ديوان الشاعر عبد الرحمن كحيلة.. وفاء لشاعر مجهول/ عمر مصطفى لطف

     فى بداية العام الحالى، قدم لنا الدكتور عبادة كحيلة تحقيقه لديوان والده، الشاعر عبد الرحمن رضا كحيلة، عن مركز الحضارة العربية، وهو فى الوقت ذاته وفاء نادر لوالده، ليقدم لأبنائه وتلاميذه درسا جديدا فى الوفاء والإخلاص لمن صاحب الفضل عليه، بعد نشره لمقالات زميله ورفيق دربه الدكتور رءوف عباس، بالإضافة إلى مقالات متنوعة عنه فى عدة كتب، تخليدا لذكراه العطرة. وقام بمراجعة الديوان الأديب عبد اللطيف عبد الحليم.
   فى بداية الديوان يقدم الدكتور عبادة كحيلة اعتذراه عن تقصيره على مدى سنوات لنشر هذا الديوان، لشواغل الزمان، ثم يسرد السيرة الذاتية بكل موضوعية للشاعر عبد الرحمن كحيلة، وهى فى الوقت ذاته – أعتقد – الحلقة الأولى من حلقات السيرة الذاتية للدكتور عبادة كحيلة، والتى وعدنا بكتابتها منذ عدة سنوات، ونتمنى صدورها فى أقرب فرصة.
   ولد الشاعر عبد الرحمن كحيلة، عام 1907، وتعود أصول عائلته إلى المغرب الأقصى، وينتمى إلى الطبقة الوسطى المثقفة. وحصل على شهادة الكفاءة فى عام 1926، ولكنه لم يكمل تعليمه لظروف عائلية. عمل عبد الرحمن بالمحاكم ثم مصلحة الشهر العقارى ، وانتقل بعد ذلك إلى المنصورة ثم بنها، ثم عاد إلى القاهرة، وظل بوظيفته حتى وفاته عام 1954، وهو لا يزال صغير السن (49 عام).
   انتمى الشاعر عبد الرحمن كحيلة إلى الحزب الوطنى لعدة سنوات، وكتب قصيدة زجلية فى وفاة على بك فهمى كامل (وكيل الحزب الوطنى)، من أبياتها:
لطفى كان ركن الأركان           وعلى كامل كان عُدة
الاتنين قضوا شهدا الأوطان         والشمس غابت عن نيلنا
    وارتبط أيضاً الشاعر بالإخوان المسلمين، وكان عضوا فى المؤتمر الثالث لتلك الجماعة (1934م) ، وكان الإمام حسن البنا يختلف إلى داره عدة مرات، وكتب فى رثاءه قصيدة، من أبياتها:
يا من وقفت اليوم أبكى فقده        وهو الذى بالأمس قد أحيا
أنا من عرفت وفاءه فى صحبةٍ     مازالت ترعانى بها وترانى
ويضم الديوان، قصائد (من شعر الصبا) ، منها (حُب)، من أبياتها:
لى خلّ نال منى          موطن الروح وحلا
                          كلما أمّلتُ وصلا          زاده الإدلالُ بُخلا
صرت نهبا للمآسى        مذ رآنى لست أهلا
   ولكن الديوان الأصلى للكتاب هو (ديوان الرضا)، وهى قصائد نُشر بعضها فى مجلات عدة، منها مجلة البيان وجريدة البلاغ الأسبوعى، وديوانه ينتمى إلى مرحلة استمرت من عام 1930 إلى عام 1941. ومن قصائد هذا الديوان، قصيدة (جناية)، ومن أبياتها:
أزهد الناس فى البقاء بدنيا      لم تحطنى ببرها والعناية
ساء ما مر فى الحياة وأخشى     أن تسوء الحياة حتى النهاية
فارحم النفس يا إلهى فإنى      رَبّ لم أجن فى الحياة جناية
  وفى نهاية الكتاب، نجد بعض القصائد المتفرقة ، التى لا تنتمى إلى ديوان (الرضا)، ومن قصائدها (كتاب الله)، ومن أبياتها:
                   أنا يا رسول الله لست معدداً     إلا كتاب الله فى الآثار
هو آية يتلى علينا سحرها        فنخر فى وجلٍ وفى إكبار
أتراك ترضى أن تراه زينة       فوق المنابر أو على الأحجار
أتراك ترضى أن تراه مرتلا     فى غير ما فهم ولا استعبار
وفى نهاية الكتاب نجد بعض الصور العائلية للشاعر عبد الرحمن كجيلة.
   يتبقى ملاحظة هامة، أن الدكتور عبادة كحيلة أشار إلى وجود كتابات نثرية لوالده الشاعر، ولهذا نتمنى أن يحقق الدكتور عبادة هذه الكتابات وأن ينشرها فى كتاب أسوةً بديوان والده.

CONVERSATION

0 comments: