وفي احدى الحالات النادرة كنت مقيما اقدم باطنية (طالبا للبورد صف اول) في منستشفى الرشيد العسكري1995 وقد دخل في ردهتي الباطنية الثالثة جندي من اهل السماوة اسمه حسين مهوس وقد كتب في ورقة التشخيص الاولي انه يعاني من قرحة نازفة وكان الجندي شاحب اللون وهزيلا ولديه حمى بسيطة ويرافقه والده الهزيل الجسم الكثير التدخين وكثير البكاء والتوسل لانه ولد على سبع بنات كما يقول والده مما اثار شميتي عند ربط كوفيته وعقاله بملابسي بعد ان عرف اني خزاعي ومن الحريشيين ونخاني بختك وبخت اهلك يا اخو فاطمة
وهذه النخوة اثارت عندي اهتمام اكثر بالمريض وعند اخذ التاريخ المرضي منه والفحص السريري له من قبلي وبعد مشاهدتي للقيء لم اجد مايشير لوجود دم في القيء ولكني شاهدت مثل العلائق التي تشبه بثل الشاي (ورق الشاي بعد غليه بالماء) و كذلك في الفحص السريري وجدت تضخم في الكبد وهنالك كتلة بجانب الكبد كبيرة بقياس 5*5سممع تضخم بسيط في الطحال فكان تشخيصي الاولي هو وجود اكياس مائية في الكبد وهنالك احتمال ارتفاع الضغط الوريدي الكبدي وان التقيؤ الدموي الذي وصفه المريض ولم اشاهده رغم شحوب المريض هو نتيجة دوالي المريء هذه الافكار كلها روادتني وان اعدد الاحتمالات مع نفسي مع صورة والد المريض البائسة وهو يرقرق بالدمع ويلهج بالدعوات لشفاء ولده في زمن الحصار الظالم وضغط الجوع والفقر .منذ الصباح الباكر بعد سحب عينات الدم للتحاليل اصطحبت المريض الى استاذي وصديقي اللواء الطبيب ليث وفر السعدون اختصاص الاشعة وانا اكسر الروتين والمواعيد لفحص السونار وهو يستقبلني ضاحكا ها شعدك من الصبح بعدنه مافتحين قلت له اعتقد انك ستفحص حالة نادرة يمكن انت قرأت عنها ولكن من النادر مشاهدتها ضحك وقال يله خلينا نستفتح بيه وبعد ان وضع مجس السونار على بطن المريض وبدات الصور تظهر بوضوح صاح د. ليث السعدون على ن.ع حسين بواب غرفته لك حسين روح اجلب لنا فنجانين قهوة من قهوتي النادرة واحدة لي والثانية لدكتور رافد وبدا يسرد قال نعم انها حالة نادرة وهي ان الكيس المائي ملتصق بالقناة الصفراوية وانا اكمل له وهنالك ناسور (فتحة بين الكيس والقناة) وهو يصفق متعجبا وشمدريك انت اجبته لاني شاهدت قيء المريض وكان هنالك مايشبه محتويات الكيس المائي العلائق في قيئه .....
وهو يكتب التقرير وانا اشرب فنجان قهوة مميز قائلا لي تستاهل القهوة وبعدها اصطحبت المريض الى اللواء الطبيب عصام وهو احد جبهاذة الجراحة العسكرية في تسعينات القرن الماضي ومازال دائم العطاء في تدريب وتدريس طلبة الدراسات العليا للجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي وكان وقتها مدير شعبة الجراحة في مستشفى الرشيد العسكري قبل تسنمه امر مستشفى الرشيد العسكري وغرفته في ردهة الجراحية الثانية الطابق الاول المبنية منذ سنة 1936 والمصممة من قبل مهندس انكليزي وهي عبارة عن فضاء مفتوح وله طلة على الشارع الرئيسي للمستشفى وكان هنالك طلاب ومقيمن قدامى للجراحة في غرفته واستقبلني ماعندك ايها الخزاعي الميساني قلت له حالة نادرة وشرحت له القصة فاخذنا بسرعة الى غرفة فحص الناظور في شعبة الجراحة وكانت في الغرفة المقابلة واجرى الفحص فورا وهو بصفق ويقول تعال وشاهد ماذا يخرج من بوابة اودي (وهي مصب القناة المشتركة للصفراء والبنكرياس في الجزء الثاني من الاثني عشر وهو يحاول اخذ اكثر الصور وضوحا ليوثقها واتفقنا على تقديم الحالة في الاجتماع السريري الاسبوعي للباطنية وقد اشرف على التقديم اللواء الطبيب سمير رسول احد جباهذة الطب الباطني العسكري واللواء الطبيب عصام الجنابيي وانا من قمت بتقديم الحالة وخضعت للمناقشة وكيفية اجراء العلاج ومأل المريض لانها تعتبر من العمليات الصعبة لانها في الظروف والامكانيات وقتها كانت محدودة وكان اول ركيزة لما يسمى الاجتماع الباطني الجراحي المشترك وقد اقره ابو الطب العسكري اللواء الطبيب الاستشاري احسان الشماع بعد ان اثنى على تقديم الحالة وقد زارني المريض للردهة بعد اربعة اشهر وهو في اتم العافية بعد ان اجرى له اللواء الطبيب عصام الجنابي بحرفية وتقنية عالية مع طريقة رزع جزء من الغشاء البروتيني لملء الفراغ في مكان الكيس الكبير مما ساهم من حدوث النزف من الكبد وسرعة شفاء المريض وانا اروي هذه القصة هي احدى ماثر الدكتور الذي لازال دوؤبا في متابعة الدراسات العليا والطلبة حتى بعد تقاعده وهو ملتصقا بالعراق متحملا الكثير من الظروف حفظ الله الدكتور عصام الجنابي واطال الله عمره وهو رمزا من رموز الطب بالعراق بحق.
ويعد داء الأكياس المائية من أهم الأمراض الطفيلية المشتركة بين الإنسان والحيوان والمسبب الرئيسي هي الدودة الشريطية الكاملة Echinococcus granulosus. ويصاب الإنسان والحيوان وذلك بانتقال بيوض الدودة الشريطية إليهما عن طريق الغذاء والماء الملوث وخصوصا الخضروا والخس الغير مغسول والمعقم جيدا لتلوثه ببراز الكلاب المصابة بهذا المرض ويعتبر الانسان حاضن وسطي ولذلك يتوقف نمو الطفيلي في جسم الانسان ويتكيس.
مرض الأكياس المائية في العراق - هناك الكثير من الأرقام التي تنشر في الصحف المختلفة عن نسبة الإصابة بداء الأكياس المائية، وقد درس عدد من الباحثين حالة انتشار هذا المرض في العراق الذي يعتبر من البلدان المتوطنة لهذا المرض وتبين إن هذا الداء قد زاد انتشاره في مناطق تربية الماشية بعد عام 1990 وذلك لقلة الفحوص الدورية للكلاب وتدني الرعاية الصحية للماشية. وهذه الآفة تعتبر مستوطنة في مناطق بيئة حيث يتواجد كلب-ماشية-إنسان لان دورة حياتها تكتمل هنا. لقد درست نسبة الإصابة في الماشية (أغنام وماعز و أبقار) حتى عام 2002 فوصلت بين 30 إلى 45% وهي أعلى من ذلك في الإبل. تمثل هذه النسبة متوسط اثنى عشرة سنة لهذا المرض والتي جمعت من المجازر الحكومية المنتشرة في كافة إنحاء العراق. إن هذه النسبة تزايدت في الأعوام الأخيرة نتيجة لقة الرقابة الصحية علماً ان بعض المجازر لاتعمل منذ عام 2003 وازداد انتشار الجزر العشوائي الغير خاضع للرقابة البيطرية والصحية . وقد لوحظ زيادة ذبح الحيوانات خارج المجازر وخاصة في المناطق الشعبية في المدن وكذلك في المناطق الريفية في كافة أنحاء العراق. وعلى سبيل المثال تنتشر أعداد كبيرة من الكلاب السائبة في المحافظات الجنوبية وغيرها والتي تعتبر العامل الأساسي للدودة الشريطية، حيث تفتقر دوائر البيطرة إلى برنامج لمكافحة هذا المرض والذي يتمثل بنشر الوعي الصحي بين فئات المجتمع المختلفة وذلك بإعداد نشرات توعية وتقديم سمنارات بالإضافة إلى برنامج لجمع الكلاب السائبة، مما يساعد على تخفيض انتشار هذا المرض.
ان الاكينوكوكوس Echinococcus granulosus هي الدودة الشريطية البالغة التي تتواجد في أمعاء الكلاب وآكلات اللحوم الأخرى مثل الذئاب والثعالب.
مرض الهيداتيد (الأكياس المائية) Hydatid disease - مرض طفيلي يصيب الحيوانات آكلة الأعشاب كالأغنام والماعز والأبقار والإبل، وكذلك يصيب الإنسان وتعتبر كلها عائل وسيط لهذا الطفيل. وتنتقل الإصابة عن طريق بيوض الدودة الشريطية البالغة إلى الإنسان والحيوان كعائل وسط. تنمو اليرقات في أنسجة أعضاء الجسم وخاصة الكبد والرئتين. تعيش الدودة الكاملة في أمعاء الكلاب والذئاب والثعالب والتي تعتبر عاملا أساسيا لها.
المسبب - الدودة الشريطية البالغةEchinococcus granulosus ويتراوح طولها من 3 - 6 مم. يتكون جسم الدودة من ثلاثة قطع وتحوي القطعة الأخيرة على البويضات التي يصل عددها بالمتوسط إلى 6000 بيضة. وللدودة البالغة القدرة على البقاء في أمعاء الكلاب لمدة سنة أو أكثر، مما يؤدي إلى تلوث البيئة بهذا الداء.وانه هذا منتشر عالميا وفي كل الدول
ان مصادر العدوى - براز الكلاب المصابة بالدودة الشريطية البالغة والتي تعتبر من مصادر العدوى الأساسية، بالإضافة إلى المراعي والأعلاف والمياه الملوثة ببراز هذه الكلاب.
طرق انتقال العدوى:
•1. بواسطة اليد إلى الفم من خلال التماس مع الأدوات الملوثة ببراز الكلاب المصابة بالمرض.
•2. تناول مواد غذائية مثل الخضروات الطازجة أو الماء الملوث ببويضات الدودة الشريطية الناتجة من براز الكلاب.
•3. مباشرة من الكلاب المصابة إلى الإنسان من خلال ملامستها أو اللعب معها. للكلاب عادة لعق منطقة الشرج حيث يتلوث فمه بالبويضات أثناء اللعق وتنتشر البويضات على شعره وبالتالي تنتقل إلى الإنسان عندما يلامس الكلاب المصابة.
•4. تغذية الحيوانات آكلة الأعشاب على مراعي أو أعلاف ملوثة ببويضات الدودة الشريطية الناتجة من براز الكلاب.
دورة الحياة: ديدان الأكياس المائية "الاكينوكس" دورة حياتها مشتركة بين الحيوان والإنسان حيث تحتاج إلى عائلين هما العائل الأساسي (الكلاب وآكلات اللحوم الأخرى)، والعائل الوسيط (الإنسان وعدد كبير من الثديات).
العائل الأساسي: حيث تعيش الدودة البالغة في أمعاء آكلات اللحوم وهي (الكلاب - الثعالب - الضباع وابن آوى - الأسود - الفهود)
العائل الوسيط: حيث يوجد الطور اليرقي "الأكياس المائية" في الأحشاء الداخلية للانسان وكذلك لعدد كبير من الحيوانات آكلة الأعشاب وتشمل (الأغنام - الماعز - الأبقار- الجاموس - الجمال - الخيول - الحمير - والأرانب البرية). وهذا الطور هو المعدي للكلاب وآكلات اللحوم الأخرى.
العدوى - تتم عدوى الإنسان والحيوانات الثدية الأخرى بابتلاع البويضات التي تخرج من براز العائل الأساسي (الكلاب) وذلك عن طريق تناول خضروات ملوثة أو ماء ملوث أو عن طريق تلامس الكلاب المصابة أو اللعب معها. يخرج الجنين من البويضة ويخترق جدار الأمعاء بإفرازاته وينتقل عن طريق الأوردة الصغيرة أو الأوعية اللمفاوية إلى الكبد أو الرئتين أو المخ أو باقي أعضاء الجسم. وعند وصول الجنين إلى هذه الأعضاء ينمو إلى الطور اليرقي في عدة شهور ويبدأ بتكوين الرؤوس الأولية داخل الأكياس المائية ويشكل ما يسمى باليرقة الكيسية المخصبة. يصل حجم الكيس إلى حجم الليمونة أو البرتقالة. تنتقل هذه اليرقات المخصبة إلى العائل النهائي (الكلاب) عن طريق ابتلاعها إثناء تغذي الكلاب على بقايا فضلات الحيوانات المصابة بعد ذبحها.
ان وجود النخوة والحمية والتعاون عند الطبيب يساهم في شفاء المريض كفريق واحد وهي تاليها كلها نسوالف نسولفها ونستفاد منها العبر والدروس.
0 comments:
إرسال تعليق