التجربة الأخوانية ويوم الخلاص/ أنطوني ولسن

تم إنتخاب الرئيس مرسي وتوليه سدة حكم مصر في 30 يونيو 2012 وبدأت أكاذيب الرئاسة تتوالى على الشعب المصري بكل وضوح بالأبتعاد نهائيا عن رعاية الشعب المصري وبدى واضحا أنه فعلا وعملا لا يهتم إلا بفصيل واحد هو فصيل " الأهل والعشيرة " وليذهب بقية الشعب الذي لا ينتمي إلى الأهل والعشيرة إلى جهنم وبئس المصير .
لن أتحدث عن ما حدث لمصر على يد رئيس يدعي أنه جاء إلى الحكم عن طريق الصندوق . ويدعي أن هذا أعطاه الشرعية القانونية للأستمرار في الحكم حتى موعد الأنتخابات بعد إنتهاء 4 سنوات لحكمه .
الذي أعطى الشرعية القانونية لتولي الحكم إذا كان الصندوق نسأل سيادته ومن أدلى بصوته ووضعه في الصندوق أليس هو الأنسان المصري ؟ من الطبيعي أن الأجابة بنعم . أما ماهو غير طبيعي أن يظن الرئيس وجماعته أن الذي أعطى الشرعية  له عبر الصندوق هم جماعة الأخوان ومن تضامن معهم من جماعات إسلامية وليس مجموع الشعب فهو مخطيء في حساباته .
وقت الأنتخابات كانت المنافسة قوية وأنتهت بالإعادة بين الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسي العياط . أعطى كثيرون من خارج التيارات الأسلامية أو جماعة الأخوان أصواتهم للدكتور مرسي لغضبهم الشديد من حكم العسكر إن كان متمثلاً في شخص الرئيس السابق مبارك ، أو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئاسته المشير طنطاوي والفريق سامي عنان " وليس الجيش المصري العظيم" . فأعطوا أصواتهم للدكتور مرسي آملين أن يكون إختيارهم يعبر عن رغبة تراودهم في التغير والخوض في التجربة الأخوانية المضطهدة من حكم العسكر منذ زمن الرئيس عبد الناصر مرورا بالرئيس السادات الذي منحهم الحرية لكنه لم يشركهم في الحكم ، وما فعله الرئيس مبارك من مطاردتهم وإقصاءهم عن تولي أي منصب .
على مدار عام من حكم الرئيس مرسي إكتشف أولئك الذين صوتوا لصالحه سواء من هم لا ينتمون إلى الأخوان أو أي تيار إسلامي أنهم خدعوا لأن الرئيس لم يقدم عملا واحدا لصالحهم وصالح الشعب المصري . كذلك الجبهة السلفية التي كانت السند للأخوان في جميع تحركاتهم السياسية سواء في الأنتخابات البرلمانية أو الرئاسية قد تم إقصائهم عن المشاركة في الحكم . وسأتغاضى عن التزوير في الصندوق سواء في الأنتخابات البرلمانية أو الرئاسية .
إذا إفترضنا جدلاً أن الرئيس وصل إلى سدة الحكم عن طريق الصندوق الذي هو مجموع أصوات المنتخبين لصالحه . فإن حركة تمرد تعتبر جزء لا يتجزأ من الذين أعطوا أصواتهم سواء للدكتور مرسي أو للفريق شفيق ولهم كل الحق في المطالبة برحيله وإجراء إنتخابات جديدة بناء على مطالب الشعب الذي فاض بهم الكيل وطفح . المرأة التي ظن الأخوان والجماعات الأسلامية المتشددة أنهم إستطاعوا إخماد صوتها . نجد العكس يحدث في الشارع المصري وصوت المرأة المجلجل الرافض لأستمرار بقاء الأخوان عامة والرئيس مرسي بصفة خاصة . وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن التجربة الأخوانية قد فشلت فشلا ذريعا في تقديم الخدمات التي تحتاج إليها المرأة في مصر من الضروريات الهامة للأسرة المصرية وما تعانيه من نقص في السولار والكهرباء والماء والغلاء الفادح للمواد الغذائية وللضروريات الأساسية للحياة مثل الخبز وخلافه مما يؤكد أن الرئيس الذي يتلقى التعليمات من المقطم أصبح لا يحق له الأستمرار في الحكم .
خرج علينا الشباب المصري الذي دفع أكبر ثمن من دماءهم للحفاظ على الهوية المصرية بفكرة من أقوى الأفكار التي تنم عن وعي وفهم لكل ما يدور على أرض الوطن مصر .
الفكرة في حد ذاتها بسيطة للغاية ، لكنها قوية في المغزى والهدف .
حدد الشباب تاريخا ليوم خروجهم وتجمعهم ومعهم فكرتهم التي أطلقوا عليها إسم " تمرد " بيوم الأحد 30 يونيو لهذا العام 2013 .
بدأوا في عرض الفكرة على الشعب الذي هو صاحب القرار . بسرعة غير متوقعة تجاوب الشعب المصري تجاوبا لفت أنظار العالم الغربي والشرقي معا ، بل لقد هز الأدارة الأمريكية نفسها مما جعلها تعيد التفكير في ثقتها بالأخوان التي ظنوا أنهم قادرون على تنفيذ خطتهم " الربيع العربي " .
بلغ عدد الذين وقعوا على إستمارة حملة " تمرد " حتى كتابة هذا المقال " 22 / 6 / 2013 " ما تعدى ال 15 مليون توقيع بالموافقة على " التمرد " في اليوم المحدد كبداية لتجمعاتهم في جميع أنحاء مصر حتى يستجيب الرئيس مرسي لمطلبهم العادل بالرحيل عن سدة الحكم وترك الأمر للشعب المصري ليقول رأيه في  إنتخابات نزيهة لا تشوبها شائبة مثلما حدث في كل من إنتخابات البرلمان وإنتخابات الرئاسة .
لم يتعظ فخامة الرئيس مرسي ويستجيب لمطالب الشعب ، بل أصر على العناد ونحن على أبواب الخروج الجماعي لحملة " تمرد " وخطب جموع الشعب في الأستاد وفي حماس شديد أعلن قطع العلاقات مع سوريا وأنه سيرسل المقاتلين ليقاتلوا مع الثوار وجيش سوريا الحر .
فإذا كان سيادته قد قطع علاقته بسوريا فلماذا يصرح الدكتور عصام العريان ويعلن عن تضامنه مع إيران النووية ؟؟!!. أليست إيران هي الحليف الأوحد من الدول الأسلامية سواء سنية أو شيعية عربية أو غير عربية المساندة للرئيس بشار الأسد ومعها مليشيات " حزب الله " ؟!. ما هذا التخبط وهذا التهور في إتخاذ القرارات !.
إذا كان الرئيس مرسي يريد إخبار الأدارة الأمريكية بأنه أصدر قرار قطع العلاقات مع سوريا  ليثبت لهم أنه متحالف ومتضامن معهم ضد سوريا ؟ فهو مخطيء . لأن أميركا وعت الدرس وإدارتها تمر بمرحلة خطيرة جعلت الرئيس الأميركي يعيد تفكيره في تعضيده للأخوان .
وهل نسي أو تناسى الدكتور العريان أن أميركا ليست على وفاق أو وئام مع إيران فأراد أن يلوح لأميركا بأن الأخوان لا يهتمون برعاية أميركا لهم في حكم مصر فإيران حليف قوي يمكن للأخوان الأعتماد عليه . ناسيا أو متناسيا أو عن قصد وجهل أن الخلاف بين أميركا وإيران قائم على السلاح النووي الذي تسعى إيران على إمتلاكه . فيكون بذلك ضمن إستمالة إيران للأخوان ، وفي الوقت نفسه يرسل تهديدا واضحا للأدارة الأمريكية إذا فكرت في عدم الأستمرار في تعضيدهم ومساندتهم .
تتوالى الأحداث ونرى الجماعات الأسلامية تخرج في مليونية يوم الجمعة 21 / 6 /2013 لتثبت الحكومة المصرية أنها قادرة على حشد أعداد أكثر بكثير مما ستتواجد من الشعب المصري وإعلانه التمرد على حكم مرسي والأخوان .
ويزيد من الطين " بلة " حركة المحافظين الجدد الذين تم تعينهم في نفس أسبوع الكلمة التي ألقاها الرئيس مرسي في الأستاد وجميعهم من جماعة الأخوان أو الجماعات الأسلامية الموالين لهم وأسوأ من عينهم :
 الدكتور عادل أسعد أحمد الخياط
 الذي عينه الرئيس مرسي محافظا جديدا لمحافظة الأقصر.
دعونا نتعرف على محافظ الأقصر الجديد ...
** من الجماعات الأسلامية بأسيوط ..
** صاحب مذبحة السياح بالأقصر عام 1997
** صاحب فتوى تغطية الأثار ..
** أمير الجماعة الأسلامية بالأقصر ..
** عضو في حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الأسلامية ..
رجل له مثل هذه الصفات يتم تعينه محافظا لمحافظة الأقصر التي تحتوي على أكثر من ثلث أهم الأثار المصرية القديمة . فهل تم هذا التعين بنية سليمة من الرئيس المصري ؟ أم عن جهل بحقيقة الرجل ؟ أم وهو الأهم أن الرئيس مرسي يعلم تمام العلم بما يمكن لهذا الرجل أن يفعل في الأقصر ؟؟؟!!!.
وهذا يضيف إلى مساوىء سيادته وعدم قدرته على إدارة شئون البلاد سيئة أخرى
أضيف إلى ذلك ردات فعل الشعب المصري الذين تصدوا لجميع المحافظين الذين عينهم الرئيس مرسي في محافظات أخرى عديدة ومنعوهم من الدخول لتولي مهام  عملهم .
في الأونة الأخيرة لاحظنا تحركات كثيرة تقوم بها السفيرة الأمريكية آن باترسون لها هدف واحد هو التحذير من المشاركة في يوم 30 يونيو القادم مع حملة شباب " تمرد " . تصرف غريب ومريب من سفيرة المفروض فيها متابعة كل ما يحدث على أرض الوطن الذي عُينت فيه كسفيرة وإخبار وزارة الخارجية مع تحذيرات إذا كان في الأمر ما تخشى عليه على أهل بلدها إذا قاموا بزيارة إلى الوطن الذي تعمل فيه لصالح وطنها الذي جاءت منه .
لكن رأيناها تقوم بعمل المندوب السامي الذي يقوم بتوجيه الدولة المستعمرة بما يجب عمله . وقد فشلت في إقناع كل من حذرته وطلبت منه التشديد على ناسه وشعبه بعدم التواجد مع المشاركين في حملة شباب " تمرد " كما حدث في زيارتها لقداسة البابا تاوضروس الثاني في الكاتدرائية . لكنها خرجت كما دخلت ونتمنى أن تكون قد وعت الدرس الذي لقنه لها قداسته . لقد ظنت أنها ستنجح في تقسيم الشعب المصري إلى مسيحي ومسلم وأنها بطلبها هذا إنما قصدها الخوف على المسيحيين المصريين . لكن حكمت قداسته وكلمته لها أنه آب روحي يهتم بالروح الإيماني المسيحي وأن المسيحيين أحرار في إتخاذ القرار لأنهم جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن مصر . نتمنى مرة أخرى أن تتذكر كلمة المندوب السامي البريطاني اللورد كرومر عنما كانت إنجلترا محتلة لمصر عندما قال " أنك من الصعب أن تفرق بين المسيحي والمسلم في مصر إلا أن المسلم يذهب إلى المسجد يوم الجمعة ، والمسيحي يذهب إلى الكنيسة يوم الأحد " .
التجربة الأخوانية فشلت . لأنها لم تعمل على رعاية الشعب المصري خاصة أن الأخوان إتخذوا من الدين وسيلة للوصول إلى الحكم ، وأظهروا بالفعل أن إهتماتهم كلها تنصب في أخونة مصر لتكون الركيزة لهم لإتمام مخططهم وإعادة الخلافة الأسلامية حلمهم الذي سيقضى على وجودهم في مصر، لما فعلوه في خلال عام واحد من إهمال تام لإحتياجات الشعب الذي قام بثورة ظن أنه نجح في التخلص من حاكم ظالم . لكنهم وجدوا أنفسهم بدلوه بجماعة أكثر ظلما وأنانية .
يوم الأحد 30 يونيو دائما تذكروا أنه يوم بداية الخلاص من فاشية الأخوان وأعوانهم . فلا خوف ولا في المشاركة السلمية لحملة المصريين التي أطلق عليها الشباب المصري الواعي بـ :
تــــمـــرد
فإلى لقاء ...

CONVERSATION

0 comments: