انتفاضة فلسطينية جديدة في الأفق/ د. زهير الخويلدي

اشتعلت الاحتجاجات في فلسطين المحتلة بعد استشهاد الشاب محمد أبي خضير على أبواب دير ياسين نتيجة جريمة ارتكبتها عائلة من المستوطنين وتعامل أرعن وغير إنساني من قبل الآلة الأمنية الصهيونية مع الأطفال المنتفض وانفلات لغة الكراهية والتشفي. لقد كانت هذه الحادثة المدانة القطرة التي أفاضت الكأس والقشة التي أشعلت لهيب الانتفاضة وأرجعت للنضال الجماهيري معناه وعاد ملف القضية من جديد إلى رأس الاهتمامات وتناقلت وسائل الإعلام الدولية أخبار وصور المواجهات بين الفلسطينيين العزل وجيش الاحتلال المدجج بأحدث الأسلحة والتقنيات والمدعوم من قبل دوائر القرار المعولم.

لقد جاءت الاستفاقة الحاسمة من قبل الشباب الفلسطيني في زمن صعب يمر به العرب وفي أيام تيه وضلال شهدت حالة من التفكك الجذري للأنظمة والابتعاد الكلي للبوصلة الثورية عن الثوابت الوطنية وعن الحقوق التاريخية  للأمة في التحرر من الاستعمار ودحر الاستيطان. لقد كانت الانتفاضة أملا منبعثا من الرماد والنور الساطع من وسط الظلام لكي تدعم الجبهة المقاومة للظلم والمدافعة عن الأرض.

لقد عم الغضب الساطع سكان الضفة الغربية وقطاع غزة ووصلت شرارته إلى فلسطينيي الخارج وعمت المظاهرات العواصم الغربية وظهرت بوادر المساندة والتأييد للفلسطينيين من هيئات المجتمع المدني العالمي ومن الجمعيات المناهضة للعنف والتمييز. في الواقع لم تكن الاحتجاجات مجرد ردود أفعال معزولة ويائسة وإنما هبة شاملة وعمل جماعي مشترك ترجم نفاذ صبر جيل جديد من العجز السياسي نتيجة الانقسام بين الفصائل وعبر عن عزم واعد مقررا المواجهة السلمية مع حال الخوف والارتباك.

ان القصف الصاروخي الذي تتعرض له غزة الأبية وسقوط المزيد من الشهداء الأبرياء وتخليف الكثير من الجرحى والمشردين وهدم البيوت وتشديد الحصار على المناطق السكنية وتكثيف الاعتقالات لن يزيد الفلسطينيين إلا تلاحما وإصرارا وقصد المضي قدما في سبيل المصالحة والتوحد وإعادة ترتيب البيت الداخلي من أجل مواصلة مشروع التحرير والتغيير بتوخي استراتيجية المقاومة ونهج الممانعة الوطنية.

لقد تم إهمال القضية الفلسطينية باسم الربيع العربي وفضل البعض المصلحة القطرية للأوطان على حساب المصلحة القومية ولكن نحن نرى الوعي يدب في وجدان الطبقة الناشئة وتمسك الشبيبة من جديد زمام المبادرة على الأرض ويحركون السواكن ويحطمون جدار الصمت المضروب حول حقوقهم .

فهل تنهي الانتفاضة الجديدة في فلسطين نزعات التحارب بين المذاهب والطوائف في الجماعة العربية؟

كاتب فلسفي 

CONVERSATION

0 comments: