خواطر عن مصير اصدقاء من الشام/ فراس الور

كنت في ليلة من الليالي أتأمل الأخبار عن المذابح التي تجري بسوريا بسبب الحرب الأهليه هناك، في الحقيقة و أنا اتصفح تلك الأخبار من وقت لآخر كان الخوف و الهلع يسيطر علي من مجريات الأمور بتلك البلدان حيث كان يذهب ضحية هذا القتال الشرس الأرواح المدنية البريئة و الأطفال الذين لم يحمل لهم القدر بطفولتهم سوى اصوات الإنفجارات المخيفة و الرصاص القاتل و آلآم الجروح القاسية، و في ليلة من الليالي تذكرت اصدقاء لنا في أيام الكويت قبل أزمة الخليج بعام 1990، هذه العائلة سورية حيث كان يعمل الأب مدير في بنك كويتي و الأم كانت ربة منزل، و كان لهم اربعة بنات و ولد واحد، كانت تجمعنا صداقة قوية و افترقنا عن بعض بسبب هذه الأزمة السياسية و العسكرية حينها التي هزت منطقة الشرق الأوسط و هددت سلام المنطقة برمتها، 
بحثت عن صفحات في الفيس بوك تحمل اسماء اعضاء هذه العائلة و لكن لم أجد لهم أثر إطلاقا، و بعد بحث حثيث ما كان بي إلا و راسلت إمرأة ثانية سورية تحمل نفس إسم العائلة، و انتظرت أية اشارة من الفيس بوك تفيد بأنها قرأت الرسالة حيث تظهر كلة seen بالإنجليزية إذا تم قرأتها في اسفل الرسالة و لكن لم ارى شيئا من هذا القبيل...و لا حتى اجابة منها، فقلت بذاتي هل قتلت هذه الإمرأة لا سمح الله بهذه المجازر التي تجتاح بعض المحافظات السورية و بقيت هذه الصحفة لتحمل بعض الذكريات عنها؟ هل كل ما تركه الموت ببعض المحافظات بالشام صفحات بعض من أهل سوريا تحتوي على صورهم الباسمة و افراحهم مع أسرهم و احبائهم؟ هل راسلت صفحة مضائة فقط بدوائر كهربائية ستبقى كالنور الوهاج لفترة من الزمن تبث صور التي أسستها و هي تبتسم للحياة التي كانت تشع من عينيها من دون ان يعلم أحد أن الموت قد خطفها، كم صفحة فيس بوك راقدة من دون حراك منذ اندلاع هذه الثورة لتكون كذكريات الألبوم الذي يحتوي لقطات من حياة اصحابها و في حقيقة الأمر قد فارقوا الحياة، تملكني احساس غريب و أنا أمر بهذه التجربة فقد تكون هذه الصفحات ميراث لنا لنتذكرهم قبل وفاتهم حيث مازالت تزين كلماتهم البريئة جدران هذه الصفحات بأفراحها و احزانها...مازالت هذه الصور الباسمة لهم و لأصدقائهم تلمع بوهج الحياة الذي كان يزين بيوتهم و قراهم و احيائهم...كالنجوم بجلد الشام الرحبة اضائوا عتم لياليها و احتموا بنير سمائها المعطاء بالنهار و لكن اثناء الحرب الأهلية خلت سماء الشام من هذه النجوم الوضاءة لنرث نحن منهم فقط صفحات على الفيس بوك تضيئ بضحكاتهم و كلماتهم و صورهم مع محبيهم، تركة خلفتها لنا الحروب لنذرف الدمع على فقدان احبتنا و نجمع دمائهم عن الأرض كمثل الذي يجمع الدرر المنتثورة من التراب لتدفن معهم بقبورهم مع ما تبقى من اجسادهم التي مزقها لهيب القنابل...ايتها الشام صور من فقدتي طيف لحياتهم على الأرض و ذكريات للبهجة التي كانت تزين لياليكِ الساهرة...الى متى يا سوريا...فالأرض صرخت كفى من كثر ما ارتوت من دماء ابناءكِ...
ذرفت الدمع و أنا اطالع صفحة هذه السيدة لفكرة أنني قد أكون اشاهد امامي ما تبقى من حياتها...بعض من الذكريات و الصور، و لا أعلم الى هذه اللحظة مصير اصداقائنا، و لكن أتمتى ان يكونوا بخير، رحم الله شهدائكِ ايتها الشام العزيزة بصرف النظر عن اية انتماءات سياسية، تعبنا تحزبات و اراقة دماء...و أتمنى ان تحل هذه الأزمة عن قريب لكي لا تهلك ما تبقى من الحياة بكِ، أتمنى ان تعود مآذنك لتعانق قبب كنائسكِ المسالمة فكم وجودها بجوار بعض يثلج الصدر كوجود حجر القلب بجوار بعض و خفقانها الذي يملئ الأحياء دفئ و حنان، كم أثلج صدري زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لبعض من المدن التي استردها الجيش السوري و للكنائس التي كانت تحت نير الإضطهاد لأنه يذكرني بفعلته بالآب الحاني على كل اولاده و انسانيتهم بصرف النظر عن دياناتهم فالدين لله و كلنا نعبد الله الخالق الذي خلق السماء و الأرض، يبدأ سفر التكوين بالعهد القديم بالإنجيل "في البدء خلق الله السموات و الأرض" كلام الرب، و في القرآن الكريم تبدء صُوَرُه بالآية بسم الله الرحمن الرحيم "اقراء بإسم ربك الذي خلق..." صدق الله العظيم، اتباع الديانات السماوية يعبدوا خالق واحد، تعبنا و اشتقنا لبسمتكِ الحلوة التي رسمها سلامك في ربوعك العامرة على ثغر الزمن...على وجه قمرك بنوره الدافئ في عتم الليل...اشتقنا لكِ و أتمنى ان تعودِ ايتها الشام العزيزة،        

CONVERSATION

0 comments: