"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون (سورة البقرة الاية 36)
ها هو شهر رمضان يعود علينا، وقد تحولت اوطاننا الى مسالخ انسانية، مجازر وفظائع، وأتى العنف على العمران والاحتماع،وأصبحنا أمة ضحكت من جهلها الأمم لنحقق نبوئة الشاعر ابا الطيب المتنبي، لا بل أخذت باقي الأمم تنظر اليها بعين الريبة وتبتعد عنها كأنها الوباء.
جرت العادة عند بداية الشهر الفضيل ان نتبادل التهاني والتمنيات، وكان بودّي ان استهل المقالة بشيء من هذا القبيل لكن ماذا نقول لمشرّد؟ ماذا نقول لمهجّر؟ ماذا نقول لأم مثكولة؟ ماذا نقول لأب تفرقت عائلته ولا يعرف ان كانوا أحياء او أموات؟ ماذا نقول لأطفال تيتموا قبل ان يرتووا من احضان والديهم؟
كان المسلمون ولا يزالون مختلفين على بداية الشهر ونهايته وكنا مقتنعون وراضون (وماشي الحال) ونقول انها مدارس فقهية واجتهادات ولا يضير المرء ان صام يوماً اكثر او اقل، او افطر عند زوال الشمس او عند صعود الغسق رغم ان الأرض في دورتها حول نفسها وحول الشمي تستغرق 23 ساعة، 56 دقيقة و 4 ثوانٍ، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" سورة يس الأية 40.
ارتضينا وارتضى الكثيرون ان ينعت بعض المسلمين بعضهم بالروافض والنواصب والخوارج محاولين اسقاط الصفة الإنسانية عن اخوانهم في الدين، مخالفين مخالفة صريحة دعوة رب العالمين للتقوى التي بيّنها القرآن الكريم في سورة الحجرات الأية 13" ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)
لكن ماذا دهى المسلمون واوصلهم الى هذا الدرك فأصبح استيراد الماضي اداة فكرية للقضاء على الحاضر والمستقبل، واصبحت القراءة الحرفية والمُغلقة للنص وذات الاتجاه الواحد هي النمط المتّبع واستحضار قابيل، وكما يقول الكاتب نصري الصايغ: ومن استضافة القتل واعتباره مهنة "إلهية" مباركة ومجزية (السفير اللبنانية 26 /06/2014).
هل ترك المسلمون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسحين المجال امام الفكر الإلغائي، الإقصائي الذي يمتهن القتل تحت راية "لا اله الا الله"؟! والتي تنمو وتزدهر في بيئات حاضنة وتفرض جهاداً تحريضياً ،جهاداً تفتتياً وغيره وصولاً حتى الجهاد الايباحي واستباحة الاعراض وهتكها تحت اسم جهاد النكاح بعيداً عن الجهاد الحقيقي، جهاد النفس عن الموبقات اللاانسانية والغير دينية ،جهاد النفس الذي يكرس المحبة والتسامح وحرمة قتل النفس التي حرمها الله عندما انزل في القرآن " من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" المائدة 32.
لقد بلغ السيل الزبى ،لذا نريد ان نرى من يقف في وجه هؤلاء ،لأنهم صادروا الاسلام وسماحته وجوهره واستباحوا دماء واعراض واموال المسلمين وهذا فرض عين على كل المسلمين حتى لا يتحوّل الإسلام من عبادات وتقوى الى عادات صيام وصلاة رئاء الناس، وهذا اضعف الايمان.
أخيراً، دعوني اقول لمن لم يمت جسدياً وان كان قد دُمّر نفسياً ومعنوياً وعصبياً وعششت في جسده امراض السكري وضغط الدم او امراض القلب او الأمراض العقلية كالخرف والزهايمر والذي يعيش بإنتظار الإنهيار الكلّي والتام، كل عام وأنتم بخير اي خير ليس مهماً، وآمل ان يهتدي المسلمون الى طريق الرشد والعودة الى الحكمة والموعظة الحسنة بالدعوة الى سبيل رب العالمين! حتى يتحوّل الشهر الفضيل الى شهر العودة الى الاسلام القرآني بعيداً عن الاحاديث الملفقة والمدسوسة والتي تحتاج الى تهذيب بما يتناسب مع الدين والدنيا خدمة للإنسان والإنسانية.
وهل مستغرب ان نتساءل كيف سيصوم المسلمون شهر رمضان اذا ما استمرينا في العيش والتعامل مع بعضنا بالاسلوب التكفيري!
وهنا يستحضرني ما استفتى به احد الفقهاء أبا نواس حول افضلية المشي أمام الجنازة او خلفها فقال له: لا تكن على النعش وسر كيفما شئت...
سدني
Email:abbasmorad@hotmail.com
0 comments:
إرسال تعليق