حَدوثَةْ رُعْب مِصْرِيَة...الجزء الأول/ فراس الور

 (حدوثة رعب مصرية” هي قصة من وحي خيال كاتبها، و مشاهدها و احداثها و شخصياتها من عالم الخيال، فأي تطابق بأحداثها مع احداث واقعية و لشخصياتها مع شخصيات على قيد الحياة او متوفية هو من نسيج الصدفة و غير مقصود اطلاقا، و بناءا عليه اقتدا التنويه) 
30/SEPT/2013 – الخميس - القاهرة، 7 صباحا :
وَقَفَتْ عِنْدَ الرَصيفْ المُسَيًج و الذي يَطُلُ على الضِفًة الشَرْقِيَة مِنْ النيلْ، كان هَديرْ الأَمْواجْ الجَبَارَة يَمْلَأْ مَسَامِعْها و يَطْغَى على أَصْواتْ حَرَكَةِ السَيْر مِنْ خَلْفِهَا، ما أَعْظَمَهْ مِنْ نَهْر، النيل الأَزَلي الذي عَانَقَ وُجودُهْ أَقْدَمْ حَضَاراتِ العَالَمْ وَ وَطِئَتْ ضِفًتَيْه أَقْدامْ مَنْ عَمًروا الأَهْرامات بِأَيْديهِم العَارِيَة، و قاموا بِرَصٍ أَحْجَارِهَا الثَقيلَة جَنْبَاً الى جَنْبٍ بِإتْقَانْ وإصْرار لِيُشَيدوا أَكْبَرْ المَبَاني و أَعْظَمَهَا بِتَاريخْ البَشَرِيَة على الإطلاق، فَدَخَلوا التاربخ مِنْ أَوْسَعِ أَبْوابِه لِيُدَوًنَ عَطَائِهِمْ المُمَيَزْ أَعْظَم المُؤَرٍخينَ حَيْثُ كَتَبوا عَنْ صَنيعِ أُمَتِهِمْ العَظيمَة، و لَهَثَ لِسَانْ الرَحًالَةِ الذين مروا بِتِلْكَ البِلادْ بِأَسْفَارِهِمْ و هُمْ يُشَاهِدوا ما تَرَكُوه لَنَا مِنْ رَوائِعْ مِعْمَارِيَة تَنْطِقُ بالجَمَالْ و الإعْجَازْ بالبُنْيَانْ، و ابوالهَوْلِ الذي حَفَروه بِجَبَروتْ مِنْ جَبَلٍ صَخْريٍ ضَخْم شَاهِدْ على أَمْجَاد تِلْكَ الأُمَةِ المُنْجِزَة و التي حَكَمَتِ الأَرْض بِسِيَادَتِهَا و حَضَارَتِها الرائِعَة سِتًةِ الآف عام.
"يا مِصْر يا ماضِي باقِي لا يَغيبْ و حَاضِرْ سَاطِعْ كَالْشَمْسِ لا يَنْضُبْ، كَمْ إشْتَقْتُ إليْكِ واشْتَاقَتْ عَيْنَايْ لِمُلاقَاتِ مُدُنُكِ المَليئَة بالحَيَاةْ، و سَمَائُكِ الزَرْقَاءْ المَبْسوطَةِ بِعَظَمَةٍ فَوْقَ أَرْضِكِ الغَالِيَةِ،" تَوالَتْ أَفْكَارْ الحَنينِ الى الوَطَنْ في ذِهْنِهَا و روحَهَا تَمْتَلِئُ مِنْ جَمَال المَنْظَرْ أَمَامَهَا، و لَكِنْ...أصوات صَفًرات سَيَارَةِ الشُرْطَةِ أَيْقَظَتْها مِنْ خُلْوَتِهَا، لَفًةْ بأَنْظَارِهَا فإذ بِشُرْطِي شَابْ طَويلْ القَامَةِ مَفْتولْ العَضَلات يَقِفْ عِنْدَ سَيَارَتِهَا يُؤَشِرْ اليها قائلاً مِنْ بَعيدْ
"هَلْ أَنْتِ مَالِكَةْ السَيًارَة؟"
هَزًتْ رَأْسَهَا و أَقْبَلَتْ اليه بِقَوامِهَا الطَويلْ مُبْتَسِمَة و قَائِلَة "نَعَمْ."
فَرَدً عليها مُنْتَقِداً "بِتَاريخْ خِدْمَتي ما رَأَيْتُ إصْطِفَافْ بِهَذا الشَكْل المُهْمِلْ. مَنْ عَلًمَكِ القِيَادَة يا أختي؟ الإصْطِفَافْ على طَرَفْ شَارِعٍ رئيسي غَيْر مَسْموحْ."
فأَجَابَتْهُ بِنَبِرَة آمِرَة "و مَنْ أَنْتَ لِتَقولَ لي ما هُوَ مَسْموحْ و غَيْر مَسْموحْ؟!"
و فَجْأَة لَمْ يُسْمَعْ بَيْنَهُمَا إلًا أَصْواتْ المَرْكَبَاتْ و هي مُسْرِعَة على الطَريقْ العَامْ، نَظَرَ إليها بِعُيونِهِ السَوْداءْ و طَلًتِهِ الشَابَة و رَمَقَهَا بِإِسْتِغْرابْ لِبَعْضِ الوَقْت، خَلَعَ قُبًعَتَهُ العَسْكَرِيَة و نَظَرَ اليها بِتَمَعُنٍ أَكْبَرْ مُفَكِراً في ذَاتِهِ "كَمْ أنا غَبِيْ، كان عَلَيْ تَقْييمْ الأُمورْ جيداً، فالمارسيدس التي تَمْتَلِكُهَا حَديثة، و لَكِنًهَا مُخْطِئَة بِإِسْطِفَافِهَا؟" كانت حُلْوَة بِبَشَرَةٍ بَيَاضُهَا كَبَيَاضْ وَرَقْ اليَاسَمينْ الرَقيقْ، و كان شَعْرُهَا الكَسْتَنَائي الطَويلْ الذي يَصِلْ عِنْدَ أَسْفَلِ ظَهْرِهَا يَتَرَاقَصْ يَمْنَتَاً و يَسَاراً في وَجْهِ نَسيمْ الصَبَاحْ العَليلْ، و عُيونَهَا الزَرْقَاءْ تَشِعُ مِنْهَا نَظَراتْ آمرة كَنَظَراتْ المَلِكَاتْ الثَاقِبَة...بل حتى كَانَتْ ذات جَاذِبِيَة لا تَرْحَمْ...لها تَأْثيرْ جَاذِبْ كالمَغْنَاطيسْ لِلْمَعْدَنْ تَجْعَلُكَ تَنْظُرْ اليها لِتَرْتوي مِنْ جَمَالِهَا...جَمَالْ لاسِعْ مِنْ حَلاوَتِهِ، كَانَتْ عِنْدَ طَرَفِ عَيْنِهَا اليمين شَامَة وَحيدة ذاتْ لَوْن بُنِيْ مُمَيًزْ، و كانت تَرْتَدي بِنْطَالاً أَبْيَضْ ضَيِقْ بَعْض الشَيْئ يُبْرِزُ أُنوثَةِ خَصْرِهَا النَحيلْ و قَميصْ أَخْضَرْ مِنْ الحَريرْ الخالص، و كَانَتْ قَدَمَيْهَا مُنْسَابَة بِنُعومَة في حذاء كَعْب عالي أَسْوَدْ نِسَائي مِنْ الجِلْد الطَبيعي يَلْمَعْ تَحْت أَشِعَةِ الشَمْس، 
وبَعْد أُوَيْقَاتٍ عَدًةْ كالسَاعَاتْ عَليهْ جَمَعَ شَجَاعَتُه مِنْ جَديدْ و قال بِنَبْرَةِ صَوْتٍ نَادِمَة و عَرَقْ التَوَتُرْ على جَبينِهْ "أنا آسِفْ سَيِدَتي و لَكِنْ أَلَمْ تَخَافي ان تَأْتي سَيًارَة مِنْ الخَلْف و تَصْدِمْ سَيَارَتُكِ الغَالِيَة؟ سامحيني و لَكِنْ إصْطِفَافُكِ خَاطِئْ."
رَدًتْ عَليهْ بِصَوْت واثِقْ و آمِرْ "انا حُرًة طَليقَة لِأَرْكِنَ مَرْكَبَتي أَيْنَ ما اشَاءْ، فلا تَتَدَخًلْ بي."
غَلَتْ دِمَائَهُ لِأُسْلوبِهَا المُسْتَفِزْ فَأَخْرَجَ دَفْتَرْ المُخَالفَاتْ لِيُحَرِرَ مُخَالَفَةٍ سَائلاً "هَلْ سَتَدْفَعينَ المُخَالَفَة نَقْداً أَمْ سَتَأْتي الى قِسْم مُرورْ الشُرْطَة؟"
ضَحِكَتْ مُسْتَهْزِئَه بالشُرْطِيْ فَنَظَرَ اليها بِغَضَبْ، ثُمَ أَجَابَتْهُ "عِنْدَ أبي أَمْوالاً كَثيرَة فَكَمْ قيمَتُهَا؟"
"مِئَتَيْ جُنيهْ و لَوْ سَمَحْتي انا أَقومْ بِعَمَلي." و تَمْتَمَ في سِرٍهْ "عُمْري ما رَأَيْت إسْتِفزاز كَهَذا."
فَجَاوَبَتْهُ "وأنا عُمْري مَائَةْ و عَشَرَ أَضْعَافْ عُمْرِكْ."
 فَجْأَة أَصْبَحَ القَلَمْ الذي بِيَدِهِ ثَقيلاً جداً، تَسَارَعَتْ دَقًاتْ قَلْبِهِ لِبضْعَةِ ثواني رَيْثَمَا إسْتَوْعَبَ ذِهْنه ما قَدْ جَرَى، "رُبَمَا كان صَوْتي عالي؟" 
إرْتَفَعَتْ أصْوات السيارات المُسْرِعَة مِنْ حَوْلِهِم مِنْ جَديدْ و هُوَ يُحَرِرْ المُخَالَفَة على الوَرَقَة، كَانَتْ يداه تَتَحَرًكْ و لَكِنْ ذِهْنُهْ كان أسيرْ المَوْقِفْ الغَريبْ، عِنْدَ وُصولِهْ الى خَانَةْ الإسْم نَظَرَ اليها فإذ بِعُيونٍ خَضْراءْ تُحْدِقْ بِهِ بِتَمَعُنْ غَريبْ،  قال في ذاته و هُوَ يَرْتَجِفُ مِنْ الخَوْفِ الكَبيرْ"أَلَمْ تَكُنْ عَيْنَيْهَا زَرْقَاءْ مُنْذُ دَقيقَة مِنْ الزَمَنْ؟ صَبًرَني الله"، سَالَ الدَمْعُ مِنْ عَيْنَيْهِ و ارْتَبَكَ قَليلاً ثُمً سَأَلَهَا بِصَوْت ضَعيفْ و مُرْتَجِفْ "اريد إسْمَكِ مِنْ أْرْبَعَتِ مَقَاطِعْ لَوْ سَمَحْتِ؟"
صَرَخَتْ في وَجْهِهْ مُوَبِخَة "وَيْحُكْ يا فتي! الا تَعْرِفْ مَلِكَةْ بِلادِكْ!"
إرْتَجَفَ جَسَدُهْ بِشِدًة مِنْ تَوْبيخِهَا و وَجَدَ نَفْسُهْ يَنْظُرْ الى الهواء الطَلْق، صَرَخَ مِنْ شِدًةِ الرُعْب مُلْتَفِتاً الى يَمينِهِ و يَسَارِهِ "أَيْنَ ذَهَبَتْ! ما الذي يَحْصُلْ!!!" فَلَمْ يَجِدْها، أَسْرَعْ الى السَيًارَة التي كانَتْ مَرْكونَة بِجَانِبِهِ و فَتَحَ أبوابَهَا لِيَجِدْهَا فَارِغَة تماماً، أَسْرَعَ الى ضِفًةِ النيل و دَقَاتْ قَلْبِهِ تَتَسَارَعْ لِيَجِدْ سَطْح النيلْ مُسْتَقِرْ و أمواجُهْ هَادِئَة كَعَادَتِهَا.
"لَمْ أُجَنْ بَعْد!" صَرَخَتْ أَفْكَارُهْ بِقُوَةٍ، ذَهَبَ الى السَيَارَة مِنْ جَديدْ مَفْزوعاً و بَحَثَ بها الى أَنْ وَجَدَ رُخْصَتِهَا. كَانَتْ مُسَجًلَة بِإِسْم مِرْفَتْ بولصْ السِلِحْدارْ، عَادَ مُسْرِعَاً الى سَيًارَتِهِ لِيُبَلِغَ المَكْتَبْ بالحَادِثَة فَجَلَسَ على كُرْسِيْ السَائِقْ و إلْتَقَطَ الراديو، و لَكِنَهُ تَوَقًفَ فجأة...، نَظَرَ أَمَامَهُ فَتَجَمًدَتْ الدِمَاءْ في عُروقِهِ مِنْ الرُعْب، كان مَنْظَرُهَا و هي تَصْعَدْ في المارسيدس تَقْشَعِرْ لَهُ الأَبْدانْ، َخَرَج مِنْ سَيًارَة الشُرْطَة و وَقَفَ في ذُهولْ تام لِثَوانٍ رَيْثَمَا ضَاعَتْ السَيَارَة بَيْنَ السَيَارات المُنْطَلِقَة في الشَارِع...
الزَمَالِكْ، شَارِعْ الدُموعْ، فيلا بُولُسْ السِلِحْدار، 7:30 صَباحاً :
جَلَسَتْ مِرْفَتْ بِصَمْت على مَائِدَةْ الإفْطَارْ الحَافِلَة بالطَعَامْ تَنْظُرْ الى والِدَتِهَا و والِدِهَا، كَانَتْ الأَجْواءْ المَشْحونَة الإعْتِيَادِيَة سَائِدَة بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَتَفَوًهْ أَحَدُهُمَا بِكَلِمَة للآخَرْ، إكْتَفَيَا بِإِحْتِسَاءْ القَهْوَةِ الصَبَاحِيَة مَعْ المُرَبَى و الزُبْدَة و النَظَرْ إليْهَا بَيْنَ الوَهْلَةِ و الأُخْرَى هَرَبَاً مِنْ النَظَرْ الى بَعْضِهِمَا البَعْض، فَكَانْ بولص والِدُهَا جَالِسَاً على رأس الطَاوِلَة المُلوكِيَة ذاتْ الإثنى عَشَرَ كُرْسِي التي كَانَتْ تَتَوَسًطْ صَالَة الطَعَامْ و والِدَتُهَا جَاكْلينْ على الطَرَفْ مُقَابِلُهَا.   
أَمَا هِيَ فَوَقَفَتْ بِرِفْق و سَكَبَتْ في طَبَقِهَا بَعْض الفول الدافئ و أَغْرَقَتْهُ بِزَيْت الزيتون البَلَدي. ثُمَ تَنَاوَلَتْ رَشْفَة سَاخِنَة مِنْ القَهْوَة و تَبِعَتْهَا بِلُقَمْ الفول الذيذة،
قَاطَعَةْ والِدَتُهَا الصَمْت المُريبْ المُخَيِمْ على مَائِدَةْ الإفْطَارْ و قَالَتْ مُعَلِقَة و هي تَهُزُ يَدَيْهَا بالهواء بِإِسْتِيَاءْ"آه يا ناري، لَوْ لَمْ تَكونِي وارِثَة لِذَوْق والِدُكِ البَلَدِيْ، قَهْوَة أمْريكِيَة و فول بالزَيْت البَلَدي يا بِنْت جاكلين السِلِحْدار،"
ضَرَبَ بولص يَداهُ على الطَاوِلَة مُحْدِثاً رَجًةً بها و صَرَخَ "و ماذا سَيَحْدُثْ لَوْ تَنَاوَلَتْ مِرْفَتْ الفول و القَهْوَة معاً، هَلْ سَيَجْتَمِعُ مَجْلِسْ الأَمْن في الأُمَمْ المُتَحِدَة و يُشَرِعُ قَرارْ إدانَةْ لِمَنْزِلْ بولص السِلِحْدار؟"
فَجَاوَبَتْ جَاكْلينْ مُسْتَهْزِئَة "واللهِ لَوْ عَرَفوا الأمْريكَانْ أَنً قَهْوَتَهُمْ سَتُشْرَبْ مَعْ الفول لأُصيبوا بِصَرَعْ."
"واللهِ انا خَائِفْ أنْ يُصيبُني صَرَعْ بَعْد ثَمَانِيَةْ و ثَلاثينَ سَنَة مِنْ الزواج بِكِ، أَجْهِزَةْ المُقَاوَمَة لَدَيْ لَمْ تَعُدْ تَتَحَمًلْ،"
"يَجِبْ أَنْ تَشْعُرْ بِفَخْر أَنًكَ مُرْتَبِطْ بي، طُولْ و جَمَالْ و شَعْر أَشْقَرْ و بَشَرَة بَيْضَاءْ و عُيونْ خَضْراء و بِكُلْ فَخْر حاصِلَة على دُكْتوراة عُلومْ الأَثَارْ مِنْ جَامِعَة هارفرد..."
نَظَرَ بولُصْ الى مِرْفَتْ و الغَضَبْ يَشِعُ مِنْ عَيْنَيْه السوداء و قال "في كُلِ مَرًة نَتَشَاجَرْ تُسْمِعُني نَفْس الإسْطِوانَة."
رَدًةْ مِرْفَتْ مُتَرَجِيَة"أَرْجُوكْ يا ابي، إهْدَءْ، أُريدُ أَنْ أَذْهَبْ الى عَمَلي و أَنا مُطْمَئِنًة عَلَيْكُمَا." نَظَرَتْ مِرْفَتْ الى أُمِهَا و إسْتَعْطَفَتْهَا بِنَظْرَة حَنونَة. "امي إنْسِي اي شِجَار الان او سَأُصَابْ بِعُسْر هَضْم."
أَمْسَكَ بولُصْ صَحيفَة "الأَخْبَارْ اليَوْمِيَة" التي كَانَتْ أَمَامَهُ و قال بِصَوْتٍ مُنْخَفِضْ لَكِنْ مَسْموعْ قليلاً "هُنَالِكَ مَنْ يُعَاني مِنْهُ يَومِياً."
نَظَرَتْ جَاكْلينْ الى مِرْفَتْ و قَالَتْ مُعَلِقَة "هَلْ يُعْجِبُكِ هذا؟"
تَنَاوَلَتْ مِرْفَتْ الخُبْز و غَمًسَتْ بِهِ الُلقَمْ البَاقِيَة في طَبَقِهَا و تَنَاوَلَتْهُمْ ثُمَ مَسَحتْ يَدَيْهَا بالوَرَقِ المُعَطًرْ قَائِلَة، "يَجِبْ أَنْ أَذْهَبْ الآن،" إلْتَقَطَتْ حَقيبَتُهَا و هَمًةْ مُسْرِعَة لِتَسْتَوْقِفَهَا تَسَاؤلاتْ اُمِهَا لِبُرْهَةٍ مِنْ الزَمَن. 
"في كُلِ يَوْم تَتَنَاوَلينْ الإفْطَارْ على مَهْل لأَنً المُتْحَفْ قَريبْ، فَلِمَاذا الإسْتِعْجَالْ اليَومْ؟ إجْلِسِي و أَكْمِلي الإفْطَارْ."
أَجَابَتْ بِشَغَفْ، "سَيَجْلِبونْ اليَومْ قِطَعْ أَثَرِيَة إِكْتُشِفَتْ مُنذُ سِتَةِ أَشْهُرْ للأُسْرَة التَاسِعَة عَشَر و مِنْ ضِمْنِهَا مُومْيَاءْ لِلْمَلِكَة سِخْمِتْ واحِدَة مِنْ زَوْجَاتْ رامْسيسْ الثاني، فَيَجِبْ أنْ أُشْرِفْ على هَذِهِ العَمَلِيَة بِنَفْسي إحْتِراماً لِلْجُثْمَانْ و مَكَانَتِهِ المُلوكِيَة."
نَظَرَتْ جَاكْلينْ الى زَوْجِهَا الذي كَانَ يَقْرأ الصَحيفَة بِتَمَعُنْ و نَظَراتْ الإنْتِصَارْ بَادِيَة على وَجْهِهَا و عَلًقَتْ بِنَبْرَة مُتَكَبِرَة "عَالِمَةْ أَثَارْ ذَكِيَة مِثْل أُمُكْ."
فَنَظَرَ بولص بِطَرَفِ عَيْنَيْه الى مِرْفَتْ و رَدً بِحَزْم "و لَكِنْ لا تُسَبِبي الجَلْطَةْ لِزُوْجُكِ مِثْل أُمُكِ"
نَهَضَتْ جَاكْلين مِنْ مَكَانِهَا و عَلامَات الغَضَبْ مَرْسومَة على وَجْهِهَا قَائِلَة "هَلْ أُقِلُكِ في طَريقي الى المُتْحَفْ العَام؟"
رَدًتْ مِرْفَتْ مُتَسَائِلَة "سَيَارَتي مَوْجودَة،"
نَظَرَ بولُصْ بِإِسْتِغْرابْ و قال مُذَكِراً مِرْفَتْ "هَلْ نَسيتي، طَلَبْتِ مِنْ حَسَنينْ الحَارِسْ نَقْلُهَا الى الشَرِكَة لِلْصِيَانَة الدَوْرِيَة،"
ضَرَبَتْ مِرْفَتْ جَبينِهَا ب بِكَفِهَا و قَالَتْ "تَذَكَرْتُ، يَبْدو أَنًني أُعَاني مِنْ نَقْص فيتامين  ب12،"
فَقَالَتْ جَاكْلينْ "كَفْ اللهُ الشَرً عَنْكِ يا بُنَيًتي،"
فَأَيًدَ بولُصْ دُعَاءْ زَوْجَتِهِ و قَالَ "آمين و عُقْبَى لِأُمُكِ،"
أَمَرَتْ جَاكْلينْ إبْنَتَهَا بِعَصَبِيَة كَبيرَة مُمْسِكَة حَقيبَتَهَا اليَدَوِيَة "هيا يا مِرْفَتْ!!!"
سَارَتا جَاكْلينْ و مِرْفَتْ بالصَالَة الرَئيسِيَة الكَبيرَة لِلْفيلا و التي كَانَ يَمْلأُهَا أثاث حَفْرٍ بُني أَنيقْ مَصْنوعْ على غِرارْ جيل المَلِكْ لويس السَادِسْ عَشَرْ و إتًجَهَتَا الى البَابْ الرئيسي، و لَكِنْ قَبْل أَنْ تَصِلا فاجَأَهُمْ جَرَسُ الهَاتِفْ، فَعَادَتْ جَاكْلينْ الى طَقْمٍ مِنْ أَطْقُمْ الجُلوسْ المُوَزَعينْ بِتَرْتيبْ جَميلْ داخِلْ الصَالَةِ الواسِعَة و الذي كَانَ بِقُرْب المَدْخَلْ و هي تَسْأَلْ بِصَوْت مَسْموعْ "مَنْ سَيَتًصِلْ بِنَا باكراً؟"
"آلو"
فَرَدَ رَجُلْ قَائِلاً بِنَبْرَة رَسْمِيَة "مَنْزِلْ بولُصْ باشا السِلِحْدارْ"
"نَعَمْ، مَنْ المُتَكَلِمْ؟"
"هُنَا قِسْم شُرْطَةْ الزَمَالِكْ"
شَعَرَتْ جَاكْلينْ بِتَوَتُرْ لِأَنًهُ كانَتْ أَوًلْ مَرًةٍ على الإطْلاقْ يَتًصِلْ بِهَا مَرْكَزْ شُرْطَةْ، و بَعْدَ تَرَدُدْ دامَ بِضْعَة ثوان أَجَابَتْ "تَفَضَلْ،"
“هُنَالِكَ سَيَارَة مَسْروقَة لَدَيْنَا مُرَخَصًةْ بِإِسْم مِرْفَتْ بولُصْ مينا السِلِحْدار"...يتبع

CONVERSATION

0 comments: