الموجهون ومافيا الدروس الخصوصية/ عبير حجازى

عندما أصدر السيد وزير التربية والتعليم القرار بان يقوم موجهو المواد الدراسية بوضع اختبارات الفصلين الدراسيين الأول والثاني بينما يضع المدرس الأول للمواد الدراسية امتحانات الشهور كان يخطط ويهدف لأن يحد من ظاهرة الدروس الخصوصية راغبا في القضاء على تلك الظاهرة التي أرهقت الطالب وولى أمره كما أرهقت الحكومات على حد سواء
ولكن سيادة الوزير .  أحيانا كثيرة تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن وهذا هو ما حدث بالفعل حيث كانت نتيجة هذا القرار أن تحولت الدفة من يد المعلم إلى يد الموجه بل وازداد الأمر سوء فالمعلم كان يفرض سيطرته على مدرسة واحدة بينما الموجه يقوم بوضع الامتحانات للإدارة التعليمية كلها فكأنما كان قرار السيد الوزير بمثابة طاقة القدر التي فتحت لهؤلاء الموجهين فبعد أن كان واضع الامتحان مجهول أصبح معلوما لمدارس الإدارة كلها وأصبحت الدروس الخصوصية فرض عين على كل طالب وولى أمر وهنا بدا بعض الموجهون من أصحاب الضمائر المريضة استغلال هذه الميزة التي منحها الوزير إياهم في وضع اختبارات غاية في الصعوبة كوسيلة للضغط على الطلاب وأولياء الأمور لكي يذهب الطالب طوعا أو كرها ليأخذ درسا خصوصيا عند الموجه
منذ بداية هذا القرار والجميع يعلم أنها ستكون تجربة فاشلة فأغلب الموجهين قد تركوا التدريس منذ أكثر من عشرين عاما وهى مدة ليست بالقليلة تحول فيها الموجه من معلم يمارس التدريس ويحتك بالطلاب في كل يوم إلى إداري ينظم العمل فحسب فضلا عن تغيير معظم المناهج في هذه الفترة والموجهون منهم القارئ الباحث الذي يقرأ المناهج ويحللها ومنهم من لم يهتم بقراءتها فكيف يضع الموجه اختبارا في مناهج لم يدرسها ولم يتفاعل مع الطلاب فيها هذه نقطة أما الثانية فان ابتعاد الموجهين عن الطلاب يجعله جاهلا بمستوى الطالب وللورقة الامتحانية مواصفات متعلقة بمستوى الطلاب بحيث تحتوى على أسئلة لكل من الطالب الجيد والمتوسط والضعيف
ولكنهم للأسف يتجاهلون كل هذا ويدخلون في معركة متحدين فيها المعلم والطالب وولى الأمر وبدلا من أن يحقق القرار ما أصدر من اجله وهو صرف المعلمين عن استغلال وضع الاختبارات في الضغط على الطالب وولى الأمر لأخذ الدروس الخصوصية جعلها وسيلة ضغط وتهديد في يد الموجه ضد المعلم والطالب وولى الأمر مما زاد الطين بله فالموجه الآن في تحد مع من تسول له نفسه من المعلمين بإعطاء درس خاص أو حتى مجموع مدرسية فيكون جزاؤه النقل ومن الطلاب فيكون جزاؤه الرسوب
وقد رأينا فى امتحانات هذا العام للفصل الدراسي الأول العديد من التجاوزات منها ما وصل للمسئولين ويجرى فيه تحقيق بالفعل ومنه ما لم يصل ومنه ما وصل وتم تداركه ولكن عندما يتعلق الأمر بمستقبل أولادنا فلا صمت ولا سكوت ولا مجال للمجاملات
فهذا احدهم وعن محافظتي دمياط أتحدث  يضع اختبارا للغة الإنجليزية للصف الأول الثانوي كله من منهج الفصل الدراسي الثاني وعندما يتم اكتشاف الخطأ يجري مهرولا على مدارس الإدارة لإلغاء العديد من أسئلة الامتحان مما يفقد الورقة الامتحانية مواصفاتها ومما يفقد الامتحان مصداقيته فضلا عن العديد من الأخطاء الفنية التي تسبب فيها ابتعاده عن التدريس لفترة ليست بالقصيرة ويكون المتضرر الوحيد هو الطالب وهذا موجه أخر يأتي باختبار للرياضيات للصفي الأول والثاني الثانوي غاية في الصعوبة مما تسبب للعديد من الطلاب في حالات من الإغماء داخل اللجان ولم يكتفي بهذا بل ذهب بمنتهي الاستفزاز ليهدد الطلاب بأنه قد أتى بهذا الامتحان الصعب متحديا إحدى المدارس بعينها لا لشيء إلا أنها مدرسة متميزة وحاصلة على شهادة الاعتماد والجودة فأراد أن يشعرهم بالتعجيز عقابا لطالباتها لأنهم لم يذهبوا له في الدرس الخاص ثم يذهب للمدرسة الثانية وهى مدرسة للبنين ويهددهم ويتوعدهم بأنه سيأتي بامتحان الفصل الدراسي الثاني أكثر صعوبة حتى يتعلموا الأدب كما قال لهم مهددا متوعدا ولم يكتف بذلك بل خرج ينتظرهم خارج اللجان ليسبهم ويتوعدهم وكانت النتيجة فى هذه المادة هو 32% !!!!!
 وهذا موجه أخر له ميول سياسية يريد فرضها على الأولاد فيأتي في امتحان اللغة الانجليزية للمرحلة الابتدائية بصورة تحمل شعارا لجماعة سياسية معروفة ويطلب من الأولاد أن يكتبوا تعليقا عليها
أخطاء بالجملة لا وقت لسردها جميعا ولكنى اكتفيت ببعض النماذج كي أوضح لكم مدى ما يتعرض له أولادنا من تجاوزات من بعض من ماتت ضمائرهم غير عابئين بما تمر به البلاد من ظروف قاسية تتطلب منا جميعا أن نقف إلى جوار بعضنا يدا بيد لا أن نزيد من حالة الاحتقان والاستفزاز التي يمارسها هؤلاء من اجل مصالح شخصية متناسين تلك الفوضى التي يريدها البعض متصدرة رأس المشهد أمام العام ، متناسين دورهم التربوي والأخلاقي متناسين ما قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام عن العلم والعلماء حيث علمنا عليه السلام
"أن من سلك طريقا يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة , وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضي بما يصنع , وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ,
وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب , وإن العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم . فمن أخذه أخذ بحظ وافر ."
وكما قال الشاعر

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم ....... على الهدى لمن استهدى أدلاّء
وقد كلّ امرئ ما كان يحسنه ....... والجــاهــلون لأهل العلم أعداء
ففــز بعلــم تعــش حياً به أبداً ....... الناس موتى وأهل العلم أحيـاء
فلنتقي الله جميعا في مصر هذه البلد التي حفظها الله في كل حين هذه البلد التي ذكرها الله في كتابه الحكيم فلنتقي الله في مصر ولندع مصالحنا الشخصية جانبا فمصر فوق الجميع

CONVERSATION

0 comments: