مقدودةٌ من بكاءٍ خفيٍّ/ نمر سعدي


خُلاسيَّةٌ مثلُ وردةِ آسٍ

رُخاميَّةٌ مثلُ بابِ السماءِ

حليبيَّةٌ كالغيومِ الصغيرةِ أو كالطفولةِ

ناصعةٌ كدماءِ القصيدةِ

واثقةٌ من أُنوثتها

من دموعي التي غَسلَتها

كما يغسلُ البحرُ شمسَ الخريفِ

رصاصيَّةُ الضَحِكِ المشتهى

وبدائيَّةُ الحبِّ والمنتهى

حينَ تلمَسُ كفَّ الترابِ

وتمسحُ صلصالَ قلبي

بلا رهبةٍ أو صقيعٍ يحفُّ خطى مائها

يركضُ النهرُ في دمها

يركضُ الشبَقُ الحرُّ

والندَمُ المرُّ

في لُجَّةِ البرقِ من رُكبتَيْ قَمرٍ أُنثويٍّ

وفي خرَزِ الظَهْرِ والشِعرِ منِّي



مُسيَّجةٌ بشظايا يقيني وظنِّي

خُلاسيَّةٌ مثلُ نهرِ البكاءِ الذي ضاعَ في جسدي

حينَ خلَّفتُ أندلسَ الروحِ في الليلِ وحدي

تذوبُ ابتسامتُها في يدي كابتسامةِ لوركا

التي يبسَتْ في مهبِّ النجومِ

على قلبِ زيتونةٍ تُتقنُ العربيَّةَ والحزنَ

منذُ ملوكِ الطوائفِ...



مائيَّةٌ في هبوبِ طيورِ الرمالِ على شفتيَّ

وموشومةٌ بالفراشاتِ في أسفلِ الظَهْرِ

تبكي بغيرِ دموعٍ

كأنَّ الدموعَ التي تتوالدُ في مقلتيها هوائيَّةٌ

كالغيومِ الفقيرةِ

أو أنَّها لا تُفسَّرُ إلاَّ بعطرِ العذابِ المقدَّسِ...



ناريَّةٌ تحملُ الشمسَ في قلبها مثلَ حبَّةِ قمحٍ

ولكنها لا تهادنُ ماءَ الرخامِ الطريِّ

الذي حَبسَتهُ الأُنوثةُ في قلبها

لا تهادنُ ما ظلَّ من ذئبها

في دمي المتنصِّلِ من دمِها

وهو يـبزغُ من سمَكٍ هائجٍ

يتقافزُ مثلَ الطيورِ الصغيرةِ في ثوبها

هيَ من ذهَبٍ وادعٍ

من رياحٍ طقوسيَّةٍ

من نهاراتِ أورَ ومن نينَوَى

من سماءِ الحنينِ إلى اللا مكانِ وعطرِ بخارى

وأمطار دلفي ورائحةِ العنفوانِ

وأمجادِ روما وممفيسَ

مقدودةٌ من بكاءٍ خفيٍّ

على ألفِ أندلسٍ ضائعةْ


هيَ ما يتساقطُ من لهفتي

في الطريقِ إلى جنَّةِ البيتِ

أيقونةٌ فوقَ صدرِ الفضاءِ

هواءٌ مُضاءٌ بأوجاعهِ

قمرٌ ليِّنٌ

شرفةُ الإثمِ

مقصلةُ الأقحوانِ

إنتباهُ القصيدةِ من حُلمِها وفظاظةِ كابوسِها

لغةٌ من حريرٍ ومن فضَّةٍ كحليبِ العنَبْ

شهوةٌ من بياضِ الذهَبْ

جسَدٌ ناصعٌ كالأهلَّةِ لكنَّهُ من رُطَبْ.
تمَّوز 2011

CONVERSATION

0 comments: