وصولية نظام ولاية الفقيه تجاوزت ميكافيلي بكثير/ العلامة السيد محمد علي الحسيني

طوال أكثر من ثلاثة عقود, حرص نظام ولاية الفقيه على إظهار نفسه بمظهر النظام المبدئي الملتزم أفكارا وتوجهات وقيما لا يمكن أن يحيد او ينحرف عنها أبدا, ولا يجب أن ننسى انه صنف الدول والانظمة السياسية في المنطقة وفق رؤيته الخاصة, فزعم ان معظم الدول والانظمة في المنطقة يتحكم بها ما اسماه “الاسلام الاميركي” او “المزيف”, فيما إدعى بأنه يمثل”الاسلام المحمدي الاصيل”.
لسنا من الذين يميلون الى القول أنه قبل مجيئ نظام ولاية الفقيه كانت الامور كلها في دول المنطقة على أحسن مايرام, و لم تكن هناك مشكلات ومصاعب ومعضلات, ولم يكن هناك تقصير او غبن بحق الكثير من الشرائح والطوائف الدينية و الاجتماعية, لكننا في الوقت نفسه نريد أن نعلن بكل وضوح أن الاوضاع كلها, بحلوها ومرها, ما كان سلبيا وما كان إيجابيا, كانت أفضل بكثير من الاوضاع السائدة حاليا بأضعاف مضاعفة, بل يمكننا القول ان لا مجال للمقارنة بينها, فكل شيء سار ويسير نحو الاسوأ منذ مجئ هذا النظام, فما هو السر في ذلك؟
ليس المهم في أن تقود عملية تغيير وإصلاح وانما المهم هو ما سينجم عن تلك العملية من محصلات و نتائج نهائية, فالنظام الايراني الذي إنتقد وينتقد دائما الاوضاع السابقة ويطلق عليها شتى النعوت و الاوصاف, يتجاهل او يتحاشى الاجابة عن أسئلة كثيرة في السبب او الاسباب الحقيقية التي قادت الاوضاع وفي المنطقة الى هذا المنعطف الخطير, بل والانكى من ذلك انه يسعى الى تبرئة نفسه من كل الاسباب والتبعات التي أوصلت الامور الى ما نحن عليه ويؤكد في وسائل إعلامه وأدبياته إتهام جهات وأطراف أخرى بذلك, أي انه يبرر الامور بنظرية المؤامرة!
نظام ولاية الفقيه الذي يتشدق, ليل نهار, في وسائل إعلامه بأنه نصير للشيعة في المنطقة والعالم, وعندما نراجع وندقق في ما قدمه حقا للشيعة العرب الذين يوحي في وسائل إعلامه بمظلوميتهم والغبن الذي لحق بهم, وانه قد جاء لنصرتهم وإنصافهم, فاننا نسأل وندعو كل لبيب معنا للتمعن والتفكير مليا في سؤالنا: هل ان الشيعة العرب قد قتل وصفي منهم خلال سبعة عقود قبل ظهور نظام ولاية الفقيه ما قتل و صفي منهم خلال ثلاثة عقود من بعد مجيئه الى دست الحكم؟
مراجعة متأنية لتدخلات نظام ولاية الفقيه في لبنان وسورية والعراق واليمن والبحرين والسعودية, تظهر بوضوح, ومن دون أي شك ان هذا النظام قد اتبع مختلف الطرق والاساليب وبصيغ شتى من أجل أن يمسك بزمام الامور في هذه البلدان, او على الاقل لكي يدفع بسياق الامور والاوضاع بالاتجاهات التي تخدم مصالحه, وأجندته وأهدافه في المنطقة, والاغرب والاكثر إثارة من كل ذلك, انه لم يشق وحدة صف العديد من شعوب المنطقة فقط, بل شق أيضا وحدة الصف الشيعي نفسه عندما صنف الشيعة العرب على أساس درجة الولاء له, وبموجب ذلك فإن الشيعة العرب الذين يحرصون على مسافة بينهم وبين هذا النظام, يعتبرون عملاء و مأجورين و مشبوهين, فالمقياس والمعيار لبيان خلوص ومصداقية أي شيعي هي درجة ولائه لنظام ولاية الفقيه وليس الايمان او التقوى!
تدخلات نظام ولاية الفقيه عبر عملائه, وحتى ضباطه من الحرس الثوري في الشؤون الداخلية لسورية والعراق, تسير كلها بإتجاه توظيف الامور كلها وجعلها في خدمة أهدافه ومخططاته, وقد وصلت الوصولية و الانتهازية بهذا النظام الى الدرجة التي ينقل فيها عن أحد قادة “فيلق القدس” انه قال:”القائد قاسم سليماني قال للاخوان العراقيين في إيران ان عدونا المشترك هو أميركا و”الائتلاف” وعلينا أن لا ننحرف, ولايمثل “داعش” تهديدا لنا ونحن لن ندخل أبدا في الصراع مع” داعش”".
هنا نود أن نلفت الأنظار الى الاعوام الماضية عندما كان النظام الايراني يزعم فيها خلافه وصراعه مع تنظيم القاعدة, لكن كان هناك في طهران قادة ل¯”القاعدة” ومن ضمنهم من عائلة اسامة بن لادن نفسه.
مسك الختام, ما الذي قدمه و يقدمه نظام ولاية الفقيه للإسلام بعامة و للشيعة بخاصة غير المشكلات والازمات والصراعات المشتعلة, وهل ان الاوضاع القلقة والحرجة الحالية قد جلبت الخير و الطمأنينة و الامن والاستقرار للجميع؟ قال الامام علي بن أبي طالب”عليه السلام”: نوم على يقين خير من صلاة في شك”, واللبيب بالاشارة يفهم!
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.

CONVERSATION

0 comments: