ذليل
هذي المرايا قد أرتني مصائبا = تستل كل محاسن وتغول
تستل مني كالدبيب نضارة = كالشمس من قبل الغروب تزول
فإذا برأسي أبيض متصحر = وإذا بوجهي كالثياب يدول
الدهر يجري كالفصول منوع = يعلو ربيعا تارة ويميل
لكن دهري في خيالي ما به = الا الربيع إذا تعدّ فصول
الانس كان الى لقائك يرتقي = بالروح آيات الصفا فأحيل
ماعاد يجذبني اليك مجمل = اوبات يسعدني بك المأمول
ماعاد ينفعني التجمل ساعة = او كاد يسعفني بك التعليل
الصبغ والتجميل مثل مؤمل = يسقي جذوعا مالهن فسيل
ما أسعف الجسمَ العليل أطبةٌ = او كان يُرجى في الردى التأجيل
العقل في فهم الخليقة واهن = والروح من جم الخراب جفيل
العمر يمضي مسرعا ونفوسنا = حبلى الاماني والزمان بخيل
فغد تأمله النفوس بجهلها = ملكا ويملكه الردى المجهول
أخفي تواريخا ومنها مولدي = وبيانه عند الدجى قنديل
لا زلت أنكر رغم عمر أرذل = ان الزمان على الجسوم دليل
صفرا ازيح  وبالسراب معللا = وأنا بعمرالأرذلين ظليل
غيث الصبا مثل الغمام بفصلها = يعلو بطلعته الفلاةَ نخيل
تتلألأ المرآة عند خيالها = ويفوق الوان الجمال جميل
مثل الهديل جمالها فإذا اعتلى = القلب يخفق للصدى ويثول
الدهر يأكل من حسان جلّها = وفتونها للفانيات تؤول
أين المفاتن ان رأت مرآتها = تتشوق الرؤيا بها وتطيل
فإذا بتلك المغريات وقد غدت = كغمام صيف مالهن بليل
فلنا وربك بعد جمع فرقة = ولنا بدنيانا الغرور رحيل
آه تجلجل في الفؤاد كانها = سيل الصواعق في الهشيم وبيل
ما عد عبد من نعيمك نعمة = الا اضاق بمدها التفصيل
رحماك من عجز يلمّ مذلّة = الموت فيها  رحمة وقبول

CONVERSATION

0 comments: