خوفنا الازلي من قاعة الامتحان
زرعه نابليون بحروبه الحمقاء
زرعه الجهل المستشري في النفوس
زرعته عصا المدير الواقف في ساحة المدرسة وهو ينتظر الضحية
خوف بدده صوت الاستاذ وهو يعلن بدء الامتحان
سقط القلم
تبدد الحبر على الارض
اكتملت الاجابة بالدم
هكذا كانت سما ليث
في امتحانها النهائي
امتحان المواطنة
امتحان الشهادة
من النواميس الاخلاقية والدينية والقانونية والمواثيق الدولية تعتبر بيوت العلم من مدارس وجامعات ومعاهد اماكن مقدسة لها حرمتها ولها تقدليها واحد شروطها هي البيئة الامنة للفكر الحر والرقي الانساني.
وهكذا عبر التاريخ تعلم الناس الرهبة عند الدخول الى المحافل التعليمية وهي منبثقة من الرهبة الاولى عندما كنا اطفالا ورهبتنا من الدوام في اليوم الاول المدرسي وتتوالى الرهبة وتترسخ في نفوسنا عبر الامتحانات وساعات الانتظار قبل الدخول الى قاعات الامتحان او في خطواتنا نحو المدرسة ونحن نحاول اجراء المراجعة الاخيرة لمادة الامتحان وتبقى ارجلنا ترتجف وهي تشد الخطى نحو المدرسة ورغم هذا الرعب الذي يسكن النفوس بدون ارادة او داع ونحاول طرده عبر الضحكات الهستيرية او ترديد الادعية والايات التي نحفضها وبعضهم عبر التدخين بشراهة عسى الدخان المتصاعد من الجكارة يبدد هواجس الخوف المستشري والخوف من الفشل ، فالامتحان هو اختبار للقدرة على التحصيل الدراسي الجيد ، و المثابرة و المتابعة الدراسية كفيلة بالحصول على أفضل النتائج ولكنه بعض الاحيان يعتمد على الحظ او مانسميه التوفيق الالهي بان تكون الاسئلة كما كنا نتوقع سلفا.
وهكذا كان الطلاب يبتكرون الكثير من الفعاليات والنشاطات لطرد القلق فمثلا انا كنت العب الدومينو (الازنيف)مع اصدقائي ونحن نجري المراجعة الاخيرة للدروس ومن خلالها نستذكر الاسئلة المتوقعة عسى حظ الدومينوا يجلب لنا الهام الاسئلة المتوقعة ,وكانت معنا طالبة علمتنا طريقة كانت فعالة وقتها وخصوصا في درس التشريح وهي احتساء علبتين بيرة لطرد الخوف والقلق قبل الامتحان , وبعضهم يتداول علاج الانديرال المضاد للادرينالين المتصاعد من القلق ويقلل من خفقان واضطراب القلب والتعرق اثناء الامتحان , وبعضهم ياخذ علاجات منشطة ومنبه للقدرات العقلية ولكنها دوما تعطي نتائج سلبية فاغلب الطلبة الذين يتداولونها يتعرضون الى اوهام الاجابة الخاطئة وتشبك لديهم المعلومات ويصبح لديهم الخلط وهنالك في ذاكرتي مواقف مضحكة ومحرجة لازلنا نتذكرها عندما نلتقي دوما . وبعضهم يعاني من الاسهال وبعضهم كثرة الادرار والتقيؤ وقد تصل في بعض الاحيان الى الاعياء الشديد وفقدان الوعي.
وكانت هذه الحيلة حيلة فقدان الوعي المفتعل نفذتها طالبة جميلة جدا وقد زينت نفسها قبل الامتحان كانها ذاهبة الى حفلة زفاف وفي امتحان الجراحة مثلت فقدان الوعي فما كان من الاستاذ ان يساعدها وتجتاز الامتحان وتنجح رغم انها كانت كسولة وغير مواظبة على الدوام, وبعد يومين حاول صديقي ان يكرر المسرحية نفسها فما كان من نفس الاستاذ ان يرش وجه صديقي بدولكة ماء بارد وانا اضحك وانا اراقب الحالة واقارن بين حالة الامس واليوم ويقول له الاستاذ عيب عليك انت رجل وانت تخاف من الامتحان.
وقد رسخ في ذهنيتنا مقولة للقائد الفرنسي الشهير نابليون مقولته الشهير ساحة المعركة ولاقاعة الامتحان(ساحة الحرب هي أهون عيه من قاعة إمتحان)...نعم انه الخوف المستشري في نفوسنا من الفشل والرسوب والافتقار الى الغيرة او المنافسة من اجل التفوق والنجاح. وهكذا تعلمنا نتقاسم الخوف كتقاسمنا رغيف الخبر فترى نهمل هندامنا ولم نعد نحلق اللحى ونطيل الشعر والبنات يلبسن الحجاب وقت الامتحان لان لاوقت لديهن لتصفيف الشعر والاعتناء به انه خوف مستشري نتيجة سؤ الفلسفة التربوية المبنية على الخوف وان معيارها فقط النجاح والمعدل في الامتحان
وان هذا الخوف والقلق من الامتحان هو حالة مشاركة وتفاعل مع الاهل من حيث المراقبة والنصح على المثابرة وتوفير الاجواء المناسبة والطعام الجيد والدعاء للابناء بالموفقية وحتى تستمر الحالة ببعض الامهات بتمرير القرأن على الروؤس او رمي طاسة ماء عند وداع الابناء للامتحان او الذهاب معهم والانتظار في باب القاعة وكان امهاتنا يعيشين حالة طلق اخر لولادة قادمة او ابائنا كانهم واقفين في صالة الولادة وهم ينتظرون البشرى وبعضهم يكتفي بتلقي الاتصال للاطئمنان على اداء ابنائهم في الامتحانات.
وايضا ان التطور التكنلوجي جعل من قاعة الامتحان سهلة الاختراق عبر وسائل الغش المختلفة مما ولد وظيفة جديدة هي تسمى قاعة الامتحان ألامن واصبح للامتحان ثمن وتكاليف جديدة.
وهذ هو مخطط له لاستهداف البنى التعليمية ومعيارية التعليم في الدول النايمة من اجل تسويف قيمة الشهادة وفقدان مصداقيتها وقيمتها الحقيقة مما يشكل احباط للجيل الجديد واعتبار المدراس بيئة طاردة من اجل استشراء الجهل والامية مما يؤخر التنمية المستدامة وتعطيلها والبقاء الوضع على ماهو عليه وجعل البلدان النايمة بلدان استهلاكية مستوردة مثل مفاقس الدواجن.
ان الارهاب اضاف تحديا وبعدا اخر على معيارية التعليم والبيئة الامنة للقاعة الامتحانية من خلال استهداف الكليات والمدارس والمعاهد بالمفخخات فكم شهيدا سقط وهو في طريقه لاداء الامتحان من اجل حيازة فرصة في تنمية وبناء هذا البلد الجريح هكذا هو الحال دوما الغربان تقتل حلم العصافير.
ان الشجاعة لاتقاس بالكلمات وانما تقاس بالمواقف والتاريخ يسجلها ويستذكرها دوما دون وجل وتردد ان الاتكاء على مقولة نابليون بو نابورت هذا الامبراطور الذي حاول ان يقلد حلم الاسكندر الكبير والخائف من قاعة الامتحان كسرت مقولته فتاة انبارية عراقية ارادة تحدي الظلام والارهاب الاعمى ومشاريعهم الهدامة فكانت شجاعتها بان اختارت الخوض معركة التحدي في الذهاب للجامعة في بيئة ملتهبة ووضع دموي وقتال في الشوارعبين القناصين الدواعش والجنود الابطال الذين يحاولون نشر الامن واعادة الحياة والامل , انها شهيدة الامتحان وقاعة الدرس المقدسة "سما ليث"، الطالبة في كلية الزراعة بجامعة الأنبار/ المرحلة الثانية، لم تكن تدري أن صباح الأحد 1/6/2014، هو الأخير الذي ستشرق فيه الشمس على حياتها لتكون شمس مشرقة لنساء العراق وهن يتحدن الظلاميين وهي تودع اهلها وتذهب وهي حاملة لخوفين في أن واحد خوف من قاعة الامتحان والقلق من صعوبة الاسئلة والخوف من الارهاب الاعمى والدواعش انها فتاة التحدي وقلبها الصغير يحمل هم الخوفين وبشجاعتها ذهبت "سما" صباح الأحد، الى مبنى الكلية، الواقع في منطقة الزراعة شرق الرمادي، لتخضع للامتحان النهائي، فجلست على كرسي الاختبار، وبدأت تكتب، وما هي إلا دقائق، حتى سقطت على الأرض، مضرجة بدمائها، بعد أن أصابتها رصاصة طائشة في رقبتها لتكون اجابتها على اسئلة الامتحان بالدم على الحبر الازرق .......نعم نجحت سما بالامتحان بتفوق يحسدها الكثير امتحان حب الوطن امتحان التحدي امتحان استمرار الحياة وقد جعلت من ساحة الامتحان و ساحة الحرب مساحة واحدة تجاوزتها بشجاعتها وكان الثمن شهادتها وزرعت في ارض العراق نخلة باشقة لاتهاب الموت وبهذا افشلت مشروع الدواعش في ايقاف الحياة وتعطيلها وهكذا يبدو أن جميع الكائنات المتحركة والساكنة، تحولت إلى "أهداف" في معركة الأنبار، وأيا كانت الأسباب، لا يمكن أن يتوفر تفسير ملائم لهذة الجريمة المأساوية الا هو الاستهداف للعلم والتقدم والرقي الاسلامي انهم نفس الوجوه في افغانستان وفي العراق وفي الشام وفي ليبيا انهم وجه اخر لبوكوا حرام انهم الخوارج الجدد بوجه وسيناريوا اخر لتعطيل وتشويه الاسلام انهم انفسهم من فجر الجامعة المستنصرية وقتل الاساتذة والعلماء في العراق انهم من فجر المدرسة في تلعفر وتكريت انهم خفافيش الجهل الذي لاعلاج لهم الا الحرق والقتل.
لقد سجلت الطالبة سما ليث شكلا جديدة للشهادة والامتحان من اجل المواطنة واستمرارية الحياة.
0 comments:
إرسال تعليق