الارث المصري في التقويم القبطي/ لطيف شاكر

في اول توت بداية العام القبطي 1732 للشهداء وعام 4243قبل الميلاد طبقا للتقويم المصري القديم و المقابل 11 -12 سبتمير  تحتفل الكنيسة القبطية  العريقة في ارجاء العالم بالاحتفال  بهذا اليوم متضرعة الي الله ان يبارك اكليل السنة بصلاحه , ويبدو ان هذا اليوم قد ميزه التاريخ ليكون  يوم الاستشهاد العالمي .
  وحرص الاقباط ان يكون بداية تقويمهم  هو دم الشهداء والاستشهاد خلافا للتقاويم الاخري حيث تبدأ بتخليد شخص كبير او ذكري معينة او مناسبة هامة .
وبالرغم من أن التقويم القبطي توارى في زاوية النسيان وسط التقاويم الميلادية والهجرية، ولا يأخذ مكانه فى المكاتبات الرسمية، ولو سألت أحدا تاريخ اليوم القبطي لما وجدت ردا، إلا من الفلاح المصرى الذى احتضن هذا التقويم، وظل يتوارث العمل به في زراعته منذ عرف هذا التقويم منذ 6254 عاما
والتقويم المصري القبطي تقويم شمسي وضعه قدماء المصريين لتقسيم السنة إلى 13 شهر، ويعتمد على دورة الشمس. ويعتبر التقويم المصري من أوائل التقاويم التي عرفتها البشرية. كما أنه الأكثر دقة حتى الآن من حيث ظروف المناخ والزراعة خلال العام؛ لذلك يعتمد عليه المزارع المصري في مواسم الزراعة والمحاصيل التي يقوم بزراعتها خلال العام، منذ آلاف السنين وحتى وقتنا هذا..
وهو جزء من التراث المصري الفرعوني ظل يمتد وينساب في سهولة وبساطة ويسر في الوجدان المصري منتظما مع دورة المحاصيل الزراعية متوافقا مع الطقس على طول فصول السنة دون أدنى تغيير أو تبدي
ولشهور السنة القبطية مكانة خاصة عند أهل الريف سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين. حيث ترتبط بمواسم الزراعة والري والحصاد. وقد سرت أسماء الشهور القبطية ودلالاتها في الأمثال الشعبية التي توارثها المصريون, وهي توجز ببلاغة الثقافة الشعبية علاقة الإنسان بالطبيعة في هذا الوطن, ولكن كيف بدأ التقويم القبطي وما هي قصته؟.
يقول الدكتور ماجد صبحي الباحث بالمركز القبطي والمدرس بمعهد الدراسات القبطية إن التقويم القبطي هو الامتداد الطبيعي للتقويم المصري القديم. واعتمد نفس تقسيم المصريين القدماء للسنة إلي ثلاثة فصول هي: الفيضان والزراعة والحصاد. وتتكون السنة القبطية تماما كالمصرية القديمة من13 شهرا:12 شهرا يحتوي كل منها علي ثلاثين يوما كاملا, علاوة علي الشهر الثالث عشر( نسيء) الذي يكمل أيام العام بخمسة اوستة ايام كل اربع سنوات . ويضيف أن أسماء الشهور القبطية هي بالأصل مستمدة من أسماء الشهور المصرية القديمة باللغة الديموطيقية, وهي لغة الشعب مقارنة باللغة الهيروغليفية اللغة الرسمية في مصر الفرعونية. وعلي سبيل المثال فإن شهر توت يعود أصله إلي شهر تحوت باللغة الديموطيقية, وتحوت هي إلهة العلم والمعرفة. فمع تطور لغة المصريين حذفت الحاء لأنها من الحروف الحلقية غير الموجودة في اللغة القبطية.
وتوافق بداية السنة القبطية( الأول من شهر توت) يوم11 سبتمبر في السنة الميلادية. أما التقويم القبطي فيبدأ اعتبارا من عام284 ميلادية. وبرغم دخول المسيحية إلي مصر علي يد مرقس الرسول في منتصف القرن الأول الميلادي فإن الأقباط احتفظوا بالتقويم المصري القديم كغيره من التقاليد والعادات المصرية دون تغيير, إلي أن اعتمدوا العمل بالتقويم القبطي في القرن الرابع الميلادي, ويبدأ هذا التقويم بتولي الامبراطور الروماني دقلديانوس الذي اشتهر عصره في التاريخ القبطي بعصر الشهداء نظرا للاضطهاد والمذابح التي عانها الأقباط علي أيدي هذا الامبراطور.
ويقول الدكتور صبحي: إن مرقس الرسول لم يشأ أن ينزع المصريين من مصريتهم وتقاليدهم وعاداتهم. ومثلما استمرت الموسيقي المصرية القديمة في الموسيقي القبطية إلي الآن مع استبدال النصوص الوثنية بأخري مسيحية, فإن مرقس وتابعيه حافظوا علي التقويم المصري القديم إلي أن سمي التقويم القبطي أو تقويم الشهداء عندما ارتبطت بداية هذا التقويم بعصر الامبراطور دقلديانوس.
لقد أعاد التقويم القبطي تشكيل التقويم المصري القديم بالقواعد والأسس نفسها, وتكفل تطور اللغة بتحرير أسماء الشهور إلي مسمياتها الحالية. و حساب السنين قبل العمل بالتقويم القبطي كان يجري أيضا بطريقة الأنذيكتيون, وهي مدة الدورة الضريبية حسب نظام الامبراطورية الرومانية البيزنطية وتتكون من خمسة عشر عاما, وكما يقول فإن العديد من المخطوطات القبطية حتي القرن الثامن الميلادي اعتمدت طريقة( الإنذيكتيون) إلي جانب التقويم القبطي, وتشهد علي ذلك البرديات المحفوظة في مكتبات ومتاحف العالم وبينها ثلاثة آلاف قطعة بردية قبطية محفوظة في المكتبة الوطنية النمساوية بفيينا, وهي تحتوي علي نصوص مهمة في الفلسفية واللاهوت والحياة اليومية. ويشير الدكتور صبحي إلي أن من أبرز مناسبات السنة القبطية رأس السنة نفسها التي تسمي عيد الناروز ويوافق11 سبتمبر, وتحتفل الكنيسة القبطية فيه بذكري الشهداء, وبالإضافة إلي ذلك ترتبط أيام السنة القبطية ـ وفق الدكتور صبحي ـ بتذكارات الكنيسة القبطية عن القديسين والشهداء. ويوضح لدينا كتب تحفظ هذه التذكارات تسمي سنكسار, وهي كلمة يونانية قديمة تعني الحاوي أو الشامل, وتؤرخ هذه الكتب لتاريخ البطاركة والشهداء وفق التقويم القبطي ويعود أقدمها إلي القرنين الثامن والتاسع الميلاديين
لقد تنبه المؤرخين والرحالة المسلمين إلي أهمية التقويم القبطي وصلته الوثيقة بحياة المصريين, يقول القلقشندي في كتابه صبح الأعشي في صناعة الأنشا الذي أورد علي لسان أحد الرحالة قوله: عرفت أكثر المعمورة فلم أر مثل ما بمصر من ماء طوبة ولبن أمشير وخروب برمهات ونبق بشنس وتين بؤونة وعنب مسري ورطب توت ورمان بابة وموز هاتور وسمك كيهك. ويعود هذا الي ما ذكره المؤرخ المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار وذلك حين يورد مواقيت زراعة وري وحصاد المحاصيل في مصر علي أساس الشهور القبطية. وتدلل الأمثال الشعبية التي توارثتها أجيال المصريين علي مدي ارتباط الأشهر القبطية بثقافة المصريين الحياتية وعلاقتها بالطبيعة والطقس والزراعة, وكأن هذه الشهور قد تحولت إلي مخزون لخبرات المصريين علي مدي آلاف السنين.
والتقويم القبطي وما يتصل به يحوي في طياته ذاكرة أمه بمسلميها ومسيحييها معا. وعلامة هامة في موروثنا المشترك الذي يجمعنا من خلال التعمق في دراسة حضارتنا وماضينا
ويوضح د.مراد كامل ان الشهور المصرية القبطية تسمت باسماء مصرية :توت وبابه وهاتور وكيهك وطوبة وأمشير وبرمهات وبرمودة وبشنس وبؤونة وأبيب ومسري حتي الشهر الصغير نسيء فقد سموا ايامه الخمس باسماء مجموعة اوزوريس وهي: أوزوريس واٍيزيس وست ونفتيس وحورس واضافوا اليها يوما سادسا كل اربع سنوات قدموه هدية للمعبود تحوت لكل هذه الالهه مناسبات لاحتفالات دينية خاصة
ويقول احد الرحالة “عرفت أكثر المعمور من الأرض، فلم أر مثل ما بمصر من ماء طوبة، ولبن أمشير، وخروب برمهات، وورد برمودة، ونبق بشنس، وتين بؤونة، وعسل أبيب، وعنب مسرى، ورطب توت، ورمان بابة، وموز هاتور، وسمك كيك
والمدهش في الشهر الصغير (النسى) كان بمناسبة الاحتفال بأوزيريس وعندما يزرع اي شيئ فيه حتى لو في غير اوانه ينمو كالمعتاد
وكان التقويم القبطي معمول به في مصر حتي أواخر عهد الخديوي اسماعيل عام 1875 حيث أمر الخديوي
باستعمال التقويم الافرنجي بناء علي رغبة الاجانب بسبب صندوق الدين
نسئ-سبتمبر


CONVERSATION

0 comments: